هل سيقضي مهند على أبو شهاب؟

05 06

سؤال ملح يواجهه الشعب العربي حالياً، وينشغل به الإعلام وصناع الدراما. يتابعون ويستطلعون الشارع عن مزاجه وسبب حبه وتعلقه بالدراما التركية ويتساءلون عن مدى تأثير هذا النجاح على مستقبل الدراما السورية، فهل سيستبدل المشاهد العربي بطله الأسطوري ذا الشوارب المفتولة والصوت الرجولي «أبو شهاب» بالبطل العصري الناعم صاحب العيون الزرقاء «مهند»؟

ركام من التفسيرات والتحليلات ذات المرجعية الفكرية العميقة والمتبحرة ترصد اليوم سر ذوق المشاهد العربي، وكيف استطاع هذا المشاهد أن يقبل «باب الحارة» وأخلاقه الشامية القديمة، بما يخص علاقة الرجل والمجتمع بالمرأة والتي ظهرت على أنها متسلطة فتن بها الرجال والنساء والأطفال، كعالم بديل من التفكك الأسري الذي نعيشه، وكيف يتقبل اليوم ويعجب بعمل تركي يذهب إلى يسار العلمانية حيث نجد أبناءَ خارج المؤسسة الزوجية وشرب العرق وصوم رمضان ومساكنة.

من هنا تأتي صعوبة السؤال لأن هذا المشاهد يريد شيئاً محدداً من العمل وليس كل العمل، فإذا سألنا ماذا بقي من «باب الحارة» فسنجد أنها علاقة «أبوعصام وسعاد»، وما سيبقى من مسلسل «نور» سيكون علاقة الحب بين «مهند ونور»، والعملان من اكتشاف الـ «إم بي سي»، والقصة بعيدة عن وصولها إلى السر بقدر ما هو قراءة دقيقة لمستوى «تذوق» المشاهد ووعيه عندما يكون قرار العودة بهذا المشاهد إلى زمن ما قبل النهوض في الوعي الفني، إلى تلك البدايات، حيث كان يقتصر دور الدراما على التسلية من خلال خلق «العالم الافتراضي» الذي تقدمه بجدارة الآن نوافذ «الدردشة» في الإنترنت، وهو العالم الموازي للحلم المقهور عند المشاهد الذي لا يعثر عليه في الواقع، فنفتتن بالعدل لأنه لم يعد موجوداً، و«بالفخفخة» والرفاهية لأنهما حلم بعيد عنا، وبالحب بعد أن أصبح أزمتنا وأزمة العالم.

وإذا كان «باب الحارة» قد خاطب شرائح واسعة في تركيزه على «ثيمة» الرجولة والحب والتماسك الاجتماعي المفتقد، إلا أن «نور» قد وسع خطابه ومشهده البصري لتدخل «العصرية» الفاتنة بكل تفاصيلها مع قصة حب لشاب وفتاة يحملان كل الصفات المشتهاة من تلك المتخيلة، حيث الحب المتجدد والصافي المخلص الذي يحظى دائما بأسباب لعودته بقوة، يحقق حلم كل النساء المنكسرات، ويمكن تلخيص هذه العلاقة بين الدراما والعالم الافتراضي باستحضار «سوبرمان نيتشه» الرجل الخارق البديل الميتافيزيقي الذي سيحقق المجتمع السعيد والعدالة بقواه الأسطورية بعيداً عن القوانين والذي يجسد الحلم المكبوت عند البشر.

