المشاركون في ندوة «المثقفون العرب والأزمة في سورية»: أساس الحل ينطلق من الوعي والثقافة

20 أيلول 2012

.

أكد المشاركون في ندوة "المثقفون العرب والأزمة في سورية" رفضهم وادانتهم كل اشكال التدخل الخارجي في سورية مشددين على أن حل الأزمة ينحصر في السوريين وفق حوار موضوعي يتبنى وحدة سورية وأمنها وسيادتها والحفاظ على نسيجها الوطني الحضاري.

ورأى المثقفون والكتاب العرب المشاركون في بيان صادر عن الندوة تلقت سانا نسخة منه ان هذا النسيج جزء لا يتجزأ من نسيج الأمة العربية وبعده الأخلاقي والانساني والثقافي قبل أن يكون بعدا عرقيا مؤكدين أنهم جزء لا يتجزأ من منظومة الدفاع عن قيم الأمة ومفاهيمها ووحدة أراضيها وسيادة أقطارها.

وأشاروا إلى أن الافتراءات ضد سورية كانت مرسومة ومقصودة منذ كان التفكير في العدوان عليها في مرحلة جنينية بهدف تغيير وجه المنطقة لخلق ما عرف بالشرق الأوسط الجديد الذي رأى واضعو ومتعهدو تنفيذه أنه كفيل بتحقيق الهيمنة الأطلسية على العالم شرقا وغربا حيث اتجهت الأنظار إلى سورية لأمرين اثنين الموقف والموقع.

وأوضحوا أن مؤشرات الموقف كانت واضحة المعالم منذ العدوان على العراق عام 2003 والتي رأى المثقفون والمفكرون والكتاب العرب أنه يصح إدراجها تحت عنوان ضرورة القبض على سورية لتحقق الولايات المتحدة وحلفاوءها اهدافهم في الهيمنة على ممرات النفط وضمان أمن الكيان الصهيوني في المنطقة الأمر الذي يقتضي منهم استدعاء سايكس بيكو ليعمل في سورية تفتيتا طائفيا يسمى كل كيان باسمه ويتصالح مع دولة العدو الصهيوني باعتبارها دولة يهودية.

وأكد المثقفون والكتاب العرب أن الهجمة التي تعرضت لها سورية استخدمت فيها كل انواع الحروب التي عرفت حتى الآن من تضليل وحصار وترهيب وترغيب أما أدواتها فكانت وليدة فكرة الاحتواء التي مورست ابان الحرب الباردة بين الشرق والغرب وفي هذا الإطار رأوا أن سورية بحاجة إلى إعلام متطور بكل ما في الكلمة من معنى دون أن يغني عن الحاجة الى المثقف العربي القومي الملتزم المالك لكل مقومات الالتزام كما هي الحاجة ماسة الى مراكز ابحاث تقدم الخدمة للوطن والدولة.

بدوره قال الدكتور عمر الشيخ خليل ممثل حركة القوميين العرب وعضو اتحاد المحامين العرب في الندوة التي اختتمت أمس إن دور المثقف العربي الملتزم والمقاوم للمؤامرة العالمية على سورية يكمن في أن يكشف للجماهير العربية من هم أعداؤنا وأصدقاؤنا وان يقدم أفكارا وبنى ثقافية من أجل الصمود والتصدي للمشاريع الإمبريالية والصهيونية والرجعية التي تستهدف الأنظمة العربية المقاومة ونموذجها الأكبر سورية.

وأضاف أن سورية تدفع فاتورة دعمها للمقاومة العربية في فلسطين ولبنان والعراق ومن المفترض أن يساهم المثقف العربي في إبطال مفعول المؤامرة الدولية عليها لأن الأوراق التي تعد من أجل هذا الغرض كشفت تماما موضحا أن المحافظة على الاستقلال أصعب من نيله وهذا ما يجب أن يدركه المثقف العربي بشكل عام والسوري بشكل خاص وعلينا كمثقفين ألا ننسى في هذه المرحلة أن سورية هي موطن الشهداء سليمان الحلبى وجول جمال وغيرهم الذين استشهدوا في ساحات الشرف على امتداد وطننا العربي.

