تل أبو حجيرة

يقع تل أبو حجيرة الأثري شمال غربي مدينة الحسكة، على مسافة عشرين كيلومتراً، على الضفة اليمني لوادي عويج، يأخذ التل شكلاً بيضوياً يطول مئتين وخمسين متراً، وعرض مئتي متر، ويرتفع ستة عشر متراً عن السهول المحيطة به.

بدأت التنقيبات الأثرية في هذا التل استجابة للنداء العالمي الذي وجهته المديرية العامة للآثار والمتاحف في القطر العربي السوري، لإنقاذ آثار حوض الخابور، وقد لبى المعهد المركزي للدراسات الشرقية في برلين، الدعوة للمشاركة في حفريات الإنقاذ التي بدأت عام 1986 عملية مسح أثري سوري – ألماني مشترك شمال مدينة الحسكة، حيث تم اختيار تل أبو حجيرة لعملية التنقيب المشترك الذي بدأ عام 1987، واستمر ثلاثة مواسم متعاقبة. وقد أجرت البعثة في التل أربعة أسبار بهدف التعرف على الطبقات الحضارية والمعالم المعمارية فيه، وأهمها:
السبر الأول الذي تم التعرف فيه على أربع عشرة طبقة أثرية، يعود تاريخها إلى العصر البرونزي القديم الباكر، الموافق لبداية الألف الثالث قبل الميلاد.

السبر الثالث الذي التعرف فيه على اثنتين وثلاثين طبقة أثرية تعود إلى العصرين البرونزيين القديم الثالث والرابع الموافقين لفجر السلالات الباكرة الأكادية، بحدود منتصف الألف الثالث قبل الميلاد، واستناداً إلى وجود المظاهر المعمارية في الأسبار الأربعة، كُشفت عدة سويات، تؤرخ لما بين 2800 – 2200 قبل الميلاد.

لقد كُشف في القطاع /آ/ في جنوبي التل، عن غرف مبنية من اللبن بقياس 9 × 12م، استخدمت بعض الغرف مستودعات، عثر بداخلها على أوعية تخزين صغيرة، وتفصل بينها ممرات ضيقة، يتراوح عرضها بين 1.20 – 2 متر، وهي مبنيّة من الحجارة المتراكبة بشكل أفقي، تتصل بطريق يقود إلى مركز القرية، ويقسم طريق القرية إلى حيين سكنيين، والطريق يصل إلى الوادي الذي كان فيما مضى نهراً دائم الجريان في الألف الثالث قبل الميلاد، إذ كان سبباً رئيسياً لإقامة القرية في العصر البرونزي القديم.
كما اكتشف ستة عشر قبراً للأطفال منها قبور مبنيّة من اللبن، دُفن فيها الموتى بوضعية الجنين، وقد بيّن التحليل، أن أعمار هؤلاء الأطفال تتراوح بين سبعة أشهر وسنة، وعثر في القبور على مجموعة من الأواني الفخارية والعقود والأساور والدمى. وهناك قبور دفن فيها أطفال في جرار فخارية خالية من أي مادة. وبيّن التحليل أن أعمار هؤلاء الأطفال لا تتجاوز سبعة أشهر.

كُشف في الطرف الشرقي من القطاع ب، عن معبد مستطيل الشكل طوله 9.5 متر، وعرضه 3.5 متر، وله باحة شرقية وباحة شمالية، ومبنى مؤلف من ثلاث غرف.

ينقسم المعبد إلى قسمين: قسم بشكل غرفة مستطيلة، وقسم آخر بشكل غرفة مربعة تتألف من صالة وحرم، وتنتشر في المعبد أعمدة متقابلة على جدارين متوازيين ممتدين من الشمال إلى الجنوب، على مسافات قصيرة ومتساوية. والأعمدة عقود على شكل أقواس مقنطرة، وتقوم المصطبة في الحرم على الضلع الجنوبي، في حين يقع مدخل المعبد في أقصى الطرف الشمالي من الجدار الشرقي، وفي الطرف الشمالي من الباحة الشمالية أقيم مبنى مؤلف من ثلاث غرف متلاصقة، وشُيِّدت العقود على جدران المبنى من الداخل.
كُشف في التل عن مجموعة من الأختام الاسطوانية، وأدوات مصنوعة من البرونز منها: مناجل ورأس رمح وقلادة وخنجر طوله 22.4 سم، فضلاً عن دمى إنسانية صغيرة وعربة طينية وأدوات حجرية، مثل: هاون ومدقات قُدّت من البازلت، وأواني من الفخار.

إن المكتشفات الأثرية، في تل أبو حجيرة هي التي أعطته الأهمية، وخاصة من الناحية المعمارية والأثرية، وهو وحدة حضارية متكاملة مع التلال المنتشرة على طول نهر العويج، الذي كان ينتهي في وادي الرجلة.

إن تل أبو حجيرة، والتلال الأخرى في وادي الرجلة، تنتمي إلى تجمع استيطاني كبير من العصر البرونزي القديم، هُجِر في نهاية هذا العصر.

وفي المرحلة البارثية – الرومانية ظهرت نشاطات في التل، ولكنها لا تقارن مع تلك النشاطات الكثيفة في العصر البرونزي القديم.


Share/Bookmark

اسمك

الدولة

التعليق