العشق الدمشقي: رواية عن حب يقرب الأوطان

09 أيلول 2012

.

يوحي عنوان رواية دياب عيد "العشق الدمشقي" باحتوائها على قصة أو قصص حب تنتظر القارئ ليكتشفها كما يظهر جلياً من العنوان أيضا أن هذا الحب مرتبط بمكان محدد هو مدينة دمشق إلا أن أحداث الرواية وشخصياتها توصلنا في سردها إلى الولايات المتحدة الأمريكية.

وتدور هذه الأحداث في الفترة الممتدة من الستينات حتى أواسط العقد الأول من القرن الحادي والعشرين وتحكي بداية عن "أندرو" المثقف الأمريكي الذي جاء إلى دمشق كموظف في الملحق الثقافي لسفارة بلاده والتي يعيش فيها تجارب اجتماعية غنية مع عدة شخصيات دمشقية من الطبقة البرجوازية المثقفة تتوج هذه التجارب حالة عاطفية خاطفة لكنها مؤلمة مع إحدى الفتيات السوريات التي منعت العادات والتقاليد تتويج هذا العاطفة بالزواج.

هذا الحب ما يجعل "أندرو" يرتبط بدمشق فيحب أهلها وطعامهم الذي سيجيد طهيه ولغتهم التي سيصبح أكاديميا في دراستها وهو من خلال حواراته السياسية يكتشف من أصدقائه السوريين الوقائع الحقيقية لطبيعة الصراع بين العرب وبالذات سورية والكيان الصهيوني ورغم أنه يعمل في الدبلوماسية الأمريكية فإنه يتخذ مواقف إيجابية من القضايا العربية والتي سببت بعض المشاكل في بلده له ولابنته سوزان التي أسماها على اسم حبيبته في سورية سوسن والتي تشاء أقدار هذه الرواية أن تتزوج هذه السوزان أحد أقرباء سوسن.

ويحكي دياب عن دمشق في فترة الستينات والعلاقات الاجتماعية المنفتحة وعن الحب كعلاقة كانت تعاش بشكلها الطبيعي بين الأقرباء وبين الجيران كما يتحدث عن قصص المراهقة وأسرارها ويوازي في روايته بين الأحداث الخاصة لشخصياته والأحداث الوطنية والإقليمية والعالمية مؤرخاً دون تفاصيل الأحداث التاريخية وتفاعل شخصيات الرواية معها ويتطرق للفوارق الحضارية والثقافية بين المجتمع الدمشقي المحافظ في العلاقة بين الرجل والمرأة والمجتمع الأمريكي المنفتح في تلك العلاقة ما أدى إلى مواقف صادمة بين بعض شخصيات الرواية.

كما يتنتقل الراوي في سرده بين دمشق وأميركا منوعا في تقنيات سرده للأحداث بلسان الراوي أحيانا أو على لسان بعض شخصياته كنوع من الذكريات أو قد يروي الحدث نفسه أكثر من طرف شارك فيه ما يعطيه حيوية أكثر إضافة إلى أنه في روايته هذه يداخل بين الأزمنة الروائية ما يستوجب من المتلقي انتباها ليربط الأحداث والمواقف ببعضها.

وليست الأحداث الشخصية العاطفية والعائلية والاجتماعية في هذه الرواية هي فقط ما يذكرنا ببعض المسلسلات الأمريكية كذلك الشخصيات التي تقوم بها فأغلب هذه الشخصيات نخبوية في كل شيء فهي ميسورة مثقفة ذات جمال باهر حيث يبالغ في وصف جمال كل شخصية خصوصا النسائية منها وهي لا تعيش إلا هموما عائلية أو عاطفية وإن كان لبعضها من الذكور الذين انتموا أو تعاطفوا مع أحزاب يسارية هموما سياسية لها علاقة بقضايا العرب والمنطقة فيظهر الهم الوطني وإن حضر عابرا في هذه الرواية.

ولعل تركيزها على أحداث عائلية اجتماعية وعاطفية أبعد عن رواية دياب أي مضامين فكرية أو فلسفية أو سياسية وإن ذكرت بعض الأحداث التاريخية والمواقف والتحليلات العارضة لبعض شخصياتها إلا أن ذلك لم يمنعها من تحقيق متعة الحكي الذي ينساب بخفة تدعمها اللغة البسيطة في أناقتها والمناسبة لغرض الرواية الأساسي ما يجعلها أقرب إلى الحكاية منها إلى الرواية.. حكاية عن العشق الدمشقي الذي أثر في الأمريكي أندرو ومن بعده ابنته سوزان بعد أن عايش الحب في جوانبها بين نسائها ورجالها فتياتها وفتيانها بازدهاء أو خفر فهو مثل ياسمينها غرسته الطبيعة الأم ومن الصعب أن يجتثه أبناء آوى مهما علا صياحهم. يذكر أن الرواية صادرة عن الدار العربية للعلوم.. ناشرون وعدد صفحاتها 527 من القطع الكبير.


سانا

Share/Bookmark

اسمك

الدولة

التعليق