ليتني حجر.. مشروع تخرج السنة الرابعة قسم الرقص على مسرح سعدالله ونوس
23 حزيران 2014
.
ليتني حجر
لا أَحنُّ الى أيِّ شيءٍ
فلا أَمسِ يمضي، ولا الغَدُ يأتي
ولا حاضري يتقدمُ أو يتراجعُ
لا شيء يحدث لي!
ليتني حجرٌ – قلتُ – يا ليتني
حجرٌ ما ليصقُلَني الماءُ
أخضرُّ، أصفرُّ... أُوضَعُ في حُجْرةٍ
مثل منحوتةٍ، أو تمارينَ في النحت...
أو مادةً لانبثاق الضروريِّ
من عبث اللاضروريِّ...
يا ليتني حجرٌ
كي أَحنَّ إلى أيِّ شيء
من هذه القصيدة وبالعنوان ذاته «ليتني حجر» انبثق مشروع تخرج السنة الرابعة قسم الرقص بعد أن حولتها الفنانة نورا مراد رئيسة قسم الرقص في المعهد العالي للفنون المسرحية بدمشق والفنانة حور ملص التي صممت العمل وأشرفت عليه إلى نص مسرحي راقص، ليجسد حياة ثلاثة أشخاص خلال الأزمة.
استطاع طاقم العرض أن يعمل وفق جو نفسي بإيجاد مسافة جمالية تحبس أنفاس الجمهور، حيث أمتلك الراقصون مهارة التوافق والتناغم مابين الجسد والقصيدة المستوحاة منها النص، كما توافقت إيماءات الجسد مع إيقاع الصوتي الموسيقي والعناصر المسرحية الأخرى، وهكذا اجتمعت كامل أدوات العرض لتشكل وحدة نفسية إيقاعية ألفت في المحصلة ما يعرف بقاعدة الاتصال الإيمائي الداخلي الناتجة عن الحركات المتقنة للممثلين.
وصل العرض في بعض الأحيان إلى وضوح في القصد وبيان للدلالة المعبرة عنه، نتيجة براعة المنفذين وحركاتهم المدروسة والمدعمة بالعناصر الأخرى. وفي بعض الأحيان أتجه العرض إلى الرمزية؛ وهذا ليس بغريب عن عروض الرقص التعبيري حيث يتحدث الجسد بدون أن ينطق الممثل بأي كلمة، وهنا تكمن صعوبة إيصال الفكرة، التي تعتمد الإشارات والحركات ورشاقة الجسد وليونته، واستطاع العرض عموماً أن يجذب المتلقي ويفرض عليهم الصمت والإصغاء بتلك الحركات الصامتة ويتابع أفعال الشخصيات باهتمام شديد وذلك بفضل الحركات الدقيقة للحياة المتخيلة والتي حولها المُشاهد إلى واقع ملموس بمشاركته وتفاعله مع العروض.
مع اكتشف سورية
حضر اكتشف سورية بتاريخ 20 حزيران 2014 العرض الراقص «ليتني حجر» بمسرح سعدالله ونوس في المعهد العالي للفنون المسرحية والتقى بعض من طاقم العمل والبداية كانت مع الفنانة مها الأطرش حيث قالت: «عرض "ليتني حجر" لمحمود درويش، بالنسبة لي كانت تجربة مختلفة جداً بالمعهد العالي للفنون المسرحية - قسم الرقص، يتحدث العرض عن بداية الحرب الكونية على سورية منذ ثلاث سنوات ليومنا هذا، وحاولنا من خلال تقنيات المسرح والتعبير الجسدي أن نجسد الواقع على الخشبة عبر المواقف والظروف التي يمر بها كل شخص منا».
وأضافت: «تختلف التساؤلات والحالات لكل شخص في العرض، يعبر كل شخص عن ردات فعله وظروفه وحالاته وعن موقعه في المكان وبالتالي في البلد، ومن خلال العرض نتعرف على البعض، نتحدث عن مشاكلنا وخلافنا ونبحث عن تقاطعات وحلول».
أنهت الأطرش حديثها قائلة: «رسالتنا في هذا العرض يكمن بأننا الثلاث نشبه بعضنا مشاكلنا واحدة وظروفنا واحدة ولكن ينبغي أن يبدأ كل واحد من ذاته ليقترب من الآخر ونصنع أملاً آت لا محال، واستطعت كمشاركة في العرض أن أعبر عن مشاعري وأحاسيسي وكل شيء لا استطيع التعبير عنه بالكلام، عبرت عنه من خلال لغة الجسد وعلى خشبة المسرح».
وبدورها قالت الفنانة حور ملص مصممة والمشرفة في العمل: «في بداية الأمر شكلنا جلسات طويلة، أنا والأستاذة نورا مراد وسعيد الأحمر، فككنا القصيدة "ليتني حجر" واستخرجنا منها عناصر الرئيسية التي رأيناها إنها جوهر القصيدة وفي الوقت ذاته ما أراد إيصاله الكبير محمود درويش، ومنها انطلقنا وذلك بمشاركة الراقصين أيضاً، بطريقة نستطيع فيها تحويل الكلمات إلى الحركة، بدأنا بالكلمات وماذا تعني لكل واحد على حداه ومن ثم تحويلها إلى جمل راقصة».
