محاضرة للباحث أديب الخوري بعنوان المناهج الدراسية وعلوم الفضاء في ثقافي أبو رمانة بدمشق

01 آذار 2013

.

أقيمت في المركز الثقافي العربي أبو رمانة، محاضرة بعنوان المناهج الدراسية وعلوم الفضاء، وذلك يوم الثلاثاء 27 شباط 2013، قدمها الباحث الأستاذ أديب الخوري، بحضور عدد من المفكرين والباحثين ومن رواد المركز الثقافي.

ويحدثنا الأستاذ أديب الخوري عن الفائدة العلمية والهدف المشترك بين المناهج الدراسية وعلوم الفضاء قائلاً: إن لكل بحث فوائد علمية وهذا البحث يعتمد على فائدتان، الأولى معرفة هذا العلم بشكل مباشر، والثانية شيئ بعيد المدى وهو معرفة علم الفضاء بشكل عام، وعلم الفلك بشكل خاص لأنه من العلوم المهمة جداً اليوم فهو يحدد مدى تقدم الدول، ومن الضرورة بمكان أن تتضمن المناهج المدرسية هذه العلوم لكي يدرك الطالب أهمية هذا العلم من خلال المدى الأبعد والأوسع بنفس الوقت، لأن علماء الفلك أدركوا بوجود حضارات كونية أخرى سوف تُكتشف بطريقة ما وبوقت من الأوقات.

ويؤكد الأستاذ أديب الخوري على أن الهدف من تطوير المناهج الدراسية في معرفة علوم الفضاء لكي تتيح إلى الأجيال القادمة القدرة على معرفة المنظومة الشمسية، والأبعاد الفلكية من خلال طرق بسيطة تدخل في المنهاج الدراسي منذ البداية، وتكون في سن مبكر لأن النمو الفكري للإنسان يكون في الصغر من خلال رسمه للقمر والنجوم والشمس، وبهذا نجد الإنسان البدائي كان أول ما يتطلع إليه هو النجوم، وأول علم فكر به هو علم الفلك، وأول شيء قد استوعبه هو الليل والنهار والتقويم والفصول المناخية.

وفي هذا المقام أذكر رسالة رائد الفضاء الروسي بقوله: «يوجد حضارات غير أرضية، والتواصل بالنسبة لي لا يؤذي، لكننا معشر البشر لا نزال ننطلق من مفهوم العيش في عالم واحد، فيجب أن نتعلم التواصل فيما بيننا كي نكون مستعدين للتواصل مع حضارات لا نعرف عنها أي شيء».

ويتابع الخوري قائلاً: عندما نتحدث عن علم الفضاء فعلينا أن نعرف أنفسنا باستمرار أن مقاييسنا الأرضية المألوفة لا تبقى نافعة على الأغلب، لأن المسافة في الفضاء هي غير مسافاتنا الأرضية، وإذا أردنا التواصل مع الكائنات غير الأرضية فعلينا أن نخرج من ثقافة الهاتف الخلوي والرسائل القصيرة، وأظن بالمثل أنه علينا أن نتبنى تفكيراً مشابهاً حين نتحدث في مناهج التربية، وبما أن المناهج المدرسية تحتاج إلى نفسٍ طويل من أجل المعرفة والعلم وإلى العلاقة الجيدة بين الأهل والطالب والأستاذ فإن علوم الفضاء تحتاج إلى ذلك أيضاً.

ومع وجود العملية المدعوة (أنسنة) وهي عمل أجيال تتلو أجيال، فعلينا أن لا نستعجل النتائج بل نقوم بزرع البذور وهي تكون بمثابة طرح الأسئلة، وهذا النمط مع التفكير يتناسب مع المبدأ الشواشي ويلخص بمثل معروف وهو: بسبب خطأ في المسمار أفلتت الحدوة، ومع انفلات الحدوة كبا الحصان، وبكبوة الحصان فقدنا فارساً، ومع فقدان الفارس خسرنا المعركة، وبخسارة المعركة هُزمنا في الحرب، ومع الهزيمة في الحرب ضاعت المملكة، ومن خلال تتبع أسباب سقوط المملكة سنصل فعلاً إلى الحدوة فنظن أنفسنا قد أدركنا العلة في حين أن القبض على السبب يعني أن نثبت الحدوة على النحو الصحيح قبل بدء المعركة.

