المصور الضوئي عمار عبد ربه في حوار مع اكتشف سورية

30 كانون الثاني 2011

الفنان عمار عبد ربه مصور ضوئي من دمشق، جال أرجاء المعمورة ليلتقط صور خلدت لحظات كثيرة من حياة المشاهير من رجال السياسة والاقتصاد، كما تابع العديد من مهرجانات السينما وعروض الأزياء من خلال عدسته التي لم تتوقف عند هذا الحد، فالتقط بعدسته حكاية شعوب عانت من هول الحروب في أكثر من بقعة من هذا العالم. فتسابقت عليه أغلفة كبريات المجلات العربية العالمية، تطلب صورة لتبيع من خلالها آلاف النُسخ من مطبوعاتها، وليحقق نجاحاً كبيراً على موقع «فليكر» مع تجاوز عدد مليون وخمسمائة آلف زائر لمعرضه الافتراضي على صفحته في هذا الموقع.


المصور الفنان عمار عبد ربه

وفي دمشق كان موعده مع متتبعي سحر عدسته، فكان فضاء المركز الثقافي الفرنسي محطة يتتبع من خلالها المشاهد السوري، بعض من ذكريات هذا المصور، عبر صوره الأربعين ضمن معرضه «عشرون سنة أربعون صورة» والذي سيستمر في الثقافي الفرنسي لغاية 13 شباط 2011. كما ستعرض هذه الأعمال لاحقاً في فندق حلب بين 26 شباط وحتى 8 آذار2011.


وعلى هامش المعرض التقى موقع «اكتشف سورية» الفنان والمصور الضوئي السوري عمار عبد ربه وكان هذا الحوار الخاص:

إقامة معرض تصوير ضوئي يحتاج لكثير من التحضيرات وخاصة أن تجربتك الضوئية طويلة وحافلة بالكثير من الأحداث، لنتكلم عن هذا الجانب
«رغم مشكلة ضيق الوقت التي نعاني منها كمصورين ضوئيين، تبقى فكرة إقامة معرض فوتوغرافي شاغل للمصور الضوئي، والذي يتطلب الوقت من التحضير وانتقاء الصور والبحث عن الممولين وهذا صعب نوعاً ما، ضمن كثرة أسفارنا بين بلدان العالم».

لنتكلم عن وجه الاختلاف بين مشاهدة الصور من على أغلفة المجلات والجرائد وبين معرض مخصص لنتاج المصور الضوئي.
«من المهم أن يشاهد المتلقي أعمال المصور بعيداً عن أغلفة المجلات والجرائد، وخاصة أن حجوم الصور في هذه الوسائل الإعلامية صغيرة ولا ترتقي لطباعة وحجوم هذه الصور الموجودة في معرض خاص للأعمال الفوتوغرافية والمعرض هو أيضاً بمثابة سفرة، رحلة، إلى عالم المصور بكل مشاكله وبهجته وحزنه وما يمسه».


من معرض المصور الضوئي عمار عبد ربه في المركز الثقافي الفرنسي:
في تدمر عام 2003 السيد الرئيس بشار الأسد والسيدة عقيلته يستقبلان ملك إسبانيا خوان كارلوس والسيدة عقيلته التي لا تظهر في الصورة

ما هي الأسس التي تم عليها انتقاء هذه المجموعة من الصور الفوتوغرافية، لتقدم للمشاهد السوري
«لقد كانت هنالك حيرة كبيرة في موضوع اختيار الصور التي نريد عرضها، وخاصة بوجود صور كثيرة تعود لـ20 عاماً مضت، ولهذا فقد استثنيت الكثير من الصور القيمة التي لم تعرض في هذه المعرض، وعن أسس اختيار الصور المُنتقاة كانت الصور التي تشد وتهم المشاهد السوري والتي لها علاقة به، ومنها صورة معروضة لجمعية "اتبع النساء" لدى وصولهن لمدينة القنيطرة في الجولان السوري، وصوراً للسيد الرئيس بشار الأسد والسيدة عقيلته أسماء الأسد، في أكثر من مناسبة رسمية وخاصة، كما توجد صوراً عن لبنان والعراق، الجاران السوريان الأقرب، وهي صوراً تثير لدى المشاهد السوري الفضول والاهتمام، كما أن هنالك صوراً تم اختيارها لهذا المعرض قبل حدوث بعض الأحداث العالمية والتي أحدثت تبدلات في مسيرة بعض الشعوب، كصورة للرئيس التونسي السابق "زين العابدين بن علي" والتي كان لها الكثير من التحفظات لدى المشاهد السوري، وفي هذا الخصوص أقول أن هذه الصورة عمرها 13 عاماً»

وعن تمويل رحالات العمل التي يقوم بها المصور عمار عبد ربه يقول
«أملك وكالة "بلقيس" ومقرها في باريس، وهي ملكية خاصة منذ 10 سنوات، تهتم بالكثير من الأحداث العالمية المثيرة للاهتمام لدى الجرائد والمجلات العالمية، وهي التي تغطي نفقات وتكاليف السفر والإقامة. كما نعمل مع عدد من المصورين الضوئيين في عدد من العواصم العربية والعالمية، نحاول من خلالهم تغطية قدراً كبيراً من الأحداث»


