دفعة خريجي 1977: بعد غياب 33 عاماً يعودون للاجتماع من جديد

25 تموز 2010

برغم مرور ثلاثة وثلاثين عاماً إلا أنه لم يتغير، لا زال مرحاً كما كان، ذكياً كما كان، وناجحاً كما كان. لم يتغير شكله خلا بعض الشيب الذي غزا رأسه، والتجاعيد التي غزت وجهه. لم يعد وحيداً فقد بات حوله أولاده وزوجته ما يشي بأنه عاش حياة سعيدة وجميلة!

قد تكون الكلمات السابقة للكثيرين خيالاً لا أكثر، إلا أنها كانت قريبة من الصواب إلى درجة كبيرة بالنسبة لما يقارب 50 شخصاً كانوا متواجدين مساء يوم الجمعة 23 تموز 2010 في ندوة الشهباء في حلب ضمن «احتفالية الطلاب القدامى في معهد الأخوة الخاص بحلب - خريجي الثانوية العامة دورة 1977»، فمنهم من التقى زميل دراسته بعد ما يقارب 33 عاماً من الفراق، ومنهم من اكتشف أنه يعمل مع زميل له في نفس بلد المغترب، ومنهم من استرجع ذكريات جميلة قضاها مع زميل له أثناء دراسته في المدرسة.

الكلمات لا تكفي لوصف هذه المناسبة غير التقليدية، وربما تعد هذه الاحتفالية بفكرتها المميزة الاحتفالية الأولى من نوعها في مدينة حلب، والتي يتم فيها جمع خريجي مدرسة ثانوية بعد سنوات من الفراق بين أفرادها بسبب الدراسة أو العمل أو ظروف الحياة.


السيد جورج مراياتي يلقي كلمته

هذا الأمر لم يكن سهلاً واستغرق ما يزيد عن فترة عامين كاملين كما يقول لنا السيد جورج مراياتي أحد خريجي الدفعة ورئيس اللجنة المنظمة للاحتفالية والذي يضيف:
«ظهرت فكرة هذه الاحتفالية على يد عدد من المغتربين من دفعة عام 1977 الذين صدف لهم الاجتماع مع بضعهم البعض خلال فترة الصيف عام 2008، وأثناء تواجدهم مع بعضهم البعض، لفت أحدهم النظر إلى أنهم في العام 2010 سيصلون سن الخمسين ومن الجميل أن تتم خلال ذلك العام إعادة شمل لخريجي المرحلة الثانوية عام 1977. بعدها تم تشكيل لجنة برئاستي وتألفت من عشر أشخاص عهد إليها مهمة التنسيق لإقامة هذا الموضوع ومحاولة جمع عناوين الطلاب خريجي دفعة عام 1977 والتواصل معهم ودعوتهم إلى هذا اليوم. بدأ العمل خلال العام الماضي حيث زادت التحضيرات خلال العام الحالي من موافقات رسمية وتسهيلات».

ويضيف أنه من بين 100 طالب خريج من دفعة 1977 جاء حوالي 50 خريجاً مع عائلاتهم، مضيفاً بأن ما يقارب النصف تقريباً كان خارج القطر وجاء خصيصاً للتواجد في هذه المناسبة:
«كانت ردود الفعل بداية تحضيرنا للمشروع تتحدث عن أن هذا الموضوع صعب التحقيق، وبأن خريجي ذات الدفعة الموجودين في دولة الإمارات العربية على سبيل المثال لا يعرفون بعضهم البعض! ولكن عملنا على هذا الموضوع وأسسنا أمانة سر بدأت بالعمل على جمع العناوين وقمنا بالاستعانة بالمدرسة لإعطائنا أسماء الطلاب وبدأنا بالاتصال مع الخريجين وإبلاغهم بالفكرة والموعد بشكل مسبق من أجل حجوزات الطائرة، والكثير منهم كان ممتناً للفكرة ويتمنى تحقيقها وتحويلها إلى واقع».