وبهذه الحالة أذكر المثل بطريقة مختلفة وهي : أن نثبت المسمار ببراعة، فنكون قد ضمنّا حدوة الفرس الذي ثَبت في المعركة، فمكّن الفارس من استخدام كل طاقته، فكسِبنا المعركة وربحنا الحرب وازدهرت المملكة.

وفي هذا البحث أقوم أنا بمحاولة دق المسمار ويمكن أن تظهر أهميته بعد مئة عام أو لا تظهر أبداً، لأنه منذ نصف قرن بدأ البشر يتقدمون إلى الفضاء، وبعد إطلاق أول قمر إلى الفضاء اكتشفنا أننا ما زلنا على الأرض لكننا سنغادرها ونلتقي بأنداد لنا في هذا الكون اللا متناهي.

ويضيف: إن الإنسانية على عتبة تحول كبير عنوانها انطلاق الإنسان إلى الفضاء، فتشكل التربية والتعليم في إطار المدرسة عامل أساسي في تحديد وتوجيه مسار البشرية، وإن المعايير الوطنية للمناهج في كل بلد من البلدان هي نسخة معدلة عن المعايير الدولية التي يتبناها الجميع مع ما يلزم من التعديلات التي تواكب التطورات العالمية.

ويشير الأستاذ أديب الخوري إلى أن علم الفلك يشكل إطار غني بالمعلومات القيمة، كما في المواقف المرتبطة بالتفكير العلمي من جهة، والمواد الدراسية من جهة ثانية، فضلاً عن كونه عنوان عريض لمرحلة إنسانية قادمة، بالإضافة إلى طريقة تقديمه كمادة محببة ومشوقة للطلاب من خلال بعض النشاطات التي تفيد مادة الفلك وتثير انتباه الطلاب، كوجود قاعة على شكل قبة فلكية صناعية متكونة من نجوم وقمر وشمس، وبوجود مخيمات رصد صيفية، ومسبر ليلي رصدي، مما تجعل مشاركة الشباب لها بكثافة كبيرة، ومن خلال محاضرات لفلكيين مختصين ولقاءات مع رواد فضاء إن أمكن.

ويختتم قائلاً: من خلال العودة إلى الظواهر الطبيعية الدورية والأكثر انتشاراً، نجد أنها ظواهر فلكية كلياً، فكل ما في هذا الكون يدور حول ما في الكون وربما حول نفسه، فعلم الفلك يجعلنا نقوم بفهم الزمن بطريقة جيدة، وهو مرتبط بجميع العلوم التي تفيد النظر والفهم والبحث والتجربة فهو علم غني بالمعلومات، وضرورة التركيز على مكانة علم الفلك وبالتحديد على البعد الفكري لإنسان المستقبل، والذي علينا أن نعد له منذ اليوم ويمكن أن نجعل علم الفلك وما يرتبط به محور في مقررات المناهج الدراسية وليس مجرد مجال للأمثلة والتطبيق.

والرسالة الموجهة للمسؤولين في تطوير مناهجنا الدراسية، ليس التقليد للدول المتقدمة فحسب لأن هذا التقليد مجتزأ غالباً، فيجب علينا أن نكون من السباقين بكثير من الأمور التي لم يتطرقوا إليها بعد، وذلك من خلال نشاط الجمعية الكونية السورية في التوعية والتعليم من خلال المحاضرات التي تفيد الأجيال القادمة في التقدم والتطوير، وفي جميع العلوم الفلكية وجميع المناهج الدراسية.


عبد القادر شبيب

اكتشف سورية

Share/Bookmark

اسمك

الدولة

التعليق