الإعلامي غسان بن جدو يلقي محاضرة في مكتبة الأسد

17 أيار 2010

بن جدو: النخب المقاومة هي التي ستنتصر في النهاية

ألقى الإعلامي غسان بن جدو محاضرة في مكتبة الأسد بدمشق بعنوان: «النخب السياسية والإعلامية وآفاق التوتر في المنطقة»، أمس الأحد 16 أيار 2010.

وكالة الأنباء سانا ذكرت أنّ بن جدو أكد في المحاضرة على أنّ النخب الإعلامية ستكون مستهدفة مثلها مثل المقاومين خلال أيّ عدوان إسرائيلي قادم على المنطقة.

وأضاف بن جدو بحسب سانا: «إنِّ النخب السياسية والإعلامية منقسمة بين نخب تؤمن بمبدأ الاعتدال وتتحكم بتسعين في المئة من المعلومات التي تضخها في وسائل الإعلام وبقدرة مالية كبيرة، ونخب تؤمن بالمقاومة وتصمد وتقاتل بكل ما تمتلك مادياً ومعنويا».

وقال: «نحن بين خيارين الأول لديه أسلحة مدنية ومالية كبرى، والثاني يقاوم بكلّ ما لديه. وهناك تقصير سياسي وإعلامي في دعم النخب الإعلامية المقاومة». وقد أكد بن جدو على أنّ النخب المقاومة هي التي ستنتصر في النهاية.

يذكر أنّ الندوة أقيمت بدعوة من المكتب التنفيذي لنقابة المعلمين.


اكتشف سورية

Share/Bookmark

اسمك

الدولة

التعليق

طريف يوسف آغا:

عندما التقيت غسان بن جدو
مراسل الجزيرة الذي أزهر خريف هيوستن

ما أن انتهى الرجل من محاضرته وماتلاها من تلقي الأسئلة والرد عليها، حتى تقدمت إليه مع بقية الحضور لأصافحه وأعرفه عن نفسي. وقد وجدتها أيضا فرصة مناسبة لإهدائه نسخة من قصيدتي (القدس جرح التاريخ) كذكرى زيارته إلى هيوستن. ومع أنها كانت المرة الأولى التي ألتقيه فيها ومع أن حديثي معه لم يتجاوز الخمسة دقائق ذلك المساء، إلا أني شعرت وكأني أعرفه منذ زمن طويل.
حضر غسان بن جدو إلى هيوستن بدعوة من المركز الثقافي الفلسطيني الأمريكي في المدينة، وهو يشغل حاليا وظيفة مدير مكتب قناة الجزيرة الإخبارية في بيروت. وقد ألقى هنا محاضرته (الصحافة في الشرق الأوسط) في قاعة المركز الثقافي العربي مساء الأربعاء 3 تشرين الثاني / نوفمبر 2010 . كانت أمسية خريفية ولكن باردة وممطرة على غير عادة أمسيات هيوستن في هذا الوقت من العام.