أما على صعيد إدارة المدرسة، فيقول بأنه تمت زيارتها والتنسيق معها حيث كان التواصل مع السيد محمد مورالي المدير الحالي للمدرسة والذي قدم كافة التسهيلات اللازمة حيث يضيف السيد جورج: «عندما تقابلنا مع مدير المدرسة وقمنا بالتعريف عن أنفسنا له وتحدثنا عن الفكرة، رحب بالموضوع جداً وعمل على تزويدنا بأسماء الطلاب حيث طلبنا منه الذهاب والنظر إلى الصف الذي درسنا به، ومن ثم طلبنا منه أن نقوم بإعادة ترميمه وطلائه وإصلاح الخشب به حيث كان الرد إيجابياً بالقبول».

وتلا الاحتفالية زيارة الطلاب في اليوم التالي للمدرسة حيث زار ما يقارب 30 طالباً مقر المدرسة كما يقول السيد جورج والذي يضيف: «زرنا في البداية مدير المدرسة وقدمنا له درع الاحتفالية، ومن ثم ذهبنا إلى صفنا القديم حيث عاد الطلاب ليجلسوا إلى المقاعد الخشبية كما كانوا قبل ثلاثة وثلاثين عاماً! هذه اللحظة كانت مؤثرة للغاية بالنسبة لنا. ومن ثم تجولنا ضمن المدرسة حيث بدأت تلوح للعديد منا بوادر التأثر والتي دفعتهم لكي يعرضوا على مدير المدرسة تقديم هدية رمزية للمتفوق الأول على مستوى الشهادة الثانوية خلال العام الدراسي القادم 2010- 2011 حيث لا تحوي المدرسة حالياً قسماً لطلاب الشهادة الثانوية كما كانت في الماضي، إلا أنها قررت أن تقوم بذلك العام القادم. هذه الهدية ستكون مقدمة من قبل الطلاب القدامى إلى المتفوق الأول على مستوى المدرسة».

ويتابع بأن التقييم العام لفكرة الاحتفالية كان جيداً مضيفاً بأن هذه الاحتفالية أثبتت أن الصداقة على مقاعد الدراسة هي صداقة متينة لا تنظر إلى دين أو انتماء أو فارق اجتماعي أو أي عامل آخر. وأَضاف بأن فكرة اللقاء قد تتكرر إنما بعد فترة مقدارها خمس سنوات مثلاً. ويتابع القول بأن على كل المدارس أن تقوم بمثل هذه المبادرات كونها تعبر عن سمو العلاقات بين الطلاب فيما بينهم من جهة، ومن جهة أخرى بين الطلاب والأساتذة: «كنا نظن بأن الأساتذة لن يهتموا لموضوع الحضور والتواجد اليوم، ولكن اكتشفنا أن الجميع تقريباً لبى الدعوة وتواجد هنا 17 أستاذاً تمت دعوتهم للتواجد هنا اليوم. حتى سائق الباص الذي أضحى عمره الآن 85 سنة جاء من ضيعته في مدينة كسب خصيصاً للتواجد معنا هنا اليوم. كان التأثر والتجاوب رائعاً من الأساتذة وكانوا يتشكرونا والدموع تعبر عن ما يشعرون بعد هذه السنوات الطوال».

مشاعر مختلطة:
مشاعر رائعة انتابت هؤلاء الطلاب لدى رؤية زملاء لهم رافقوهم على مدار 12 عاماً من الصف الأول وحتى نهاية المرحلة الثانوية حيث بدأت عملية استعادة الذكريات الخاصة بينهم والتي كانت تتم على مقاعد الدراسة. من الخريجين المتواجدين كان الدكتور نبيل أبو شالة الذي نال المركز الأول على مستوى الدفعة (وعلى مستوى المحافظة آنذاك) والذي قال لنا: «أنا مسرور جداً لتواجدي هنا ضمن هذه الأمسية التي جعلتنا نستعيد ذكرياتنا كطلاب في المدرسة. من الجميل جداً أن نجتمع هنا بعد غياب 33 عاماً. هناك ذكريات طويلة تجمعنا قبل أن تفرقنا السنين ويذهب كل واحد منا في طريق فمنا من امتهن التجارة ومنا من التحق بكلية الطب وغيرها من المهن».

