موليير في موسيقى على الطريق

09 تشرين الثاني 2010

ضمن تظاهرة «حكايات مكشوفة» التي أطلقها مشروع موسيقى على الطريق مؤخراً (وهي عبارة عن مزج بين الموسيقى والمسرح)، قدمت فرقة بابل للفنون المسرحية مساء الجمعة 5 تشرين الثاني 2010 في حديقة القشلة بدمشق القديمة عرضاً مسرحياً بعنوان «غيرة مخدوع»، النص من مؤلفات الكاتب الفرنسي الكبير موليير، بعد تعديلات كثيرة قام بها مخرج العرض الأستاذ رأفت الزاقوت كمحاولة منه لتقريب النص أكثر إلى واقعنا المعاصر، ووضع موسيقى العرض الأستاذ نزار عمران (عازف ترومبيت)، ولكن في هذا العرض بقي المسرح هو البطل ولعبت الموسيقى دورها الاعتيادي في أي عرض مسرحي رغم جمالها ودقة تفاصيل جملها التي رافقت المشاهد، وتجسيدها بشكلها المطلوب، لم تكن حركة الممثل على خشبة المسرح اعتباطية أو عفوية أو من اختراعاته رغم إظهارها هكذا للمتلقي، لكن كل حركة كانت بتدخل وتوجيه، بل وفق خطة رسمها المخرج بعد الانتهاء من عملية تأسيس المراحل الأولية من رؤيته الإخراجية، فلكل حركة تبريرها إذ لا يجوز الانتقال من موقع إلى آخر دون إقناع المتلقي بتبرير ذلك الفعل تبريراً موضوعياً لا مزاجياً أو كيفياً، كما وأن للحركة أسبابها المتعددة، منها ملء الفراغ. هكذا كان الممثل في عرض «غيرة مخدوع» قائماً بتأدية الفعل أو الحركة لكي يضيف إلى دوره على المسرح جمالية ورشاقة، وفي نفس الوقت توالت الأحداث بشكل سليم رغم اختزال العمل عن النص الأصلي.


من عرض غيرة مخدوع

عن هذا العرض تحدث مخرج العمل الفنان رأفت الزاقوت (وهو من خريجي المعهد العالي للفنون المسرحية بدمشق لـ «اكتشف سورية» قائلاً: «نفذت عمل اليوم فرقة بابل للفنون المسرحية تحت عنوان "غيرة مخادع"، وهو من نصوص الكاتب الفرنسي موليير التي وضعت كتبه بشكل خاص لمسرح الشارع، وقد حاولنا أن نقرّبه أكثر إلى الواقع السوري، ويعتمد النص على الحركة المبالغة، ويضم شخصيات مختلفة الطباع».

وتابع حديثه: «هذه هي التجربة الأولى للفرقة لعرض في الشارع، حيث التواصل المباشر أكبر مع مختلف الشرائح من الناس ضمن مشروع موسيقى على الطريق،هذه التجربة مهمة كعمل تراكمي، ربما نصل مستقبلاً في سورية إلى أن يكون لدينا مسرح يقدم عمله في الشارع كما في البلدان المتقدمة، فنحن في سورية العريقة لا ينقصنا شيء، لدينا طبقة مثقفة ومئات الفنانين والمخرجين، ومن المفروض أن يكون لدينا مسرح الشارع ولن يحصل هذا إلا بالعمل التراكمي كما قلت».

وعن العرض قال المخرج الزاقوت: «عرضنا اليوم عبارة عن نص صغير كما رأيتم لم يتعدَ أربعين دقيقة، اعتمد على الكوميديا بالدرجة الأولى وشخصيات متناقضة في علاقاتها، والقصة عبارة عن زوجين تحدث بينهما مشاكل عديدة وعلاقات مربكة وهذه تخلق الكثير من المفارقات في العائلة ومع المحيط، وقد أعطتنا الموسيقى التي وضعها الأستاذ نزار عمران مزاجاً آخر جديداً لنعمل بجدية وبدون خوف من جمهور نقابله لأول مرة».

وأردف قائلاً: «لا فرق بين النص المحلي أو العالمي، المهم هو النتيجة، ولا أنكر شح النصوص المسرحية عندنا وخاصة تلك التي تصلح لمسرح الشارع، وكان الكاتب الفلسطيني إميل حبيبي قد كتب لهكذا عروض، ولكن ضمن توجه معين، وكذلك الأمر عند الكاتب الكبير محمد الماغوط، وما نريد تقديمه هو مواضيع تصلح لكل الاتجاهات، وأن ننقل فكرة المسرح إلى الشارع».