من الواضح أن الرجل التونسي الأصل والعربي الروح والقلب، وبحكم عمله، يتمتع بمعرفة سياسية عميقة ودراية ببواطن الأمور. مثله في ذلك مثل معظم، إن لم نقل جميع، مراسلي ومذيعي الجزيرة. ولكني لاحظت أنه أيضا يتمتع بوطنية وشجاعة نادرتين هذه الأيام، معرفة ووطنية وشجاعة جعلت الحضور يسألون أنفسهم في نهاية الأمسية لماذا لايتمتع بقية الإعلاميين العرب بنفس الصفات، بل ماذا ينقصهم ليكونوا كذلك؟
هذا وقد صادف أن زار هيوستن قبل اسبوعين شاعر عربي مهجري ذائع الصيت ألقى فيها محاضرة عن الوضع الراهن على الساحة العربية، ثقافيا وحضاريا. اسبوعان فصلا محاضرتي الرجلين المعروفين على الساحة العربية: واحد على الساحة الإعلامية والثاني على الساحة الشعرية. ولكن الفرق بين الاثنين أن الجمهور الذي أتى ليستمع لمحاضرة الشاعر، خرج غير راض مما سمعه. والسبب في ذلك يعود للتشائم المفرط الذي تحدث به والذي يرى من خلاله أن الأمة العربية قد بلغت مرحلة اللاعودة وأنها الآن في حالة إحتضار بطيء مستمر منذ مئات السنين. هذا من جهة، ومن جهة ثانية، أن تمسكها بالدين هو أحد أهم أسباب تخلفها وبالتالي إحتضارها. هذا الطرح المتشائم وهذا التجرؤ على العروبة وعلى المعتقدات أثار غضب الكثير من الحضور وترك جرحا عميقا في قلوبهم، فدفع بالعديد منهم إلى الدخول معه في نقاشات حادة وبالبعض الآخر إلى مغادرة القاعة. حتى أن رئيس الهيئة التي دعته أعلن لاحقا أن كلمات الشاعر تعبر عن رأيه الشخصي ولاتعبر عن رأي الهيئة المستضيفة. كما أن أحد الشعراء العرب الناشطين في هيوستن قام بعدها بنشر مقالة نقدية على صفحات الانترنت وضع فيها إشارات إستفهام حول الغايات الحقيقية لتصريحات شاعر بحجم وشهرة الشاعر الضيف، وطرح سؤالا مستترا يمكن تلخيصه بهل بات التجرؤ على الأمة العربية وعلى الدين أسرع وسيلة لكسب رضى الغرب ورضى مانحي الجوائز؟
ولكن لم يمض اسبوعان حتى حضر غسان بن جدو ومعه البلسم الذي داوى به الجراح التي تركها الشاعر ورائه في قلوب عرب هيوستن. فهو وعبر المحاضرة التي ألقاها والردود التي أجاب بها على أسئلة الحضور، أعطاهم تفائلا نحن في المهجر والامة العربية من المحيط إلى الخليج بأمس الحاجة إليه في هذا الوقت الصعب الذي نعيشه.
ومالفت انتباهي في محاضرته وأجوبته كان شبه التطابق بين رؤيته وبين ماسبق وطرحته من خلال قصائدي الشعرية فيما يخص الأمة العربية بشكل عام والصراع العربي الاسرائيلي بشكل خاص. وقد كان هذا التطابق أكثر مايكون وضوحا في قصيدة (خواطر عربية من المهجر) التي ألقيتها هنا في هيوستن الشهر الماضي في ذكرى حرب تشرين / أوكتوبر، وقصيدة (القدس جرح التاريخ) التي ألقيتها في نفس الشهر من العام الماضي بمناسبة انتخاب القدس عاصمة للثقافة العربية، وكذلك مجموعة (قصائد غزة) التي نشرتها قناة الجزيرة نفسها على موقعها الالكتروني إبان العدوان الأخير على القطاع قبل عامين.
فمختصر ماقاله غسان وماقالته تلك القصائد أن الأمة العربية الآن ربما في حالة ضعف، وأنا شخصيا شبهتها بالغفوة، إلا أنها بالتأكيد ليست في حالة احتضار. هذا من جهة، ومن جهة ثانية فإن الدين الذي استطاع أن ينقل العرب من مراعي الأغنام إلى حدود الصين شرقا والأندلس غربا، وأوصلهم إلى أقصى ماتتمنى أمة أن تصل إليه من حضارة وتقدم ومجد، لايمكن لنفس هذا الدين أن يُحمَّـل مسؤولية التخلف الذي تعاني منه الأمة الآن. فالانسان في النهاية هو المسؤول الأول والأخير عن موقعه وموقع أمته: قوة أو ضعفا، تحضرا أو تخلفا، علما أو جهلا، أما الدين وبغض النظر عن هويته، فما هو في النهاية سوى وسيلة روحية تساعد الانسان على إيجاد ذاته وبوصلة تمكنه من تحديد اتجاهه. ولكن لاشك أن الدين سيصبح سببا للتخلف وحتى للشقاء إذا مافسره الناس على هواهم وفصلوه على حجمهم فأخذوا منه مايناسبهم ورموا الباقي.
لم يرسم غسان لنا في هيوستن صورة وردية للأوضاع العربية ولا لواقع الصراع العربي الاسرائيلي. ولكنه قال ماسبق وقلته في قصائدي المذكورة من أن اهتزاز إسرائيل داخليا وعالميا أمام زلزال الإنتفاضة الفلسطينية الأولى عام 1988، ثم انسحابها من جنوب لبنان عام 2000 ومن غزة عام 2005 وصدمتها بحجم ونوعية المقاومة في عدوانها على لبنان عام 2007 وعلى غزة عام 2009. وأنا أضيف هنا الحدث الذي أعتبره شخصيا بمثابة إشارة البدء لكافة هذه الأحداث وهو حرب تشرين عام 1973 التي انسحبت اسرائيل بنتيجتها من صحراء سيناء المصرية ومدينة القنيطرة السورية.
كل هذه الأحداث تقول وبوضوح لايخفى عن أصحاب النظرة البعيدة أن العرب عائدون مرة ثانية إلى ساحة الحضارة وساحة الريادة. ولكن طبعا فإن من يلقي نظرة قصيرة ليرى كيف تغيرت الأوضاع العربية منذ اسبوع أو شهر أو حتى سنة إلى اليوم، فهو بالتأكيد لن يرى الكثير وسيسقط في فخ التشاؤم والتسليم بالأمر الواقع وبنظرية الإحتضار الآنفة الذكر.
لم يكن لدى الأمة العربية عبر تاريخها الطويل أي مشكلة مع الأقليات الدينية أو تلك الشعوبية التي كانت موجودة عندنا أو وفدت إلينا من بلدانها ولأسباب مختلفة. وقد كان اليهود من أكثر تلك الأقليات التي استفادت وتمتعت بالأمان خلال وجودها بين العرب عبر التاريخ. ولكن أن تأتي مجموعة منهم وتتستر خلف دين النبي موسى عليه السلام لتشرد شعبا وتعتدي على أمة استضافتهم عبر خمسة عشر قرنا فهذه هي قمة نكران الجميل. لاأحد ينكر تعرضهم في الماضي القريب والبعيد لمجازر بشعة على أيد غيرنا، ولكن هل كان علينا أن ندفع ثمن معاناتهم لمجرد أننا كنا حينذاك الحلقة الأضعف في المعادلة الدولية؟ وماهو الفرق بين تلك المجازر التي تعرضوا لها في الماضي وبين هذه التي تعرض ويتعرض لها الشعب الفلسطيني على أيديهم اليوم؟ الجدير بالتوثيق هنا تلك العبارة المشهورة التي ذكرتها في فهرس قصيدة (القدس) والتي وردت على لسان أول رئيس وزراء إسرائيلي ديفيد بن غوريون، الذي يعتبر أبو الدولة الإسرائيلية حيث قال: "لو كنت زعيما عربيا، لن أوقع إتفاقا مع إسرائيل أبدا. إنه أمر طبيعي، لقد أخذنا بلدهم. صحيح أن ربنا وعدنا به، ولكن في ماذا يمكن أن يهمهم ذلك؟ ربنا ليس ربهم. كانت هناك معاداة للسامية وكان هناك نازيون وهتلر وأوشفتز، ولكن في ماذا يمكن أن يعنيهم ذلك؟ هم لايرون إلا شيئا واحدا فقط: هو أننا جئنا وأخذنا بلدهم. فلماذا يقبلون هذا الأمر؟".
في النهاية لايسعني إلا أن أشد على يد غسان بن جدو وأقول له بأننا بانتظار عودته لزيارتنا في هيوستن، وبأن الأمة العربية اليوم بحاجة لأمثاله لأنها بحاجة لمن يذكرها بإمكانياتها، وبما يجمعها لا بما يزيد من يأسها ويزيد من تفرقها. وهي بحاجة لهؤلاء ليس فقط من الإعلاميين، ولكن أيضا من المثقفين والمفكرين ومن الشعراء والفنانين، وأيضا من أصحاب القرار.
وفي نهاية هذه المقالة أود أن أختصر مجمل الموضوع بعدة أبيات من قصيدتي (القدس جرح التاريخ) و (خواطر عربية من المهجر) على الترتيب:

