أكثر من 1200 متسابق بأعمار مختلفة في سباق تيري فوكس بحلب

09 أيار 2010

عندما تصبح الرياضة في خدمة ثقافة التعاون الإنساني

شهد صباح يوم السبت 8 أيار 2010 تظاهرةً رياضية مميزة تمثلت في سباق «تيري فوكس» الذي يقام للمرة السابعة في حلب، حيث تجمّع ما يقارب من 1200 شخصاً من مختلف الأعمار ليشاركوا في السباق، لا لهدف الفوز وإنما بهدف دعم قضية إنسانية في دعم الأبحاث حول مرض السرطان.

لقد بدأت سباقات «تيري فوكس» في حلب في العام 2000، ليكون السباق الحالي هو السابع الذي يتم في المدينة. وكما يقول السيد هشام إسماعيل -القنصل الفخري الكندي بحلب-، يتم تخصيص الريع الناتج لدعم المشروع البحثي حول الكشف المبكر عن سرطان الثدي لدى السيدات، والذي بدأت اللجنة العليا المنظمة لسباق «تيري فوكس» في حلب العمل به منذ عام ونصف تقريباً، حيث يتابع قائلاً: «مع السباق الأول في 2000، تشكلت اللجنة العليا للسباق والتي أخذت على عاتقها لفت نظر المجتمع المحلي لخطورة مرض السرطان، وكذلك القيام بمشروع يتعلق بعملية الكشف المبكر عن سرطان الثدي لدى السيدات، حيث يؤدي هذا الكشف المبكر إلى إزالة الورم الخبيث بشكل تام دون خسارة المصابة لأي جزء مهم من جسدها أو الخضوع للعلاج الكيميائي».

وحول ريع السباقات السابقة التي وصلت إلى 6 ملايين ليرة سوية، يحدثنا السيد إسماعيل بأنه تمت الاستفادة من المبالغ التي تم جمعها في شراء جهاز ماموغراف وجهاز إيكو للقيام بمشروع رائد يهدف للكشف المبكر عن سرطان الثدي لدى السيدات بين 35 و60 عاماً من عمرهن: «لا تتوفر إحصائيات دقيقة حول انتشار مرض الثدي بين السيدات في سورية والشرق الأوسط، إلا أن التقديرات تشير إلى أن المرض في هذه المنطقة يبدأ بمهاجمة السيدات في 35، في حين أن المعدل العالمي الوسطي هو 51 عاماً، في حين أن المعدل الأسوأ عالمياً هو 44 عاماً، لذا فإن هذا المعدل الخطير دفعنا لاقتراح تبني هذه الدراسة على المنظمة في كندا لمعرفة أسبابه وعوامل هذا الانتشار في سورية». ويبدو أن منظمة «تيري فوكس» الرئيسية قد أعطت استثناءً فريداً لسورية على مستوى أكثر من 150 مدينة في العالم يجري فيها السباق. حول ذلك يحدثنا السيد إسماعيل: «سورية هي الدولة الوحيدة التي لا تقوم بتحويل الريع الناتج من السباق إلى كندا، إنما تقول بالاستفادة منه في المشروع البحثي الرائد داخل سورية، والذي هدف إلى تقديم رؤية متكاملة حول واقع سرطان الثدي في حلب نموذجاً».

‬الرياضة لهدف إنساني‪
في سباق «تيري فوكس»، لا توجد جوائز للفائزين، لأنه لا فائز ولا خاسر فيه، فالكل فائز كون الهدف هو دعم هذه القضية الإنسانية. لقد عبر العديد من المتواجدين في السباق هذا الصباح عن سعادتهم بدعم هذا المشروع وهذه المبادرة المميزة، فمنهم من كان يعلم بالفكرة من سباقات سابقة، ومنهم من اطلع عليها مؤخراً ضمن الحملة الإعلامية الكبيرة التي تمت والتي أبرزت أهمية دعم هذا المشروع. من هؤلاء، كان السيد عبد الحميد ناشد الذي حدثنا عن مشاركته في السباق: «أتيت إلى هنا لدعم هذه القضية الإنسانية مع عائلتي، حيث سنمشي في مسار السباق دعماً منا لهذه القضية. لقد اطلعت مؤخراً على هذا المشروع الرائد والمميز الذي يقدم فائدة كبيرة لسكان حلب. من المميز أن تُقام مثل هذه المشاريع هنا لما لها من فائدة كبيرة تمتد إلى كامل سورية والدول المحيطة بها في حال تم نشر نتائج هذا البحث عالمياً حال انتهائه».


ميشيل معدنلي مع المتسابقين الصغار

أما لاعب منتخب سورية ونادي الجلاء لكرة السلة النجم ميشيل معدنلي فيقول: «إن قيمة الفكرة تتمثل في كونها فكرة رياضية-خيرية تجمع ما بين المسير أو الجري من ناحية، ودعم قضية خيرية لصالح المجتمع السوري من ناحية ثانية». وتمنى من الجميع بالقيام بدعم هذه النشاطات لما لها من فائدة لصالح هذا المجتمع.