وتابع الزاقوت قائلاً: «في العروض القادمة سيكون هناك تحضير جيد بدون عجلة، بالإضافة إلى اتفاق مع الكاتب، وخاصة أن لدينا في الفرقة شباباً يكتبون بشكل جيد، ولكن في هذا العرض لم يكن لدينا الوقت الكافي».


المخرج المسرحي العراقي باسم قهار

وعندما سألناه عما إذا كانت هذه التجربة تتمة لتجربة فيصل الراشد في بداية الثمانينات حيث قدم ما يسمى بـ «المسرح الفقير» أو «مسرح الرصيف» حيث قال: «أرى بأن تسمية الفقير على هذه التجارب ليست صحيحة، لأن المسرح ليس فقيراً بمضمونه هنا، إنما يعتمد على الممثل ويستغني عن بعض تقنيات السينوغرافيا، وهناك من العروض التي قدمت في الشوارع الأوربية ما كلف ملايين الدولارات».

وأنهى حديثه بالقول: «أي تجربة هي تتمة لتجارب سابقة، وما قدمه الرواد يجب أن نكمله، لأن عرضاً مسرحياً واحداً لا يصنع مسرحاً كما أن القصيدة لا تصنع حالة شعرية ثقافية، كما قلت الحالة الثقافية تصنعها التراكمات».

وبدوره تحدث الموسيقي نزار عمران (مؤلف الموسيقى المرافقة) لـ اكتشف سورية فقال: «عندما تحدث معي الأستاذ شربل أصفهان بخصوص وضع موسيقى ترافق عرضاً مسرحياً مأخوذاً من أحد نصوص موليير، قلت لابد أن نضع موسيقى لحقبة كتلك التي عاشها هذا الكاتب، وكنت قد اعتمدت موسيقى من نوع الباروك القريب من الكلاسيك، وعندما التقيت بمخرج العمل وقرأت النص، غيرت الموسيقى والآلات التي اعتمدتها، فأصبحت لدينا موسيقى قريبة من المعاصرة ومفتوحة، مع المزج بين الروك والشرقي، بل خلطة فيها تمازج بين الحضارات بدون هوية معينة».

وتابع بقوله: «كانت هناك حالة هارموني بين المسرح والموسيقى، ومنذ تدريبات الأولى تم تعديل بعض المشاهد مع الحالة الموسيقية، ولذلك أقول بأن العرض جاء تبادلياً بين الموسيقى والمسرح».

وتابع الفنان نزار عمران: «كان هناك ارتجال مدروس وبحدود معينة ومرتبط بمشاهد معينة مثل لحظات العراك».

وأنهى حديثه بالقول: «الفكرة ليست جديدة بالنسبة لي، فمنذ فترة عملت في عرض مشابه مع المخرج أسامة حلال في مسرحيته "حكاية علاء الدين"».


النجم جهاد سعد والأستاذ زياد عدوان
المشرف على تظاهرة حكايات مكشوفة

وانتهزنا فرصة وجود المخرج المسرحي العراقي باسم قهار لنسأله عن أهمية هكذا تجربة فقال: «المهم أن يكون لدينا مسرح بكل تجاربه، وهذه التجربة التي يقيمها مشروع موسيقى على الطريق مهمة في جذب الناس إلى المسرح».

وعن وجود النجم في هكذا عروض قال: «لا يصلح النجم في عروض الشارع لأن الناس ستكون عينها على النجم، وتنسى ما يجري داخل العرض، وبالتالي يكون المشاهد قد أتى من أجل أن يرى هذا الفنان المعروف».

واتفق مع هذا الرأي الممثل النجم جهاد سعد حيث أضاف: «يجب أن نرى تجارب غيرنا، إذ يهمنا نحن مَن عملنا في المسرح سابقاً، أن نرى أين سيتجه المسرح من بعدنا، وأيضاً فإن رؤية التجارب يغني مخزوننا ويعود علينا بتبادل الخبرات».


إدريس مراد - دمشق

اكتشف سورية

Share/Bookmark

مواضيع ذات صلة:

صور الخبر

فرقة بابل للفنون المسرحية في كواليس مسرحية غيرة مخدوع قبل العرض

من مسرحية غيرة مخدوع ضمن تظاهرة حكايات مكشوفة في مشروع موسيقى على الطريق

من مسرحية غيرة مخدوع ضمن تظاهرة حكايات مكشوفة في مشروع موسيقى على الطريق

بقية الصور..

اسمك

الدولة

التعليق