الدكتور نبيل أبو شالة الأول على الدفعة

ويضيف الدكتور أبو شالة بأن الفترة التي قضاها الطلاب في المدرسة كانت طويلة حيث كان معظم الطلاب موجودين مع بعضهم البعض من الصف الأول حتى الصف الثاني عشر مضيفاً بأن بعض الطلاب أيضاً تصادف وجودهم مع بعضهم البعض في الجامعة: «كانت الفرصة مميزة جداً اليوم لرؤية الأساتذة حيث لا زالت طريقة تدريسهم لنا وأسلوب كلامهم ماثلاً في أذهاننا حيث لا زلنا نتذكر كيف كان الأستاذ يتكلم وكيف كان يشرح الدرس».

ومن الطلاب المتواجدين أيضاً من خريجي دفعة عام 1977 لاعب كرة السلة في نادي الجلاء ونجم المنتخب الوطني جاك باشاياني والذي قال لنا عن مشاعره في هذا اليوم: «هناك العديد من الناس الذين لم أرهم منذ ما يزيد عن الثلاثين عاماً وهي فترة ليست بالقصيرة. هي فكرة حضارية جداً وممتازة ونتمنى أن تكرر بشكل دوري ويتواجد من غاب هذه المرة ضمن المناسبة القادمة».

ويضيف بأنه منذ أيام الثانوية كانت التوقعات محددة تجاه كل شاب حيث كان من الواضح أي من هؤلاء الطلاب سيتجه إلى كلية الطب ومن الذي سيتجه إلى كلية الهندسة ويضيف: «بالنسبة لي، فقد سلكت طريق كرة السلة والتي أخذت الكثير على حساب حياتي ودراستي لذا لم أتزامل مع باقي الطلاب في الجامعة حيث كنت أراهم فقط في المناسبات المتفرقة وبالتالي لم أكن أرى الكثير من طلاب الدفعة».

ويختم بالقول بأنه من الذكريات التي استرجعها اليوم اللحظات التي كان يعلب فيها كرة السلة مع أصدقائه في أوقات الاستراحات والتي كانت تدفع ببقية الطلاب لمشاهدتهم وبالتالي التأخر عن الحصص ونيل التأنيب من الأساتذة!

ومن الطلاب المشاركين في الأمسية كان الدكتور سالم فرا الطبيب المقيم داخل سورية والذي يقول بأن الغالبية العظمى من طلاب الدفعة سافرت إلى خارج سورية مضيفاً بأن هذه الاحتفالية ساهمت في إعادتهم إلى سورية للتواجد فيها ويضيف: «كان هنا العديد من الوجوه التي تذكرتها والتي بقت على حالها حيث استطعت تذكرها بدون مساعدة واسترجعت معها ذكرياتنا المشتركة».

ويتابع بالقول بأن هناك العديد من خريجي الدفعة كان على تواصل معهم طوال الفترة الماضية، وفي ذات الوقت رأى العديد من الوجوه التي لم يرها منذ فترة طويلة جداً مختتماً قوله بالتعبير عن سعادته لتواجده في هذه المناسبة.

وللأساتذة رأيهم:
الأستاذ إسكندر شدياق كان أحد مدرسي هذه الدفعة من الطلاب والذي قال لنا عندما سألناه عن مشاعره اليوم: «عندما تسلمت الدعوة لحضور هذا اللقاء، شعرت بالفرحة العارمة وتذكرت كيف كان هؤلاء في يوم من الأيام طلابنا ضمن المعهد، وتذكرت كيف كانوا أطفالاً ومن ثم يافعين فشباباً في المرحلة الثانوية ليتخرجوا من المدرسة وينطلقوا للحياة».

ويتابع بأن هذه الدفعة شهدت الفترة التي كانت فيها المدرسة تابعة «للأخوة المريميين» ومن ثم أضحت تحت إشراف وزارة التربية لاحقاً مضيفاً بأن الموجه التربوي للمدرسة السيد ريمون خضري كان على الدوام يقول بأن هذه الدفعة هي «دفعة غريبة» والسبب كما يقول: «السبب في هذه التسمية هو أن غالبية طلاب هذه الدفعة كانوا متفوقين دراسياً بشكل كبير في الوقت الذي كنا نرى الأساتذة يدخلون إلى قاعاتهم بابتسامة ويخرجون منها بابتسامة تعبر عن مدى فرحتهم بتدريس هؤلاء الطلاب المميزين، وهذا الأمر لم نكن نراه مع باقي الدفعات!».