وأضافت: «أظن بأننا وفقنا بإيصال ما نربو إليه من خلال الرقص المعاصر الذي يعطي للمتلقي حرية الدلالات ويرى العرض كما يريد، هناك من رأى ارتباط وثيق مابين العمل والقصيدة وهناك من رآه بعيدة عنها، والمهم في العمل بأنه خرج آراء الراقصين أو حالتهم وقصتهم بداخل هذا العمل والمرجع الأساسي كان القصيدة».
وأنهت ملص حديثها قائلة: «العرض عموماً تجسد مسائل تشبهنا كبشر وكسوريين، له علاقة بالحرية وروح الجماعة، وأستطيع القول بأننا تحدثنا عن أشخاص يعيشون الأزمة، وليست الأزمة بحد ذاتها».
أما الفنانة نورا مراد مشرفة درامية على العمل قالت: «صنع الطلاب قفزة نوعية في تنفيذ هذا العمل، على صعيد التقني وكل ما يتعلق بالإحساس، لأن لديهم مشاكل متراكمة على صعيد التقني، على مدى دراستهم، واشتغلنا على حلولها ضمن العمل، وهذه التجربة هي جديدة بالنسبة لهم، ورغم هذا حققوا نسبة جيدة جداً من التطور في هذا المشروع».
وأضافت: «أعتقد بأن هذا النص يشبه كثيراً ما نعيشه اليوم، لأن القصيدة فيها دعوة بشكل أو بآخر للتغير ابتداء من الذات وليس من الآخرين، وهذا منطقي جداً وقد أخذنا هذا الجوهر من القصيدة مع ما له علاقة بالشعرية وأثناء التدريبات كتبنا نص معادل، استطيع تسميته أكثر قراءة للنص الذي له علاقة بحياتنا اليومية، وتجربتنا كبشر في زمن نعيشه تسوده الحرب، لم يكن الهدف العمل مدى انسجام مع القصيدة، بل كان الهدف هو إلى أي مدى نستطيع قراءة هذه القصيدة وإسقاطها إلى واقعنا اليوم، وأثناء التدريبات وبالتراكم اليومي تم كتابة نص معادل وانشغل عليه، وكان للراقصين دور كبير في صياغة النص ووضعوا فيه من تجربتهم الخاصة».
وقالت أيضاً: «تم العمل على فضاءات التي اقترحها درويش في القصيدة بالتعاون مع الأستاذ سعيد الأحمر مشرف السينوغرافيا، والفضاءات المقترحة من الراقصين بما طرحوه وكاليغراف الذي اشتغلت عليه الآنسة حور ملص، بمعنى كل واحد منا وضع يومياته، وبالنتيجة وصلنا إلى أشياء تشبهنا وتشبه الحالة التي نعيشها. لا استطيع أن احكم درجة انسجامنا مع القصيدة، ولكن استطيع القول بأننا خرجنا من رحم هذه القصيدة بامتياز، وقفنا عندها كثيراً عبر عمل جماعي، وبمشاركة العاملين في الديكور والإضاءة أيضاً، اشتغلنا معاً على تحليل النص وتحليل ديوان "آثر الفراشة" كله وانطلقنا منها إلى نصوصنا الخاصة».
أنهت مراد حديثها قائلة: «يبدأ العرض من أول لحظة الدخول من الباب الخارجي إلى الدرج والذي يمتدد إلى الصالة من خلال الديكور، والهدف من ذلك هو جمع الحضور ليعيش ذات الفضاء، وتالياً نشكل كلنا، العاملين والحضور العرض الذي رأيناه».
يذكر أن العرض من إنتاج وزارة الثقافة المعهد العالي للفنون المسرحية وهو مشروع تخرج طلاب السنة الرابعة لقسم الرقص، تمثيل كل من الخرجين إميل صافية، مدحت الدعبل، مها الأطرش تصميم وإشراف الفنانة حور ملص، إشراف درامي الفنانة نورا مراد وأشرف على السينوغرافيا الفنان سعيد الأحمر، تصميم الإضاءة نورما برنية من طلاب قسم التقنيات جنباً إلى جنب مع حنين مزهر من طلاب قسم التصميم التي نفذت الديكور والأزياء وذلك بشراكة مع كل من أساتذتهم مرال ديراكليان وكنان جود.
فيما قام كريم هواش بتصميم الأفيش والبروشور ونفذ الصوت إبراهيم عبود من طلاب السنة رابعة تقنيات مسرحية.
إدريس مراد
اكتشف سورية
مشاهد من العرض الراقص «ليتني حجر» مشروع تخرج السنة الرابعة قسم الرقص |
مشاهد من العرض الراقص «ليتني حجر» مشروع تخرج السنة الرابعة قسم الرقص |
مشاهد من العرض الراقص «ليتني حجر» مشروع تخرج السنة الرابعة قسم الرقص |