المواطن و المواطنة: محاضرة للأستاذ بديع جميل في الثقافي العربي في الحسكة

09 آب 2010

شهد المركز الثقافي العربي في الحسكة مساء يوم الأحد 8 آب 2010 محاضرة للأستاذ بديع جميل بعنوان «المواطن والمواطنة»، تحدث فيها عن تطور فكرة المواطن عبر التاريخ منذ بداياتها الأولية لدى الفلاسفة اليونان وصولاً إلى المفاهيم والنظم الحديثة السائدة في أغلب بلدان العالم.

ابتدأ الأستاذ بديع جميل محاضرته بقول للفيلسوف فرنسيس بيكون جاء فيه: «إذا ما أقصي الإنسان عن العالم، فإن ما يتبقى سيبدو ضالاً، دون هدف أو غرض وسيفضي إلى اللاشيء».

لقد كان محور اهتمام الفلاسفة على اختلاف توجهاتهم هو الإنسان في كل مكان وزمان، وهكذا عرج المحاضر على ذكر دور فلاسفة اليونان في تنظيم المجتمع وتوضيح مفهوم المواطنة. فأفلاطون مثلاً اهتم بموضوع تغيير المجتمع في عاصمة اليونان (أثينا) وذلك من خلال تصورات مثالية عما يجب أن تكون عليه الحياة الاجتماعية وهو ما تبلور عنه لاحقاً كتابه الشهير «الجمهورية».

هذا مع العلم أن اليونانيين أخذوا الكثير من الحضارات التي سبقتهم أو عاصرتهم، فالحضارة الهيلينية مثلاً، هي امتزاج بين الحضارة اليونانية والحضارة المصرية القديمة. وبالتالي فمن المفيد ذكر دور الباحثين والفلاسفة والمشرعين والمصلحين الاجتماعيين قديماً في مصر والهند والصين والذين عالجوا موضوعات اجتماعية لا تقل شأناً عمّا عالجه فلاسفة اليونان.


جانب من الحضور في محاضرة الأستاذ بديع جميل

فقد عرف الفراعنة أدق نظم الحكم ووصفوا من التشريعات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية ما أعانهم على النهوض بأعباء الحكم لمدة طويلة. ففي الهند تعددت العقائد والأفكار وتنوعت العادات والتقاليد وأساليب الفكر التي انعكست على النظم الاجتماعية. وفي الصين اهتم الفلاسفة بالأخلاق وشؤون الاجتماع البشري وتميزوا باتجاهاتهم الواقعية في معالجة شؤون الحياة البشرية.

وأشار المحاضر إلى دور الملاحم الشرقية القديمة والشعر في الاستدلال على العادات والتقاليد والنظم التي تحدد شكل الوطن وتنظم العلاقات بين أبنائه. كما لا بدّ من الإشارة إلى دور علماء العرب في هذا المجال مثل ابن خلدون، والبيروني، وشمس الدين القدسي وغيرهم.

عرّف المحاضر الوطن بأنه الأرض التي يولد عليها الإنسان أو المكان الذي يستقر فيه ويعمل على صونه ويحترم خصوصيته و يدافع عنه، أما المواطن فهو الإنسان الذي يمارس حقوقه وواجباته ويحترم الآخر، كذلك فالمواطنة هي سلوك أخلاقي أو عمل وممارسة حياتية، أما الوطنية فهي شعور طبيعي وإيجابي مفاده الانتساب إلى الوطن.


الأستاذ بديع جميل

ثم تحدث الأستاذ بديع عن ظهور النظم الديمقراطية، فمن المعروف أنّ الأوروبيين في عصر النهضة توجهوا نحو فحص الذات عن طريق المقارنة بين أنفسهم وبين الشعوب الأخرى، مستخدمين طرق الاستكشاف والترحال والاطّلاع على النتاج الحضاري الإنساني عموماً، ما أدّى إلى ظهور الحركات القومية الأوروبية ومبادئ الحرية و المساواة وتكافؤ الفرص، وكان من النتائج السلبية لتلك المرحلة ظهور نظرية «السيادة العنصرية للجنس الجرماني» التي أدت إلى قهر الشعوب المتأخرة وأفرزت الويلات للعالم ولا سيما إبان الحرب العالمية الثانية. في الجهة المقابلة كانت الدولة الشيوعية التي أرسى معالمها كارل ماركس تدعو إلى قيادة الشعب للدولة وقيام النظام الاشتراكي وتنظيم المجتمع عن طريق المنظمات الشعبية والنقابات المهنية التي تؤمّن حقوق المواطن وتحميه من الاستغلال. بعد انهيار الاتحاد السوفيتي كان لابدّ من تحصين الدولة من خطر العولمة أو من سياسة القطب الواحد وذلك عن طريق الحفاظ على المكتسبات الروحية والسياسية ونشر روح الانتماء والولاء للوطن، «فالولاء للوطن أسمى من كل الولاءات»، وفق عبارة المحاضر، وذلك بالاهتمام بالملكية العامة واحترام القانون وتكافؤ الفرص للجميع دون استثناء، والتأكيد على الحوار لفوائده الكثيرة ومنها نشر الرضا وتوليد المزيد من الحقائق.

ثم أشار المحاضر إلى مفهوم الحرية ووضح أن الإنسان الحرّ أقوى وبالتالي إذا كان الشعب قوياً تكون الدولة قوية، ولا يمكن النظر إلى الحرية على أنها فوضى، فالحرية مسؤولية برأي المدرسة الوجودية التي اهتمّت بوجود الإنسان وتحمله المسؤولية الأخلاقية تجاه الذات والآخر أو الشريك في الوطن.

وأخيراً قرأ المحاضر من دستور الجمهورية العربية السورية، الفصل الرابع، باب الحريات، المادة 25، البند الأول، وبيّن من خلال الدستور أن الحرية حق مقدس لكلّ مواطن.

المحاضر في سطور:
- إجازة في اللغة العربية، دبلوم تأهيل تربوي.
- عضو اتحاد كتّاب العرب.
- له حوالي عشرة كتب منها كتاب «نحو تربية متطورة»، وكتابان في النحو، وكتابان عن المرأة.
- يعمل حالياً موجهاً للغة العربية في محافظة الحسكة.


كولوس سليمان - الحسكة

اكتشف سورية

Share/Bookmark

اسمك

الدولة

التعليق