عرض مسرحي بعنوان: «مساكم حياة» في ثقافة حلب

27 كانون الأول 2011

-

أراد أن ينتحر بطريقة تلفت انتباه الإعلام وتلفت نظر الناس إليه، فكان أن أعد مكان وطريقة الانتحار بالشكل الأنسب. وفي لحظة الانتحار، تدخل «حياة» -الفتاة التي عانت الكثير في حياتها ولم تفكر قط بالانتحار- إلى شقته مدفوعة بالأصوات التي كان يصدرها في بيان انتحاره، ليجري بينه وبينها حوار حول الموت والحياة وحول اليأس والأمل وحول إن الانتحار حلاً أم مشكلة ليكون مساءً غير تقليدي وليكون «مساءكم حياة».

«مساكم حياة» هو العرض المسرحي الذي استضافته مديرية الثقافة خلال الأسبوع الماضي والذي قدمته فرقة «سما» الشبابية. العرض مثّل سابقةً في حد ذاته كونه نال رعاية كل من مديرية الثقافة ومسرح حلب القومي ونقابة الفنانين رغم عدم انتماء الشباب إلى تلك الجهات. هذا الأمر يقول عنه الشاب زكي مارديني مؤلف العمل وعضو فرقة «سما»: «تمثل فرقة "سما" جزءاً من "تجمع سما الفني" الذي هو قيد التأسيس حالياً حيث سيعمل هذا التجمع على إقامة نشاطات فنية متعددة من حفلات راقصة إلى عروض غنائية وأخرى مسرحية بشرط أن تكون كل هذه الأنشطة راقية مثل هذا العمل مثلاً. اعتمدنا في هذا العمل على دعم جهات خاصة (مثل شركة مولر) وشركات أخرى. ولكن حجم العمل الفني والتكاليف الكبيرة التي يحتاجها جعلنا نحصل على رعاية كل من مسرح حلب القومي والذي قدم لنا الديكور الخاص بالمسرحية وصالات التدريب، ونقابة الفنانين التي قدمت الدعم الإعلامي إضافةً إلى تنظيم جولة لنا تشمل عدداً من المحافظات السورية. أما الجهة الثالثة التي قدمت الدعم لنا فقد كانت مديرية الثقافة التي استضافت العرض ودعمتنا من ناحية الإعلان».

من أجواء عرض مساكم حياة في ثقافة حلب

وعن فكرة العمل، يقول العمل يتحدث عن الضوء الموجود في آخر النفق المظلم حيث يجب على المرء دوماً المرور في النفق للوصول إلى الأمل. يتحدث العمل عن شاب يحاول الانتحار إنما تظهر فتاة اسمها «حياة» وتجري بينه وبينها حوارات فلسفية إنما بلغة بسيطة بعيدة عن التنميق والمفردات الصعبة حيث تتحدث عن المصائب التي تعانيها الفتاة الشرقية لتأمين لقمة عيشها إنما رغم ذلك لم تفكر قط بالانتحار بعكس الشاب الذي قرر الهروب مع أول مشكلة صادفته. وينتهي العمل بالحب الذي يطغى على كل شيء ويلغي فكرة الانتحار والموت حيث يضيف: «كانت فكرتنا من المشروع كله التواصل مع الجمهور هو بصورة حضارية تجعل الجمهور يحترمنا بعد خروجه من الصالة. نعلم أن هناك المسرح العالمي ذي العروض المميزة، إلا أننا يجب ألا ننسى أن لتلك العروض مكانها وزمانها المختلف عن المكان والزمان الحالي وحتى الجمهور المتواجد هنا. بدورنا نحن انطلقنا من الحس الجمالي للجمهور حيث أتينا بنص كبير وقمنا بتبسيطه مع استعانتنا بمخرج ذي رؤية متطورة وأكاديمية وقدمنا عملنا أكاديميا إنما بطريقة بسيطة أدت إلى أن يتفاعل الكل معنا خلال العروض الخمسة التي قدمناها في حلب».

ويضيف بأن العمل يمثل قصة مقدَّمة برؤية بصرية متطورة جدية إنما مع لمسات كوميدية خفيفة لا تجرح الحس الجاد للعمل. ويتابع بأن العمل تضمن عملين موسيقيين الأول فرنسي والثاني عربي من كلمات وتلحين الفنان صفوان العابد مضيفاً بأن العمل اعتمد على تقديم مفردات بسيطة وجمل فلسفية عميقة بلغة سهلة حيث يضيف: «يمكن القول بأننا وصلنا إلى توليفة جيدة لا سحرية تجاه العمل الناجح. كما أنه من العوامل التي ساعدت أيضا اختلاف الأفكار بيني وبين مخرج العمل. هو ذي نظرة غربية وأنا ذي نظرة شرقية. بالتالي التقينا في المنتصف وقدمنا عرض وصل إلى الطرفين. الدافع لم يكن ماديا ولا الرغبة بتحقيق الأمجاد، إنما كان التفريج عن المشاهد وتقديم عمل جيد».

