لوحة فسيفسائية نادرة تحكي الإرث الثقافي والحضاري لعهود متعاقبة

18 كانون الثاني 2012

تعود إلى الفترة الرومانية

تدعو لوحة الفسيفساء المميزة المكتشفة ضمن حجرة مبنية من الحجر البازلتي ومسقوفة بألواح التوتياء في إحدى المنازل ببلدة المجدل الواقعة غرب مدينة السويداء عام 2006 إلى التساؤل عن خصوصيتها ومدى ارتباطها بالمجمع الأثري القريب منها ضمن البلدة والذي يحتوي أبنية بيزنطية ورومانية.

ويشاهد في اللوحة التي تتراوح أبعادها الأولية بين 303 و370 سنتيمترا رغم تخريبها في أكثر من جزء إطار زخرفي من جانبين يحوي موضوعات نباتية و حيوانية ومشاهد لأطفال في زوارق صغيرة تصطاد السمك والطيور ويبرز في داخلها أربعة أشكال لنساء عاريات.

وقال مهند الطويل رئيس شعبة الترميم بدائرة آثار السويداء إن أعمال التنقيب في المكان الذي اكتشفت به اللوحة تبين أنها تشكل أرضية لدار سكنية كانت على الأغلب جزءا من حمام أثري يعود للعصر الروماني ثم عملت الدائرة على تغطيتها بطبقة من التراب والرمل المخلوط بنشارة الخشب لحين الكشف عنها مرة أخرى في أيار من عام 2010 حيث تمت دراسة حالتها الفنية وأعيدت نفس طبقة التغطية عليها ثم شكلت لجنة من الدائرة بعد خمسة شهور وثقت اللوحة وأجرت لها أعمال الصيانة والحفظ المطلوبة.

وأضاف الطويل إن اللجنة قامت بنهاية عام 2010 بإزالة طبقة التراب ونشارة الخشب وتنظيف سطح اللوحة من الأتربة بشكل كامل للتمكن من العمل عليها وتوثيقها حيث تم تقسيم مساحتها إلى عدة مربعات بأبعاد تقريبية /1ضرب 1/ متر ثم تصوير كل قسم على حدة والعمل على تصحيح الصور ببرامج خاصة للحصول عليها بأبعادها النظامية ثم جمعها ولصقها ببعضها ومعالجتها للحصول على صورة مصححة للوحة كاملة مع المقياس حيث تم استخدامها لدراسة حالتها الفيزيائية والإنشائية.

وأوضح الطويل أنه عند دراسة الحالة الفيزيائية للوحة تبين تعرضها للتلف وفقدان نحو 50 بالمئة من مساحتها مع تعرضها لرطوبة عالية في الزاويتين الشمالية الغربية والشمالية الشرقية إضافة لوجود تلف لسطح المكعبات في بعض المناطق و طبقة سوداء متحجرة متماسكة بشكل كبير مع سطحها في مناطق أخرى و تدهور لحواف الفسيفساء بشكل عام ووجود هبوط في بعض المناطق و تصبغات في مناطق أخرى.

ولفت رئيس شعبة الترميم إلى إجراء عمليات تدعيم وتدخلات على اللوحة تمثلت بتنظيف أولي بسيط لسطحها و تدعيم كل حوافها وإعادة المكعبات المنفصلة إلى مكانها وغيرها من العمليات التقنية الأخرى ثم إعادة دفن الفسيفساء بطريقة منهجية حديثة لحمايتها والحفاظ عليها من خلال إجراءات فنية معينة إضافة لتغطية سقف الغرفة المصنوع من التوتياء بطبقة من النايلون لمنع تسرب مياه الأمطار قدر الإمكان.

ودعا الطويل إلى الإسراع بتجهيز إضبارة الاستملاك للموقع الموجودة فيه اللوحة لاستكمال أعمال التنقيب بشكل كامل وخاصة في الجهة الغربية منه لمعرفة امتد اللوحة وإمكانية العثور على لوحات أخرى وإزالة الجدران الحديثة المتداعية والتي تبين أنها مبنية فوقها لكشف اللوحة كاملة وتحديد أبعادها بشكل نهائي ولحل مشكلة تصريف المياه في الجهة الغربية ومعالجة مشاكل الرطوبة التي قد تسبب استمرار التلف في باقي الأجزاء.

وبين الطويل أهمية إعداد دراسة الموقع وربطه مع المعالم الأثرية المجاورة /الكنيسة/ المدفن/ الدار الرومانية/ ودراسة إمكانية عرضها في موقعها وتقديمها للزوار في المستقبل وذلك بعد استكمال أعمال تدعيم وصيانة الأجزاء الجديدة ووضع مظلة مناسبة لحمايتها والمحافظة عليها.

ولفت الطويل إلى المشاركة بمشروع العمل الخاص باللوحة في المؤتمر العالمي للفسيفساء الحادي عشر عام 2011 بمدينة مكناس بالمغرب الذي نظمته مؤسسة /اي سي سي أم /العالمية للحفاظ على الفسيفساء وحمايته حيث لاقى استحساناً من الخبراء والمشاركين والمنظمين مشيرا إلى أن المؤسسة ستنشره قريباً لصالح فريق العمل إضافة لعرضه بنفس العام في روما بمؤسسة /الايكروم/ العالمية المعنية بالحفاظ على الإرث الثقافي والحضاري وكان أحد أهم المشاريع المقدمة.

من جهته رأى أشرف أبو ترابة من فريق دائرة آثار السويداء الذي قام بدراسة الحالة الفنية للوحة أنه بناء على المعطيات المتوفرة يمكن القول إن تاريخ اللوحة يرجع إلى الفترة الرومانية وذلك اعتماداً على الناحيتين الفنية المرتبطة بطبيعة الموضوع أي النساء العاريات والتقنية من خلال صغر حجم المكعبات والدقة في غرسها وهذا ما كانت تتميز به الفسيفساء خلال الفترة الرومانية.

وأوضح أبو ترابة أن اللوحة نفذت بمكعبات من الكلس والرخام المتعدد الألوان الأخضر والأحمر والأسود على خلفية بيضاء ومن الفخار الأحمر والأصفر مبيناً أن البعد الثالث كان غائباً فيها بسبب عدم التنوع اللوني وأن اللوحة تعتبر من اللوحات الجميلة والنادرة في سورية وتمثل موضوعاً مستمداً من الحياة اليومية.

وكانت بلدة المجدل سكنت في فترات تاريخية مختلفة وتعود المنازل المشيدة فيها للفترتين الرومانية والبيزنطية.


الوكالة السورية للأنباء - سانا

Share/Bookmark

اسمك

الدولة

التعليق