أما مدرس اللغة العربية ومدير المعهد في تلك الفترة الأستاذ صبحي سويد فقال بأن السعادة تغمرهم كمعلمين خصوصاً مع شعورهم بأنهم بقوا أحياء في أذهان طلابهم طوال هذه الفترة ولأكثر من ثلاثة عقود ونيف مختتماً قوله بأن لهذا اليوم ذكرى لن تمحى بسهولة في ذهنه.

يذكر بأن «معهد الأخوة الخاص» هو واحد من أوائل المدارس الخاصة الموجودة في مدينة حلب، تأسس كمؤسسة تعليمية رسمية في العام 1904 وكان تحت إشراف «الأخوة المريميين» قبل أن يوضع تحت إشراف مديرية التربية كإحدى المدارس الخاصة في مدينة حلب في فترة السبعينات. يحوي صفوفاً من الأول حتى المرحلة الثانوية قبل أن يتوقف بعد عدد من السنوات عند مستوى الصف التاسع. وقد توافد على تدريس وإدارة المعهد عدد كبير من الأساتذة والمدرسين من بينهم نائب رئيس الجمهورية محمد زهير مشارقة الذي تولى إدارة المعهد وغيره من الشخصيات. ويعتبر المعهد من المؤسسات التعليمية التي خرجت العديد من الطلاب المميزين والذي نالوا مناصب كبيرة ورفيعة على صعيد مدينة حلب أو على الصعيد سورية.


أحمد بيطار - حلب

اكتشف سورية

Share/Bookmark

صور الخبر

صورة تذكارية للدفعة عند اجتماعها بعد 33 عاماً

تكريم الأساتذة والمدرسين الذين خرجوا الدفعة عام 1977

تكريم الأساتذة والمدرسين الذين خرجوا الدفعة عام 1977

بقية الصور..

اسمك

الدولة

التعليق

بشر ميري:

كانت من اجمل لحظات عمري تلك التي قضيتها منذ ايام مع خريجي دفعة عام 1977 حيث حضرت من السعودية خصيصاً لحضورها ولم اكن اتوقع لها هذا النجاح المنقطع النظير
اريد ان اتوجه بشكري العميق وتقديري الشديد للذين اشرفوا على هذا الحفل وساهموا بنجاحه الفريد من نوعه والذي ليس له سابقة من قبل واخص بالذكر حبيب القلب الرائع الأخ جورج مراياتي والعزيز بشير الشامي والمهضوم حكمت زيربة وذو القلب الطيب ابو فاضل الحبيب لاستقباله لنا في مزرعته على العشاء .. واقول لهم جميعاً بانه لولا ايمانهم الشديد بالعلاقة التي تربط بيننا نحن خريجي عام 1977 وحرصنا الشديد على تلبية الدعوة من جميع ارجاء البلاد لما لقى هذا الحفل هذا النجاح الباهر.

أتمنى من الله ان يتكرر هذا الاجتماع كل سنة في نفس الوقت مع مراعاة الشباب القاطنين خارج القطر بان يحاولوا الحضور في الوقت المحدد اذا سمحت ظروفهم.
كما اتمنى ان نبقى على اتصال فيما بيننا وخاصة بعد حصولنا على عناوين جميع الذين حضروا وذلك لمتابعة اخبار بعضنا البعض كما اعود واكرر ان يسجل كل فرد منا في الموقع الذي حدثتكم عنه وهو www.graduates.com

تمنياتي للجميع بكل الخير

اخوكم: بشر ميري
ملاحظة: كم كنت اتمنى حضور حفل العشاء في نادي حلب يوم الخميس القادم لذلك ENJOY GUYS

السعودية

ميشيل صايغ:

الرجاء ارسلوا لنا اخباركم
و لكم جزيل الشكر

usa