صور المصور عمار عبد ربه
على أغلفة عدد من المجلات العربية والعالمية

وفي سؤال عن أهمية حضور المصور الفوتوغرافي العربي على خارطة الأحداث وخاصة العربية منها يقول:
«من الضروري أن نقدم نحن كعرب نظرتنا حول عالمنا العربي وتقديمها للغرب، وكمثال على ذلك فنحن كسوريين عندما نصور مدينة دمشق فإننا نرى الكثير من الأمور على اختلافها أو تناقضها، بعكس المصور الأجنبي الذي يريد أن يقدم صورة محددة عن المدينة والمجتمع وبغض النظر عن الواقع العام، فهنالك الكثير من المصورين الأجانب قدموا المجتمعات العربية على أنها مجتمعات متطرفة، لذا فهذا شيء خطر للغاية على المستوى الإعلامي والبصري، لذلك فإن ما أتمناه هو تحسين إمكانيات المصورين العرب وإنشاء وكالة عربية تُعنى بتقديم الصورة الحقيقية للمجتمعات العربية»

من المهمات الخطرة التي تحملها أعباء مهنة التصوير التواجد في أماكن ساخنة من العالم بماذا تحدثنا عن ذلك.
«لا اعتبر نفسي مصور حروب، فهنالك مصورون يهتمون في المناطق الساخنة من العالم، ولكن في عام 2003 كنت متواجداً في العراق قبل بداية الحرب بفترة قصيرة، وكان من الصعب علي مغادرة العراق إلى مكان أخر والذهاب لفرنسا، بينما أهلنا في العراق يتعرضون للقتل والدمار، فما يربطنا بالعراق تاريخ طويل من الجوار والتاريخ المشترك، ونفس الأمر حدث في لبنان الشقيق الذي تعرض للكثير من الحروب»..


رجال الشرطة والإسعاف يغلقون نفق الألما في باريس حول الحادث
الذي قضت فيه الأميرة ديانا وعماد الدين الفايد عام 1997


أنت مصوراً للملوك والرؤساء كيف يتم التنسيق مع مكاتبهم الإعلامية، وكيف حصلت على ثقة الشخصيات المهمة؟
«هذا يتطلب مرحلة طويلة من العمل الجيد والمتقن، لذا في بداية الأمر أقدم طلب عبر مستشاريهم الإعلاميين، وإرسال أعمالي السابقة ليتم معاينتها، كما أن هنالك شخصيات اقتصادية وأصحاب شركات عالمية أتعامل معها، ويجب على المصور أن يكون جاهز مئة بالمئة والخطأ غير وارد مطلقاً عند القيام بمهمات التصوير لهذه الشخصيات».


عارضة تقدم فستان عرس لمصمم الأزياء اللبناني
إيلي صعب في متحف الإنسان في باريس عام 2007

لنتكلم عن تكنيك المصور الضوئي وما هي الخطوات المهمة في عملية التقاط الصورة وهنا نستشهد بصورة لعارضة الأزياء حيث اتسمت هذه الصورة بروعة التكوين؟
«يجب على المصور أن يكون ذكي في لحظة التقاط الصورة، وأن يستبق مشهدية اللحظة أو الحدث الذي يريد التقاطه قبل فوات الأوان، فبعشرين ثانية يجب أن يكون المصور في حالة تأهب لالتقاط صورة ما يريد، وهذا يتطلب سرعة البديهة وشيء من الحظ، وخاصة في هذه المهنة.

وعن هذه الصورة التي استشهدت بها، نحن كمصورين في عروض الأزياء نستعين بعدسة طويلة لعملية التصوير، ولكن في هذه الصورة لاحظت وجود "طرحة العروس" وهي طويلة تحملها ثلاث عارضات، فكانت العدسة الطويلة خيار ليس بجيد لإظهار جمال وطريقة عرض "طرحة العروس"، فبسرعة قمت بتبديل عدسة الكاميرا والتقطت الصورة من دون أن أتمكن من تعديل إعدادات الكاميرا، فكانت هذه الصورة».

توجد صورة مؤلمة لكل عربي وإنسان حر، وهي صورة الجندي الأميركي إلى جانب مجسم أثري عراقي وهي صورة مستفزة للمشاعر لما آلت إليه هذه الحضارة العريقة.
«ما أسعي إليه هو تقديم صورة حقيقية لما يوجد على أرض الواقع، ولولا مواضيع هذه الصور الضوئية لما أقمت معرضاً، فالصورة التي تصفع أو تحرض على السؤال هي الصورة التي ستبقى في الذاكرة، وقد كانت لصورة الجندي الأميركي وهو في حالة استرخاء أمام أحد قصور عدي نجل الرئيس السابق صدام حسين، أثرها لدى المتلقي السوري، فكانت هذه الصورة محرضة للتفكير والتأويل حسب ثقافة المتلقي، فهنالك الكثير من المشاهدين نفروا منها وأزعجتهم، فبعضهم رأى فيها غطرسة الجندي الأميركي، ولكن بالمقابل هنالك أُناس حللوا الصورة بطريقة مغايرة وهي أن هذه الآثار هي أكبر من الجندي الأميركي، وهي الباقية على الأرض بشموخها أمام ذلك الجندي الصغير».