أما إيلي فقد قرر المشاركة في السباق مع أصدقائه على دراجاتهم الهوائية الصغيرة، مضيفاً بأنه والديه قد حدّثاه عن المشروع وشرحا له كيف أن تواجده اليوم ومشاركته في هذا السباق اليوم هما مساهمة مجتمعية أهلية، وبدى ورفاقه سعيدين لسبب إضافي: «سنتسابق أنا وأصدقائي حتى لو لم تكن هناك جوائز للفائز. والدي معنا وقال لنا أنه سيمكننا الانطلاق بالدراجة بسرعة دون خوف من السيارات، لأن مداخل الشوارع مغلقة ولا توجد سيارات!».

متطوعون في كل مكان ‪
شارك حوالي 70 متطوعاً ومتطوعةً في تنظيم هذا السباق، منهم من كان ضمن نقاط توقف على الطريق لتوزيع المياه على المتسابقين، ومنهم من قام بتوزيع القمصان المخصصة للسباق على المتشاركين قبل بداية السباق، ومنهم من ساهم في بيع بطاقات اليانصيب للمتسابقين والذي سيساهم ريعه في دعم المشروع، ومنهم من قدم الإفطار البسيط للمتسابقين حال عودتهم من مضمار السباق. من هؤلاء المتطوعين نبيل بارودي الذي حدثنا عن دوره اليوم: «أنا من المسؤولين عن بيع اليانصيب الخيري، حيث لدينا ما يقارب 150 جائزة جائزة تبرَّع بها أصحابها من أجل السحب عليها لاحقاً. أما بالنسبة للريع الناتج من بيع هذه البطاقات فسيذهب لصالح المشروع الذي تقوم به اللجنة». ويضيف بأنه لم يواجه أي صعوبات في عملية البيع لأن الجميع يعلم بأنها أقرب إلى التبرع منها إلى اليانصيب: «ما دفعني للمشاركة في هذا السباق كمتطوع هو إيماني بأهمية الرسالة التي يحملها والهدف النبيل الذي يسعى إليه. حاولتُ وأصدقائي أن نساهم ولو بقليل من وقتنا وجهدنا في سبيل هذا المشروع».

زاهر بارود يتوسط المجموعة المسؤولة عن توزيع الإفطار

أما زاهر بارود فيقول بأن مسؤوليته كانت توزيع وجبات الإفطار على المتسابقين، ويقول: «للأسف لم نشارك مع المتسابقين في السباق ونركض معهم ضمن مساره بسبب العمل الذي أوكل إلينا وتطوعنا للقيام به. ينحصر دورنا في توزيع وجبة الإفطار البسيطة والعصير للمتسابقين بعد السباق لتعويض الجهد الذي بذلوه في هذا السباق». ويقول بارود بأنه هذه ليست المشاركة التطوعية الأولى فقد سبق له أن تطوع في أكثر من مشروع إنساني، معبّراً عن المتعة الكبيرة التي يحصل عليها من تطوعه في فكرة نبيلة، ويتطلع قدماً إلى المساعدة في إنجاح السباق القادم منذ الآن.

660 مستفيدة حالياً و1500 مستفيدة مستقبلاً
للتعرف على هذا المشروع، التقينا الدكتورة كندة دويدري وحدثتنا قائلة: «لهذا المشروع عدد من الأهداف البعيدة منها والقريبة، حيث يساهم هذا المشروع من ناحية في وضع تصور حول أعداد النساء المصابات بمرض سرطان الثدي في حلب، ومن جهة ثانية يساهم في تخفيض أعداد المصابات بالمرض بنسبة كبيرة حيث قمنا باكتشاف وجود بدايات ورم خبيث في عدد من السيدات اللواتي فحصناهن، وأدت عملية الكشف المبكر إلى إزالته في مراحله الأولى واستئصاله نهائياً دون مضاعفات كبيرة لمعظم المصابات». وتضيف الدكتورة دويدري بأن المشروع يتم حالياً على عدد من المعلمات والمدرسات العاملات في حلب؛ وذلك لتوزعهن على مناطق جغرافية متنوعة واختلاف الفئات الاجتماعية والبيئات التي ينتمون إليها من ناحية، وسهولة التعامل معهم لثقافتهم من ناحية أخرى، تساعدنا في ذلك مديرية التربية». وعن نتائج هذه المرحلة، بينت دويدري أنه قد تمَّ الكشف على ما يزيد عن 660 معلمة على أمل أن يشمل 1500 معلمة مع تنامي التبرعات وتمويل المشروع: «استطعنا اكتشاف 7 حالات مرضية ضمن المعلمات التي تم فحصهن، واستطعنا إزالة الورم بشكل كامل نهائياً، مما يعتبر أحد أهداف المشروع، الذي بدأ منذ سنة ونصف وسيستمر لمدة 10 سنوات أخرى، حتى نصل إلى خلاصة البحث وتقديمها إلى منظمة "تيري فوكس" في كندا لتنشرها، كما سنقدم نسخ منها لوزارة الصحة مع طلب أن يتم تبني برنامج وطني لهذا الموضوع».

بقي أن نذكر بأن ريع سباق هذا العام قد وصل إلى مليون ومائتي ألف ليرة سورية توزعت ما بين التبرعات النقدية المباشرة ورسوم المشاركة في السباق، وذلك بزيادة وصلت إلى 50% عن ريع العام الماضي.


أحمد بيطار - حلب

اكتشف سورية

Share/Bookmark

صور الخبر

حضور كبير في سباق تيري فوكس في حلب

منظر عام لمكان الانطلاق

من مسار سباق تيري فوكس

بقية الصور..

اسمك

الدولة

التعليق