ندوة بعنوان المرأة والوطن في ثقافي أبو رمانة

22 تشرين الأول 2011

أقيمت في المركز الثقافي العربي، ندوة بعنوان المرأة والوطن، وذلك يوم الاثنين 17 تشرين الأول 2011، قدمها كلاً من الإعلامي بيير إيليا البازي، و الباحثة تغريد ريشة، والباحثة ريم الرحيل، وقد حضرها عدد من المفكرين والأدباء والصحفيين ورواد المركز الثقافي العربي.

وتحدثنا الباحثة تغريد ريشة عن مكانة المرأة في هذا الوطن وهي صانعة الحدث ومن أجلها يقع الحدث قائلةً: «عندما تعرف البشر الأوائل على زراعة الحبوب كانت المرأة هي المؤسس على ضفاف الفرات وبردى، وانتساب الأطفال لها لأنها من يرعاهم ويؤمن ثقافتهم وتعليمهم، وفي القديم كان دور المرأة في الأسطوريات السورية في موقع متقدم فهي الربة التي تمنح الخصب والحياة، ومن أبرز الربات عشتار التي ذكرت في النصوص الأوغاريتية، والمرأة في الأديان السماوية لعبت دوراً بارزاً ومحورياً، وذلك لمكانتها في الوقوف مع الرجل في جميع المجالات».

ومن أهم القصص في وقوف المرأة ومكانتها قصة الملكة زنوبيا التي تعد من أبرز النساء السوريات اللواتي تحدث عنهن التاريخ، حيث امتد حكمها من الفرات إلى البحر المتوسط وكان مركز حكمها تدمر، وقد دامت مملكتها سبعة عشر سنة ورغم الحروب والحصار عليها لم تستسلم، فأسرها الرومان وعاشت عاماً واحد بعد احتلال تدمر.

وتضيف أن المرأة في الصناعات الشعبية والحرف عبر التاريخ أن أول ثوب تمت حياكته في سورية، وذلك يعود إلى المناخ البيئي التي تتمتع به سورية، ففي مملكة ماري في شمال سورية كانت المرأة تتاجر في الصوف والجلود، وقد تم العثور على عدد من الرسائل التي تدل على مكانة المرأة وموقعها من العطاء.

وتؤكد على الأدوار المهمة لدى المرأة السورية وقوفها في وجه المستعمرين، ولقد ناضلت بأبهى صورة وأروع الأشكال من أجل تحرير الأرض المغتصبة، ولا ننسى الدور الذي لعبته المرأة في الجولان السوري ضد المحتلين الصهاينة، فلم يكن دورها أقل وأشد عنفوان من الرجل، فقد ساندته في النضال والاعتصام والاستشهاد وقد لمعت أسماء كثيرة مضيئة كالنجوم أضاءت ظلمات الاحتلال والظلم والقهر.

ومن القصص المعبرة في الجولان المحتل، قصة والدة الأسير المحرر سيطان الولي، ووالدته السيدة محسنة ذيب هنيدي التي هذت العالم من خلال دمعة التي ذرفت أمام عدسة الفضائيات قبل إطلاق سراح ابنها المعتقل منذ 23 عام في سجون الاحتلال، وتلك السيدة التي حرمت من زيارة وطنها منذ أربعة عقود ونيف، وفقدت سبعة أشخاص من أسرتها دون أن تحظى بنظرة وداع عليهم، فهنا نرى أن المرأة السورية كانت الأم والمقاومة والمربية، وهي الأسس في بناء أي مجتمع واعي وناهض.
وبدوره يحدثنا الإعلامي بيير إيليا البازي عن دور الفعال للمرأة السورية في هذا الوطن قائلاً: «يعتبر التاريخ ذاكرة الحياة وقلب الشعوب النابض، وسجل توثيقي للأحداث والوقائع للذين سطروا بدمائهم أحرف كلماته وكرامة الوطن وتحريره من أيدي الغاصبين لثروته وخيرته وتقييد حريته، ولهذا فإن المرأة منذ فجر التكوين تقف إلى جانب الرجل في البيت والحقل والمعمل ولكنها لم تفقد واجباتها في متابعة سلوك أبنائها في أعدادهم وتعليمهم».

ولأن المرأة والوطن هما توأمان، فإن نضال المرأة السورية كانت و ماتزال تحمل الهم الوطني وتساهم في صناعة الأجيال، ومن خلال الأحقاب المنصرمة من تاريخنا النضالي العريق لعبت المرأة الدور الأساسي في عملية البناء والنضال والتوعية، إلى أن أصبحت تحتل بشكل فعلي المناصب القيادية وتعتبر نسبة مشاركاتها أفضل بكثير من مثيلاتها في بقية الدول العربية، وهي تدير مؤسسة تربوية تتمثل بالأسرة فثقافتها ووعيها تصب جميعها في مصلحة الأمة التي تصنع الرجال وتقود الوطن إلى النصر.

وبدورها تحدثنا الباحثة ريم الرحيل عن دور المرأة في الوطن رغم العادات والتقاليد التي تقف في وجها قائلةً: «أن للمرأة وضع خاص في مجتمعاتنا العربية، ونصف النساء العربيات يتعرضن لعدد من الممارسات والأخطاء بالواقع المعيشي والثقافي والاجتماعي، الذي يكون مرهونً بجملة من العادات والتقاليد، والمرأة السورية ليست بمنأى عن أخواتها العربيات ولكن هذا لا ينفي أن لواقعها بعض من الخصوصية، وهذه الخصوصية جاءت بعد مسيرة طويلة من الجهد والنضال مضافأ إليها جهد الدولة، واستصدار مجموعة من القوانين التي تهدف إلى ارتقاء المرأة ووعيها، ولعل التراكم النضالي والمعرفي للمرأة السورية بدأ منذ أمد بعيد بدءاً من نازك العابد، ومروراُ بكثيرات من المناضلات والمفكرات والأديبات وصولاً إلى تسلم المرأة لمنصب نائب رئيس الجمهورية».

وتؤكد على الرغم من مجمل هذه الصعوبات لم تنكفئ المرأة عن مشاركتها للرجل، بل حاولت أن تزيل عن كاهله وكاهل المجتمع والوطن كل ما يؤدي إلى تراجع دورها التعليمي والتربوي، ولم تبقى مكتفية بذلك الدور التقليدي الذي تفرغ طاقاتها في أعمال المنزل، ولكنها في المجتمع السوري هي شريكاً واعياً لما يدور حولها من أحداث، حيث ساهمت مساهمة فعالة في إضافة لبنات جديدة في بناء يسمى الوطن، ويحتاج من المرأة أن تكون يداً بيد مع الرجل للارتقاء والتطور في رفع مستوى المجتمعات بشكل عام.


عبد القادر شبيب - دمشق

اكتشف سورية

Share/Bookmark

اسمك

الدولة

التعليق