من أجواء عرض مساكم حياة في ثقافة حلب

ويختم بالقول بأن مدة العمل 55 دقيقة وجرى تقديمه بالعامية في محاولة لاستقطاب الجمهور أكثر حيث يشرح هذه النقطة أكثر بالقول: «كتبت الكثير من الأعمال باللغة العربية الفصحى، ولا زلت أدعمها وأروّج لها، ولكن نحنا نعاني من مشكلة عدم تواجد الجمهور في المسرح الجاد. بالتالي لا يمكننا تقديم «علاج الصدمة» له، بل يجب علينا اجتذابه رويدا رويدا عن طريق تقديمنا لعمل بلغة عامية إنما بطريقة راقية وفلسفية. ونعد الناس بتقديم أعمال باللغة الفصحى خلال الفترة القادمة بعد إعادة الجمهور إلى المسرح الجاد وإعادة الثقة بينه وبينهم».

يشا أن زكي ماديني، عضو نقابة الفنانين في حلب كممثل. حاصل على جائزة الشارقة في مهرجان الإبداع الأدبي عام 2010. حائز على جائزة أبو خليل القباني في سورية عن الكتابة المسرحية عن نص «مساءكم حياة». خريج كلية العلوم وحاصل على ماجستير في إدارة الأعمال من جامعة سكيما في فرنسا.

من أجواء عرض مساكم حياة في ثقافة حلب

بدوره يقول مخرج العمل محمد دباغ بأن التحضير للعمل جرى بطريقة المختبر والتي تعتمد على أخذ آراء كامل طاقم العمل ضمن اجتماعات تتم بطريقة الطاولة المستديرة حيث يضيف: «إن طريقة المختبر هي طريقة تضع جهود كل فريق العمل ضمن جلسات حوار ومناقشات للوصول إلى العمل الأمثل. فلا يوجد هنا مخرج ومؤلف وممثل، إنما طاقم العمل ككل. عملنا على تقديم الصورة الأفضل للعمل كما نراه كلنا حيث يمثل هذا العمل مجهود فريق بأكمله وليس جهد شخص واحد. كنا متوقعين أن ينال العمل نجاحا إلى حد ما، إلا أن النجاح الذي حققه زاد عن توقعاتنا والحمد لله».

ويتابع قوله بأنه ما جعله يتبنى النص فكرته التي تتحدث عن الحياة والموقت ليس من الناحية المادية إنما من الناحية الفلسفية مضيفا بأن هذا العمل يختلف تماما عن العمل السابق له والذي قدمه قبل فترة والذي حمل عنوان «الرسول المجهول في مأتم أنتيجونا» وذلك ضمن «مهرجان الشباب» برعاية وزير الثقافة ونال عدة جوائز، مختتماً قوله بأن فكرة هذا العمل مختلفة جداً عن العمل السابق وأقرب أكثر إلى الجمهور.

من أجواء عرض مساكم حياة في ثقافة حلب

يشار إلى محمد دباغ: ممثل تلفزيوني مسرحي ومخرج مسرحي قدم عدداً من الأعمال يصل عملها إلى 18 عملاً مسرحياً و 12 عملاً تلفزيونياً كممثل وكمخرج لعملين مسرحيين هما «الرسول المجهول في مأتم أنتيجونا» و«أليس في بلاد العجائب» الموجه للأطفال. وقد بدأ رحلته الفنية منذ عام 1999.

من أجواء عرض مساكم حياة في ثقافة حلب

بدورها قالت بطلة العمل «حياة» -وهي الممثلة راميا زيتوني- بأن ما جذبها للنص تشابه شخصية بطلة العمل «حياة» معها ومع الكثير من الإناث اللواتي مررن في حياتها مضيفة بأنه في كل مشهد من مشاهد المسرحية كان هناك لمحة من أنثى مرت في حياتها حيث تضيف: «الجديد الذي يحمله هذا العمل عن باقي الأعمال هو اختلاف هذه الشخصية عن باقي الشخصيات التي جسدتها في مسيرتي الفنية حيث اعتاد المخرجون إسناد أدوار «الفتاة البريئة» الناعمة لي إلا أن هذه الشخصية مختلفة تماما كونها تمثل فتاة قوية الشخصية. «أنا سعيدة لأنه الشريحة العادية من الشعب فهموا العمل وأحبوه، كما أن الأكاديميين أحبوه حيث كانت الأصداء جيدة».

يذكر أن الممثلة راميا بدأت التمثيل منذ خمس سنوات حيث شاركت عدد من الأعمال المسرحية ضمن المسرح القومي إضافةً إلى مشاركتها في مهرجانات داخل وخارج سورية.

أحمد بيطار- حلب

اكتشف سورية

من أجواء عرض مساكم حياة في ثقافة حلب	من أجواء عرض مساكم حياة في ثقافة حلب	من أجواء عرض مساكم حياة في ثقافة حلب

بقية الصور..