المرأة هي الهدف!!
لكن خطاباً آخر بدأ مع الإنتاج الفني الدرامي كان يُحرص فيه دائماً على استهداف النساء، ويبدو أن التسويق عرف أن العمل الجيد والمتابَع هو العمل الذي تحبه النساء، عندما يكتب لهن، بلغة قريبة إلى طريقة تفكيرهن، وهذا ما أطلق عليه «الأعمال الخفيفة» المسلية، وهو اتجاه سائد في العالم، حيث استنتج الباحثون أن أحد أسرار انتشار رواية «شيفرة دافينشي» يكمن في طريقة كتابتها التي كانت بلغة بسيطة وصفت بأنها قريبة من ثرثرة النساء، والقصد ليس الحرص على تسلية النساء، ولكنه مبني على أساس علمي مفاده أن أي عملية تغيير في المجتمع يجب أن تؤمن بها المرأة لتنفذها وتنقلها عبر التربية لأولادها، فإذا ما أردنا دس فكرة جديدة يجب علينا أن نقنع بها المرأة، ومن هنا ستبدو لنا كلمات «خفيفة ومسلية» صفات غير حقيقية، لأنها تنطوي على درجة عالية من الخطورة إذا ما بحثنا في خطابها الذي يختبئ خلف الصورة والحوار البسيطين، فمن هذه البساطة نستطيع تمرير الصورة التي تحمل أفكاراً نريدها دون أن ينتبه المشاهد إلى أنها موجهة، لكنها بالتأكيد ستفعل فعلها، وعندها لن نفكر كثيراً في كيفية استمرار مسلسل أميركي أكثر من خمسة آلاف حلقة، «ذا بولد آند ذا بيوتيفل» والذي ستبدأ ببثه الـ «إم بي سي ون» قريبا إذا ما علمنا أن هذا العمل بدأ في الثمانينيات وما زال مستمرا بما يشبه سينما الواقع إلى الآن على أرضية الانعتاق من قوانين الأسرة المتزمتة لكي تحل محلها الأسرة المتحررة، فنجد البطلة قد تزوجت من كلا الأخوين وأنجبت، وتتكرر الخيانات بين الأجيال في هذا العمل المبني على وسط ثري قوامه دار أزياء ضخمة وأشخاص أثرياء هم ومن حولهم يؤمنون بالمشاعر التي يتم فيها غفران الأخطاء الجنسية التي مع مرور السنين لم يعد يتعامل معها على أنها أخطاء، وسر استمرار هذا العمل هو التشويق الذي يكمن في عدد العارضات الجميلات اللاتي يلبسن آخر صيحات الموضة ويركبن السيارات الفارهة وينمن في تلك الأسرة الوثيرة ويعشن فيها قصصاً ساخنة من الحب ستفتح شهية المشاهدة من قبل شريحة واسعة، هي عالمهن البديل المحبوب، هو عالم المرأة السحري الذي تريده، ولن نفكر لماذا «مهند» هو الصورة الكاملة للرجل في حين «نور» امرأة ذات جمال عادي.

ومن الظلم أن تقارن مثل هذه الأعمال حتى لو أتت مدبلجة بالدراما السورية الجادة، التي كانت نموذجاً وخطاً فنياً آخر هو بحث حقيقي في فنون السيناريو والكاميرا والموسيقا، انغمست بمواضيعها في الواقع ونبض الشارع بكل ما فيه لتكون دراما من نوع آخر تحرص على أن تكون حاملاً فكرياً لن يكون مسلياً في أغلب الأحيان. لكن الغريب أن الـ«إم بي سي» لا تحذف مشاهد من الدراما التركية على عكس ما تفرضه على الدراما العربية التي تشتريها أو تشارك في إنتاجها، ومن غير الممكن أن نرى ممثلة عربية تقبّل ممثلاً عربياً حتى لو كانا زوجين فكيف وهما صديقان. إنها ازدواجية بدت لافتة من المحطة، ولكن يؤمل بعدها أن يتقبل المشاهد العربي المشاهد والأفكار التي تطرحها مثل هذه الأعمال التي ستساعد المتلقي العربي في تفتيح آفاق وعيه، عندما يرى أن كل حالات الحب إن كانت بعقد شرعي أم لم تكن، هي حالات إنسانية مبررة وتستحق التعاطف معها في مجتمع يشبهنا إلى حد كبير.


الوطن

Share/Bookmark

صور الخبر

بقية الصور..

اسمك

الدولة

التعليق

houita:

samer almasri ajmal bktir men mouhanad w jamel

tunis

tunis

اسماء:

مهند ومعتز فقط

ليببا