بدوره قال باسم عبدو رئيس تحرير جريدة النور.. يمكن أن يؤدي المثقف والأديب دورا هاما في هذه الظروف الراهنة وعلى الإعلام أن يكون الوسيلة الرئيسة لإيصالها بأمانة قصوى.

وأشار رئيس تحرير جريدة النور إلى أهمية وسائل الإعلام في كشف التزييف والأكاذيب التي وصلت إلى شرائح واسعة على مستوى العالم فإبطلها إعلامنا الوطني مسجلا مواقف مشرفة لافتاً إلى أن على المثقفين أن يتحرروا نهائيا من الخطابات المستقدمة من خمسينيات القرن الماضي ويبتكروا ما يفيد المرحلة الراهنة.

أما الدكتور نزار بني المرجة عضو اتحاد الناشرين السوريين فرأى أن على المثقف أن يستعيد دوره الحقيقي بغية وضع آليات وحلول منطقية للأزمة الراهنة التي اعتقد بعضهم أن المثقفين بعيدون عنها في الوقت الذي كان الكثير منهم ضحايا حقيقيين لآثارها السلبية شأنه في ذلك شأن معظم شرائح المجتمع السوري ما يشكل دافعا قويا للقيام بدوره الطليعي المطلوب لمواجهة هذه الأزمة التي تهدد الوطن والخروج من آثارها السلبية التي تركتها عبر عام ونصف من مجريات الأزمة.

وأضاف بني المرجة أن على المثقفين أن يكونوا في الطليعة كما يتطلب الأمر لأنهم جزء من ضمير الأمة ووجدانها إلى جانب شريحة الأدباء والمثقفين للحفاظ على هوية الوطن وانتمائه.

/ أنتم ملح الأرض فإذا فسد الملح فما الذي يملحه / بهذه العبارة استشهد الدكتور غسان غنيم أستاذ الأدب الحديث والمعاصر في جامعة دمشق لتبيان أهمية دور المثقف في هذه المرحلة من خلال الكشف عما يدور في الواقع ومحاولة وضع رؤى وحلول توضح الدور الأهم المنوط بالمثقف الذي يمتلك أفكارا ويستطيع أن يضع تصورات قابلة لإضاءة سبيل الحل أمام المعنيين بصنع القرار.

وأوضح غنيم مقرر جمعية النقد في اتحاد الكتاب العرب أهمية دور الاتحاد في جمع المثقفين على مستوى الوطن العربي لاحداث شيء من التلاقح الفكري والتواصل المعرفي ضمن محاولة لإظهار مدى عمق حضور سورية في قلوب العرب كونها دولة صمود وقلب العروبة والمحرك الاساسي للمقاومة في المنطقة العربية بعد أن انحرف كثير من العرب خارج اطار هذه البديهيات المنوطة بالحكومات العربية ومؤسساتها ممثلة بالجامعة العربية.

ويقع على عاتق الأدباء والمثقفين بحسب غنيم مسؤولية الصدق والشفافية في التعامل مع المشكلات بوعي وعلمية وعدم الاختباء وراء الإنشاء والكلمات الرنانة خوفا من الابتعاد عن جوهر المشكلة وبالتالي لوضع حلول مناسبة مبيناً أهمية تغيير خطابات المثقفين باتجاه الصدق الأكبر مع الذات والوطن وتقديم الرؤى القائمة على المحاكمة العقلية والالمام المعرفي الحقيقي لوضع ترتيبات وحلول تخرج بالوطن سليما معافى وقويا قادرا على الاستمرار في دولة وطنية مدنية علمية لجميع أبنائها تحترم المواطنة وحقوق الجميع.

