التراث الشركسي في مهرجان الطيف السوري

06 كانون الأول 2011

في صالة مجمع دمر الثقافي

استمرت فعاليات مهرجان الطيف السوري الذي تنظمه مديرية المراكز الثقافية برعاية من وزارة الثقافة، حيث اكتظت صالة مجمع دمر الثقافي مساء أمس الإثنين 5 كانون الأول 2011 بالمشاهدين، ووقف الناس في الممرات وبقي العديد منهم في بهو الصالة، بعد أن جاؤوا ليشاهدوا وعلى وقع موسيقى التراث الشركسي فرقة الجمعية الخيرية الشركسية للفلكلور والفنون.

والشراكس مجموعة عرقية تشمل سكان شمال القوقاز من الشابسوغ، الأديغة، الأباظيين، الأبخاز، والشيشان وغيرهم. فنتيجة للحروب التوسعية التي شنتها الإمبراطورية الروسية في منطقة القوقاز، اضطر الكثير من الشركس للهجرة إلى الأراضي العثمانية أو الروسية بعد حروب وقلاقل استمرت أكثر من مئة عام.

يعد الشراكسة الذين يدين معظمهم بالديانة الإسلامية أقدم الأمم المعروفة التي سكنت القوقاز الشمالي، وقد اختلطوا بشعوب أخرى مما أدّى إلى ظهور فوارق لغوية بينهم، وصلت مع تقدم الزمان إلى درجة كبيرة من الاختلاف رغم وحدة ثقافتهم الإسلامية واتحاد مصيرهم، ويقول المؤرخون الشركس: «إن لقب "شركسي" ليس اسماً لأحد من الأقوام الساكنة في شمال القوقاز مما قد مر ذكرها، ولا تجد هناك حتى قبيلة واحدة تحمل اسم "القبيلة الشركسية" في القوقاز، إنما هي كلمة أطلقها الأجانب على أبناء شعوب شمالي القوقاز، وعلى سكان تلك المنطقة الأصليين، وتسمية "الشركس" أو "شراكسة" أو "شركسي" أطلقت على جميع الشعوب التي كانت تسكن شمالي القوقاز بما فيها الشيشان».

وبالعودة إلى حفلة أمس، فقد قامت فرقة الجمعية الخيرية الشركية للفلكلور والفنون بجولة تراثية عريقة قدمت خلالها الفلكلور الشركسي في تسع لوحات متنوعة تمازجت بين رقصات القوة المستمدة من جبال القفقاس لتعانق قمة جبل قاسيون، وإيحاءات الصوت الشجي التي تتغنى بالحب والجمال ولوحات الموسيقى وهي تجسد حب الوطن والشجاعة.

وركزت الفرقة التي تضم حوالي عشرين راقصاً وراقصة من خلال ملابسها وموسيقاها وأدائها على التراث الشركسي، حيث مثلت بلوحاتها على اختلاف معانيها ومدلولاتها إرثاً حضاريا تتوارثه الأجيال وتحافظ عليه.

وعادت الموسيقى الشركسية التي عزفتها الفرقة في الحفل بالجمهور إلى ماضي الشركس في جبال القفقاس حيث تجسدت في مقطوعات موسيقية رائعة تمازجت فيها خصوصية التراث وحيوية ومعاصرة الراقصين لتلخص في النهاية جذور الأمة الشركسية وتاريخها الممتد لآلاف السنين.

وقدمت الفرقة صورة جمالية مميزة من خلال الألبسة المزركشة التي زينت الراقصين والراقصات مع الإضاءة التي كانت متناسبة جداً مع تماسك الأداء وتوازنه وانسجامه الشديد مع الموسيقى.

وتميزت الفرقة بتقديم رقصة «القافة» وهي رقصة ثنائية يؤدي فيها الراقصون حركات دقيقة تتضمن معايير عالية من التراث الشركسي ما جعلها تسمى رقصة «النبلاء»، وفي هذه الرقصة يلتقي الشاب بالفتاة لأول مرة ويعيش في حالة من الانجذاب والإعجاب لذلك يمكن تسميتها برقصة «التعارف».

كما حملت الرقصات معانيَ سامية مثل الصداقة والحب والوطنية والشجاعة وهي ما يميز الإرث الحضاري والثقافي للشركس.

وفي لقاء مع «اكتشف سورية» قال رئيس مجلس إدارة الجمعية الشركسية السيد ضياء بالقر: «إن الفن هو المرآة التي تعكس تاريخ الشعوب وحضارتهم وعاداتهم وتقاليدهم والشركس جزء من الفسيفساء الثقافية والاجتماعية التي تتكون منها سورية المتميزة دوماً بتنوعها التراثي المتكامل».

وأضاف: «إن الفرقة بدأت مع تأسيس الجمعية وهي تنطلق في عملها من مقولة من لا يجيد الرقص لا يجيد الحرب، فكان الرقص دائماً مرتبطاً بالشعب الشركسي ويجسد واقع حياته»، وبين الأستاذ بالقر أن التراث الشركسي هو ملحمة وأسطورة عمرها أكثر من 4 آلاف عام قبل الميلاد توارثتها الأجيال لتصل كما هي إلى هذا اليوم فكل رقصة لها معنى.

وأنهى بالقر حديثه قائلاً: «أهمية هذا المهرجان تكمن في تعريف العالم بمدى التنوع التراثي والحضاري الموجود في سورية».

يذكر أن الفرقة الفنية في الجمعية الخيرية الشركسية تأسست منذ بدايات تأسيس الجمعية عام 1948 وهي فرقة هواة غير محترفة تتكون من شباب وشابات أعضاء في الجمعية ومهمتها الحفاظ على التراث والفلكلور الشركسي.

الجدير بالذكر أن فعاليات مهرجان الطيف السوري للموسيقى والفنون الشعبية مستمرة لغاية يوم الخميس القادم على مسرح مجمع دمر الثقافي الساعة السابعة مساءً.

إدريس مراد - دمشق

اكتشف سورية

من حفلة فرقة الجمعية الخيرية الشركسية للفلكلور والفنون ضمن فعاليات مهرجان الطيف السوري على مسرح مجمع دمر الثقافي	من حفلة فرقة الجمعية الخيرية الشركسية للفلكلور والفنون ضمن فعاليات مهرجان الطيف السوري على مسرح مجمع دمر الثقافي	من حفلة فرقة الجمعية الخيرية الشركسية للفلكلور والفنون ضمن فعاليات مهرجان الطيف السوري على مسرح مجمع دمر الثقافي

بقية الصور..