وعن أقسى صورة تعبر عن معاناة الإنسانية، وأثرها عليه يقول المصور عمار عبد ربه.
«لا توجد عندي صورة محددة، ولكن توجد -سفرات عمل- كانت قاسية ومنها عملي في البوسنة والتي أمضيت فيها فترة طويلة في عام 1994، إبان حصار "سرايفو" فهنالك الكثير من الصور التي التقطها والتي لم التقطها وما زالت تعيش في ذاكرتي، فأنا عايشت معاناة تلك المنطقة الساخنة، وتقاطعت مع الكثير من الشهداء وإخوانهم ممن كانوا بعمري آنذاك، وخاصة عندما كنت أزور مقابر الشهداء في تلك المنطقة، لذا لا توجد صورة واحدة بل سلسلة من الأحداث التي عايشتها، ومنها الغارات التي شُنت على العراق والتي أشعر بضجيج قنابلها ورهبة ذلك الموقف أعيشه كل يوم».


بغداد في الليلة الثانية من القصف الاميركي على مجمع القصر الرئاسي
الواقع على نهر دجلة عام 2003

لم توثق عبر كاميرتك جرائم الكيان الصهيوني ضد شعبنا في فلسطين المحتلة ، لماذا؟
«ذهبت لفلسطين وتحديداً إلى مدينة رام الله أثناء تشييع الرئيس ياسر عرفات، وهي زيارة لا أنساها وأتمنى أن أكررها، ولكن المشكلة أن القوانين تقف في وجه الصحفيين والمصورين في عدد من الدول العربية بالسماح لإعلامييها بالسفر إلى فلسطين، لأن ذلك يضعنا تحت خانة "التطبيع"، وهنا أقول أن ذهابنا إلى هنالك لتوثيق معاناة الشعب الفلسطيني، ليست بعملية تطبيع، بل إن هذا الأمر يضع إسرائيل في موقف حرج أمام الرأي العالمي»

وماذا عن مشاكل حقوق الملكية الفكرية، وخاصة أن صورك تباع وتنشر في بعض الأحيان من دون علمك؟
«من المفارقات أن بعض صوري منتشرة في سورية على المستوى الشعبي، ولكن قلة قليلة تعرف أنني مصور تلك الصور، لذا دائماً ما أتعرض لسرقة حقوق الملكية وخاصة في البلدان العربية، أما في الغرب فحقوقي محفوظة بسبب القوانين التي تطبق حول الملكية الفكرية والفنية».

وفي سؤالنا الأخير عن بدايات المصور الضوئي عمار عبد ربه، ينهي مع اكتشف سورية هذا اللقاء.
«أنا من مواليد دمشق 1966، والدي هو الإعلامي ياسر عبد ربه، الذي أحببت دائماً عمله ومهنته، لذا فقد كانت لدي رغبة قوية في العمل الصحفي وأن تكون مهنتي الأساسية التي أكتب من خلالها في الدوريات العربية، فالتحقت بعد دراستي الثانوية بمعهد العلوم السياسية في باريس لتحقيق رغبة العمل الصحفي، ولكن وبطريق الصدفة دخلت عالم التصوير الصحفي، الذي غير مسار حياتي لأصبح مصوراً فوتوغرافياً، فعملت في أكثر من وكالة إعلامية، ومن ثم قمت بتأسيس وكالتي الخاصة "بلقيس"، وللمفارقة فإن صوري تنشر في العديد من المجلات وجرائد العالم أكثر بكثير من أي مقال قد اكتبه، فالصورة لغة عالمية لا تحتاج إلى الترجمة».


مازن عباس - دمشق

اكتشف سورية

Share/Bookmark

صور الخبر

من معرض المصور الضوئي عمار عبد ربه في الثقافي الفرنسي: «في تدمر عام 2003 السيد الرئيس بشار الأسد وعقيلته السيدة أسماء الأسد يستقبلان ملك إسبانيا خوان كارلوس والسيدة عقيلته التي لا تظهر في الصورة»

من معرض المصور الضوئي عمار عبد ربه في الثقافي الفرنسي: «في مدينة صنعاء نساء يمنيات في انتخابات عام 2006»

من أجواء معرض المصور الضوئي عمار عبد ربه في المركز الثقافي الفرنسي

بقية الصور..

اسمك

الدولة

التعليق

Laila Awad:

تحيه الى المصور الفوتوغرافي عمار عبدربه المجاهد الطنوح الذي يتعرض للمخاظر لالتقاظ المشاهدفي مواقع الأحداث لنقل الحقيقه . الصوره هي أرشيف للتاريخ ومصدر للالهام الفني.
شكرا لك آملين أن نشاهد صور من كمرتك في مجالات متعدده

ليلى عواد رسامه هاويه

Syria