ياقدس ُ سامِحينا إن غـَفِلنا عَنك ِ أنت ِ تعرفين َ بأننا للمَجد ِ أعمام ُ
يا قدس ُ غـَفِلنا ولكن مانسيناك ِ سَنصحوا يَوما ً وتصحوا لنا الأيام ُ

لا تحْـزَنوا ياأهـل َ وَطـَـني ... فالزمان ُ دَوَّارُ
إن ْ كـُـنـّا اليَوم َ في مَهانة ٍ ... فالمُسـتـَـقـبَـل ُ تمْـلِـكـُه ُ الأحـفاد ُ

ارفعـوا رؤوسَــكـُم ُ فعلى هذه ِ الأرض ِ في يوم ٍ ...
دُقـَّـت ْ لِكـُل ِّ الحَـضارات ِ الأوتاد ُ

لا تدَعـوا الزَمان َ الرَدِئ َ يُـنســيَـكـم ْ أجْـدادَكـُم ْ ...
أجْـدادُكـُم ْ وَصَلوا الصين َ بالأندَلـُـس ِ وعَـنها بدمائِهم ْ ذادوا

الوحـدَة ُ ياصاحِـبي أمَـلـُـنا ولـَـيْس َ غـَـيرَها أمَـل ٌ ...
لاتـُـكـسَــرُ الحِـزمَـة ُ ... ولكِـن ْ تـُـكـسَـرُ الأعـواد ُ

مَـتى نعـود ُ أ ُمَّـة ً واحِـدَة ً و وَطـَـنا ً واحِـدا ً ؟
تـُـرى الأ ُمَـم ُ و لكِـن ْ لايُـرى الأفـراد ُ

وَطـَـن ٌ واحِـد ٌ مِـن َ المُـحـيط ِ إلى جَـبَـل ِ طـارق ٍ
ومِـن َ اليَـمَـن ِ السَـعـيد ِ حَـتى تأتيـك َ أرواد ُ.

بالرغم من درجات الحرارة المنخفضة التي تسود هيوستن هذه الأيام، وعلى الرغم من أن معظم أشجار المدينة قد فقدت أوراقها أو كادت، إلا أني وفي اليوم التالي من محاضرة غسان، شعرت بالدفء يغمر المدينة وترائت لي الأزهار تتسلق أشجار الخريف.

بقلم: طريف يوسف آغا
هيوستن / تكساس
ذي الحجة1431 / تشرين الثاني 2010
http://sites.google.com/site/tarifspoetry

سوري مغترب في الولايات المتحدة