الساعة الأخيرة من ماضي السيدة حكمت

12 01

قدم المخرج العراقي قاسم قهار عرضاً مسرحياً بعنوان «الساعة الأخيرة من ماضي السيدة حكمت» على مسرح القباني بدمشق من الرابع إلى التاسع من الشهر الجاري، وذلك عن نص «شاهيناز» للكاتب والمخرج التونسي حكيم مرزوقي وذلك ضمن العروض المسرحية التي مولتها احتفالية دمشق عاصمة للثقافة العربية 2008. وهو من تمثيل الفنانة ثراء دبسي وعمار نجار ونوار يوسف.
وكان من المقرر أن تخرج هذا العرض الفنانة الراحلة سيدة المسرح السوري مها الصالح التي فارقتنا قبل أن تنجز عملها. وقد وافق المخرج باسم قهار أن يقوم بإخراجه باقتراح منها أثناء مرضها الذي كانت تجاهد لتخفيه وتتجاهله. ويعد تقديم هذا العرض وإخراجه للنور بمثابة تحية لروح مها سيدة المسرح التي ستظل حاضرة معنا، وهي التي عاندت لتبقى على الخشبة حتى الرمق الأخير. حضر العرض الافتتاحي أفراد من أسرة الفنانة مها الصالح في مقدمتهم زوجها الفنان أسعد فضة الذي كان مداوماً على متابعة المسرحيات التي كانت الراحلة مها تخرجها للمسرح، كما وزع كتيب صغير للجمهور عن حياة الراحلة بعنوان «مها الصالح نرجسة الغياب» إعداد عماد نجار.
تدور أحداث العرض حول السيدة حكمت (تلعب دورها السيدة ثراء دبسي) التي تستعين بالحنين وبقايا الحب وحتى إثارة الشفقة للدفاع عن إرث يتيم وتاريخ قد زال، لكنها تكتشف أن الزمن قد عبرها وأن كل من حولها قد تجاوزها وأنها لم تعد تصلح للبقاء كما تشاء أو حتى كما يشاء الآخرون، تصارع حكمت ضد زوج غائب (هو كمال الفنان التشكيلي) لكنه مهيمن استطاع تعريتها لتكتشف كم هي ضعيفة ومهزوزة، وأن تعلقها بالتاريخ هو محاولة لترميم حاضر رخو ومتهالك. وهكذا تكتشف متأخرة بأنها لا تملك سوى جسد هرم وروح خاوية وعقل مشغول باستعادة الماضي وتمجيده.
وفي لقاء لـ«اكتشف سورية» مع المخرج باسم قهار، أعرب عن تقديره للراحلة مها الصالح وتاريخها الطويل في المسرح السوري حيث قال: «هذا العرض هو تحية لروح مها الصالح التي طلبت مني أن أقوم بإخراج هذا العمل، إن ثقة مها الصالح بي كمخرج حمّلني مسؤولية كبيرة منها ومن قبل الأمانة العامة لاحتفالية دمشق التي قامت بتكليفي بهذا المشروع، رغم ضيق الوقت وارتباطي بمشاريع فنية كثيرة، ورغم هذا الظرف حاولت أن أقدم شيئاً بمستوى النص والجمهور، وبمستوى فعاليات الأمانة العامة لاحتفالية دمشق».
وعن طريقته الإخراجية في التعامل مع نص كان من المفترض أن تقوم الراحلة مها الصالح بإخراجه تابع قائلا: «إنه عمل يُقدّم بطريقتي الإخراجية بعيداً عن الطريقة التي كانت تعمل بها مها الصالح في عروضها المسرحية، لم يكن هنالك أي لقاء بيني وبين مها الصالح حول هذا العمل بقدر ما كانت اتصالات عن طريق الهاتف للاطمئنان على صحتها، وهي اتصلت قبل وفاتها بيومين فقط وطلبت مني أن أكمل مشروعها في إخراج هذا النص، وقد كانت لدينا رغبة مشتركة بأن نقوم بمشروع مسرحي يجمعنا ولكن وفاتها حالت دون ذلك».
كانت لديك الكثير من المشاريع الفنية في العام المنصرم 2008، وآخرها العرض المسرحي «تياترو»، والآن نشاهدك بعمل مسرحي جديد، هل يمكن أن يؤثر ذلك على المستوى الفني لهذا العمل؟
«كما قلت لقد كانت لي ارتباطات فنية كثيرة، وتوقيت هذا العمل المثبت مسبقاً ضمن فعاليات برنامج الاحتفالية وضعني في أزمة وقت، فقد كان علي وضع كل العناصر الفنية التي يحتاجها العرض المسرحي من اختيار ممثلين جدد وتعديل النص والبحث عن طريقة إخراجية لهذا العمل، وكل ذلك في وقت قصير، لذلك أتمنى أن لا يحاكم فنياً محاكمة قاسية».
وحول تأثير رحيل الفنانة مها الصالح على المشهد المسرحي السوري قال: «لا أحد يملأ فراغ أحد، ولكنني أؤمن أن هنالك فنانين وأجيالاً متعاقبة تساهم في تطور المسرح السوري».
أما الفنانة ثراء دبسي التي أعادها هذا العرض إلى خشبة المسرح بعد انقطاع طويل فقد قالت: «لقد أعادني هذا العرض للعمل المسرحي، فآخر عمل مسرحي لي كان مع الفنان فايز قزق في مسرحية "رجل برجل" عام 1991، لذا أتوجه بالشكر للأستاذ باسم قهار الذي دعاني للمشاركة في هذه التجربة، وأشكر هذه الفرصة الذي جمعني معه، فهو مخرج مهم له تجارب مهمة في المسرح السوري، كما أشكر الفنان رامي فرح الذي أشرف على تدريبي على اللياقة الجسدية».
سيدة ثراء، لنتكلم عن هذا العمل الذي كان سيحمل توقيع الراحلة مها الصالح؟
«لقد أعاد الأستاذ باسم كتابة هذا العمل، وهو نص مختلف حتى بطريقة الطرح والرؤية الإخراجية عن النص التي كانت تريد أن تقدمه الفنانة الراحلة، فالشخصية كانت مونودراما تحت اسم شاهيناز، إنه عرض مختلف تماماً، وبطلب منها أرادت من الفنان باسم قهار أن يتولى إخراج العمل بسبب وضعها الصحي، ونحن كفرقة نقدمه تحية لروح الفنانة الكبيرة مها الصالح التي افتقدها كثيراً».
سيدة ثراء، هل يمكن للجمهور أن يعرف سبب ابتعادك عن المسرح كل هذا الوقت؟
«لقد كانت بدايتي على خشبة القباني، فهناك تاريخ طويل بيني وبينه، لقد كبرت على هذه الخشبة كعمر وليس كممثلة»، وتابعت: «لقد صدر قرار استثنائي بتعييني في المسرح القومي كممثلة، فقد كنت أصغر من السن القانونية، ولي أعمال كثيرة قُدمت في المسرح السوري، وما أريد قوله أن عملي في الإذاعة السورية والدراما أبعدني عن عملي المسرحي ولكن مع هذا العمل سيكون لي بداية جديدة مع مشروع خاص للعودة وبقوة إلى خشبة المسرح».
يذكر أن للمخرج باسم قهار أكثر من عشرين عملاً مسرحياً منها: الأيام المخمورة، تياترو، أرابيا، كهرب. وقدم العديد من الأعمال المسرحية في دمشق وبيروت وعمان وبغداد وسدني.


مازن عباس

اكتشف سورية

Share/Bookmark

صور الخبر

بقية الصور..

اسمك

الدولة

التعليق