من جهته قال الناقد عاطف بطرس عضو اتحاد الكتاب العرب.. لا يستطيع أحد الجزم بأن المثقف في سورية خارج الأزمة بل هو في حقيقة الأمر جزء ونتيجة لها في الوقت نفسه مبيناً أنه تم في الفترات السابقة تهميش المثقف عن ساحة الفعل السياسي بسبب الثنائية القائمة على مرجعية الصراع أو الخلاف بين المثقف والسياسي في حين أنه من الواجب على الجميع أن يكونوا في قلب المواجهة وألا ينتظروا اذنا من احد في قول ما يرونه صوابا. وأضاف بطرس.. أنه رغم اكتساء الأزمة في سورية بطابع اقتصادي اجتماعي وسياسي إقليمي ودولي لكن جوهر المسألة يبقى صياغة الإنسان الذي على أساسه يبنى الوطن وبالتالي فأساس الحل ينطلق من الوعي والثقافة ولاسيما في ظل تسخير وسائل الاعلام العالمية لترويج ثقافة العداوة والبغضاء والكراهية والحقد والتشرذم بديلا عن المحبة والتسامح والوحدة إضافة إلى إعلاء ثقافة الصوت الواحد بديلا عن التعدد والاختلاف وحق المغايرة.

أما الباحث فايز سلهب عضو جمعية البحوث والدراسات في اتحاد الكتاب العرب فأكد أن دور المثقف كان ومازال الدور الموجه إلى ما فيه خير البشرية جمعاء عملا بقول أرسطو.. غاية الفكر فعل الخير.. لافتا إلى أنه في هذه الظروف القاسية يجب أن يأخذ المثقفون السوريون والعرب دورهم الريادي في استحضار الذاكرة السورية الوطنية والقومية المشرفة واستنهاض طاقات الشباب والشابات في الوقوف صفا واحدا في وجه المؤامرة المرسومة منذ عدة عقود للايقاع بسورية سياسيا واقتصاديا واجتماعيا بغية تقسيمها أو على أقل تقدير إشغالها عن دورها الحضاري النهضوي.

وقال سلهب إن مؤشرات الواقع تبشر بالخير وتدعو المرء إلى التفاعل مع الحدث على انه آني وسوف يتمكن الشعب السوري بجيشه وشعبه وقيادته من النصر والحفاظ على الوحدة الوطنية وإعادة الإعمار والسعي الجاد والصادق نحو حوار وطني شفاف.

بدوره بين الدكتور مأمون الجنان الباحث في القضايا الاعلامية في اتحاد الكتاب العرب أن سورية تدفع ثمن مواقفها لافتا إلى أن ما تعيشه بلادنا ليس أزمة سورية وإنما دولية تحتاج إلى معالجة ميدانية أكثر من طرح الأفكار وإذا طرحت يجب ان تترجم إلى آليات عمل حقيقية مبيناً أهمية الاحتكاك مع الناس والعمل على التفاعل الاجتماعي القائم على المصالحة والمودة.

وأوضح الشاعر عبد الكريم السعدي عضو جمعية الشعر في اتحاد الكتاب العرب أن العلم هو سيف الكاتب الذي يدافع فيه عن قضايا الأمة والحدث الحالي هو أهم ما يحتاج إلى هذا الدفاع مبيناً أن وطننا يعيش لحظة حاسمة خاصة وان الدول الكبرى طامعة بخيراته وثرواته.

وأضاف السعدي أن الندوة شكلت مجموعة من المساهمات التفاعلية مع الحدث الذي نعيشه وتؤدي إلى تفهم مشكلات وقضايا الواقع المعاش ومن أهمها حماية الوطن فالذود والدفاع بالكلمة يوازي بالأهمية والقوة الدفاع عن طريق السلاح.

وكانت ندوة "المثقفون العرب والأزمة في سورية.. أفكار وحلول" اختتمت اعمالها أمس بدمشق حيث شارك فيها 93 كاتبا ومفكرا ومثقفا وممثلو عدد من اتحادات الكتاب العرب تحت شعار "المثقفون العرب ضمير الأمة وحراس سيادتها" وتوزعت اعمالها التي استمرت على مدى يومين على ستة محاور شملت "حرمة الدم السوري والحوار أساس الحل" و"النسيج الاجتماعي والأزمة" و"الحفاظ على الدولة ومؤسساتها" و" الديمقراطية والاعلام" و"الجيش درع الوطن" و"رفض التدخل الخارجي".


سانا

Share/Bookmark

اسمك

الدولة

التعليق