جبلة
مدينة ساحلية سورية قديمة، تلفظ في كتب التراث «جَبَلة»، دعاها الحثيون «جيبالا»، والأوغاريتيون «جبلة» والرومان «جبالا»، وسماها الصليبيون «زيبيل»، وقد جاء ذكرها في نصوص أوغاريت.
تقع جبلة على الساحل الشرقي للبحر المتوسط، ولا يزيد ارتفاعها عن البحر عن خمسة أمتار، وتتبع إدارياً محافظة اللاذقية.
تعد جبلة من أقدم المدن على الشاطئ الشرقي للمتوسط، حكمها حمورابي، ولم تكن في تلك الفترة مركزاً هاماً بل مرفأً صغيراً لمدينة سيانو، وما لبثت أن قامت هنا مملكة ضمن جبلة وتل سوكاس وعرب الملك، ثم خضعت للآشوريين عام 723 ق.م، ثم للفرس واليونانيين في القرنين الخامس والرابع ق.م، ثم أصبحت جزءاً من الدولة السلوقية، وبعد ذلك أصبحت رومانية على يد القائد الشهير بومبي عام 64 ق.م، وأولتها روما اهتماماً كبيراً، وبنت فيها مدرجها الشهير الذي يعد الثاني في سورية بعد مدرج بصرى، ومنذ القرن الأول الميلادي تبعت جبلة بطريركية أنطاكية، وازدهرت نوعاً ما. وقد دمرتها الزلازل عدة مرات في الأعوام 476 و859 و865 و1157م.
دخل المسلمون المدينة عام 17 هـ/ 687م، على يد عبادة بن الصامت الأنصاري الذي فتحها دون قتال، وقد ازدهرت في العصر الأموي والعباسي، حيث أمر معاوية بتجديد مدرجها وترميم ما تعرض منه للخراب، وبنى خارجه قلعة منيعة، وأمر أبو جعفر المنصور ببناء الجامع الجديد المدفون إلى جانبه إبراهيم بن الأدهم (أحد أولياء الصوفيين، وأمير بلخ الفارسية).
احتلها الصليبيون عام 1098م، وغيروا اسمها إلى «زيبيل»، وأضحت مركزاً لأسقفية تابعة لأنطاكية، كما كانت من قبل، وبقيت تحت سيطرة الصليبيين حتى جاء صلاح الدين الأيوبي وحررها دون قتال عام 1188م، لكن الصليبيين احتلوها ثانية عام 1219، وحررها الملك قلاوون عام 1258م.
احتلها العثمانيون عام 1516م، وأصبحت مركزاً تابعاً لطرابلس، وقد داهمها الطاعون عام 1875 وفتك بسكانها، وظلت عثمانية حتى جاء الاستعمار الفرنسي، ثم اندلعت ثورة الشيخ صالح العلي على الفرنسيين، وبعد جلاء القوات الفرنسية، أصبحت جبلة تابعة لمحافظة اللاذقية.
تعد جبلة مدينة سياحية مهمة على ساحل البحر المتوسط، لما تتميز به من طبيعة جميلة وآثار قديمة، فتتميز بمدرجها الروماني، الذي يضم المسرح الروماني الذي شيده الإمبراطور جستينيان، وهو أجمل أثر روماني على شاطئ فينيقية القديم، كما وصفه المؤرخ والكاتب الفرنسي رينان، حيث يتسع لنحو 1800 شخص ويتميز بقناطر جميلة و 27 مدخلاً. عدا عن ذلك تحتوي جبلة على العديد من الأضرحة الفينيقية الموجودة شمال المرفأ، ومدفن السلطان إبراهيم، والجامع الكبير الذي بني في عهد أبي جعفر المنصور، والمرفأ الفينيقي، وبعض التلول الأثرية المهمة، كتل سوكاس الذي يتوسط المسافة بين جبلة وعرب الملك، تحيط به دعائم جدران قوية، تؤلف جزءاً من تحصينات قوية كانت تحيط بالتل وتحمي ساكنيه، وتظهر في الطوابق العليا من التل آثار تعود إلى الألف السادس والخامس قبل الميلاد، وتل الصليب الذي يرتفع 17.4 متر فوق سطح البحر، ويقع شرق عرب الملك، ثم عرب الملك وتدعى بالاطوس، أو بلد الملك، وتقع على بعد 11كم عن جبلة، وتعود إلى القرنين الأخيرين من حضارة أوغاريت، وغيرها من الآثار الرائعة.
مواضيع ذات صلة: