العرض المسرحي «إنسان» احتجاج صامت على الوجع السوري
09 أيار 2013
.
استطاع عرض «إنسان» الذي افتتح عروضه يوم الاثنين 6 أيار 2013 على مسرح الحمراء بدمشق أن يجسد الهدف الذي يربو إليه الرقص التعبيري بشكل عام من خلال إبهار الجسد وليس حس الجسد فحسب.
وهو وسيلة ربط الجسد بالروح والتعبير عن المشاعر النابعة منها باستخدام لغة الجسد. حيث أن هذا الفن الحضاري هو تحريك أعضاء الجسد بأسلوب متناغم مع الموسيقا يأتي من أعماق الروح لتوحي إلى ما تريد، وانطلاقاً من هذا أكد المؤلف والمخرج نورس برو بإبداعه بأن للغة الجسد دوره في إيصال ما يجري بوطننا إلى المتلقي بدون الرمزية المعقدة والضبابية، وذلك من المشهد الأول حيث يجسد الواقع السوري كما يريد هو، وفي المشاهد التالية يرفض الموت الذي يلف حولنا جميعاً بدون استثناء عبر لوحات «سورية، الموت، أشباه الإنسان» صممها الفنان جمال تركماني الذي يلعب شخصية الموت المحورية في العرض، ولوحات أخرى «صراع على الجدار، رقص صامت على إيقاع الإعلام، بقاء، المناجاة»، صممتها الفنانة إيمان الكيالي التي تؤدي في الوقت ذاته دور سورية بتقنية راقية في العرض.
في العرض المسرحي الراقص «إنسان» الذي تنتجه مديرية المسارح والموسيقا كان للفلكلور السوري الملون نصيب أيضاً، انطلاقاً من مبدأ الرقص يعبر عن حضارات الشعوب وهو وسيلة للتعرف إلى تراثها وفنها، وأن الجسد يمثل رؤية إنسانية لحالات الحزن والفرح. وهو الجانب الآخر من الحياة ، ويمثل ثقافة جسدية بامتياز. ما يريد هذا العرض قوله بشكل عام هو ذلك الموت الذي يدور حولنا جميعاً والطريقة الوحيدة لتجنيبه يكمن في وحدتنا والوقوف يداً واحداً بوجهه لنصون أنفسنا ووطننا من الدمار والقتل البشعين الآتين من أعداء سورية هذا البلد الذي عاش حياة مدنية حضارية، ولابد لها أن تعيش ذلك.
وفي لقاء مع «اكتشف سورية» يصف المخرج نورس برّو العمل قائلاً: «هنا وأخرى هناك، يد .. قدم .. رأس .. وربما بعض الأصابع .. دمية ملقية على الأرض وبجانبها شال أبيض يدل على وجود أم كانت بجوار أبنتها الصغيرة يوماً، يرحل الجميع ولا تبق إلا الذاكرة، ذاكرتي التي تنادي أنا إنسان في الحرب، أمام الحب والموت، فضلاً عن قليل من الخيال والإبداع والارتجال».
وقال أيضاً: «عمل (إنسان) هو عمل مسرحي راقص، يتحدث عن إنسان في سورية يجد نفسه فجأة وسط أحداث جديدة، أثرت على مختلف منعطفات حياته المعيشية والإجتماعية والأمنية...، هذا الإنسان بغض النظر عن إنتماءه يخاف على كل من حوله، على أولاده وجيرانه وأصدقائه وأهله، وحتى على منزله الذي بناه خلال مسيرة حياته بجهده وعرقه. نعبر عن هذه الأشياء بلغة الجسد ولكن باسلوب أقرب إلى الواقعية».
وأنهى حديثه قائلاً: «ما يهمنا ان يجد المتلقي ذاته في هذا العمل، وأعتقد سيكون كذلك.
ومن جانبه يقول الفنان جمال تركماني: العرض هو الجانب الآخر من الإنسان، عن الإنسان داخل الإنسان، وحياة هذا الكائن التي تستوجب الإجلال والاحترام، وهل تبقى تلك الحياة وما مرت به في الذاكرة ؟ هل تمحوها الأيام ؟ هل أنسى يوماً أني ومن بين الركام , أني انتشلت تلك الدمية ولففتها بذاك الشال ؟، أمام الحب والموت».
وتابع قائلاً: «(إنسان)عرض مسرحي راقص يسلسل ما مرت به سورية من أحداث خلال العامين الماضيين إنطلاقا من إحساس الانسان السوري البسيط والعادي والذي وجد نفسه فجأة وسط صراعات وإختلاجات نفسية مختلفة منها ما هو السياسي ومنها ما هو المعيشي والمصيري, إحساسات تكون في بعض الأحيان مترابطة وفي أحيان أخرى متنافرة. من خلال فكرة خرجت من الشارع السوري، وكل ما يجري فيه الآن. عرض (إنسان) يحاكي واقعنا الحالي من وجهة نظر إنسانية بحتة، مشاكله وأوجاعه حين وجد نفسه داخل حرب يواجهه كونه سوري فحسب».
وأنهى حديثه قائلاً: «واجهنا العديد من المشاكل حتى نكون اليوم على الخشبة وخاصة في التنقل وجمع فريق العمل، ولكن لعبت مديرية المسارح والموسيقا دور كبير في تجنب العديد من المشاكل الأخرى وعملت بكل جهدها لإنجاز العرض، ومن خلالكم أتوجه لها بكل الشكر والامنتنان».
عرض إنسان من تأليف وإخراج نورس برو، تصميم رقصات إيمان كيالي و جمال تركماني، أداء بالإضافة إلى المصممين هناك ديانا درويش، مدحت الدعبل، سجى الآغا، أحمد جودة، محمد كمحة، وديع خوري، موفق الدعبل، جواد حمزة، طه الكود، سعيد عقاد، ياسمين نجار، فراس المصري، محمد ديب، مريم داوود، لينا قطيط، مروة العيد، ديكور وسام صبح.
إضاءة: بسام حميدي، أزياء: لامي كيالي، إكسسوار: باسمة حسن، ماكياج: هناء برماوي، مساعد: مخرج محمد الكفري.
إدريس مراد - دمشق
اكتشف سورية
من عرض إنسان على مسرح الحمراء بدمشق |
من عرض إنسان على مسرح الحمراء بدمشق |
من عرض إنسان على مسرح الحمراء بدمشق |