غزوان زركلي: العفوية لا تعني التناقض مع المدروس

25 02

الفن إيمان والإحساس الصادق لا يُستهلك وإنما يُشحذ بالجوهر

أولى تسجيلاته الموسيقية الإذاعية كانت عام 1962، وأولى حفلاته العامة عام 1963، وبعدها بعام واحد كانت أول حفلة صول ومنفرد له لتتتالى بعدها الأعوام سبعة وأربعين عاماً مع رحلة الفن والموسيقى كان آخرها أمسية موسيقى البيانو التي أحياها العازف غزوان زركلي بالتعاون مع سفارة المملكة الإسبانية والمركز الثقافي الإسباني بدمشق على مسرح الدراما في الخامس والعشرين من شباط 2008.
عن الأمسية يقول الفنان زركلي «الحفلة من تنظيم السفارة الإسبانية ومعهد ثربانتس، ضمت ثلاثة مؤلفين إسبان هم مانويل دي فايا وإسحاق ألبينيز و إنريكه غرانادوس. وقد أخذ هؤلاء جزء بسيط من الحفل لا يتجاوز الربع ساعة من مدة الحفل البالغة ساعة ونصف، حيث قدمتُ ألحان كلاسيكية لبيتهوفن كبيرة القطع وتحمل أكثر من فن وحركة ما بين سريع وبطيء وشديدة السرعة والانفعالية، ثم قدمت قطعاً مستقلة لفرنس ليست وجورج غيرشفين وأستور بيازولا. تطلب التحضير لهذا الحفل الكثير من الوقت والتفكير والتخطيط بحيث أقدم للمتلقي قطعاً مختمرة متقنة. فعندما أعزف أنظر إلى نفسي كعازف ومستمع في الوقت ذاته وأذهب إلى أبعد من ذلك فأقيّم نفسي وأستمر في العزف وتقديم عرضي، وقد يكون ما نقدمه مجرد صنعة ومهنة ولكنني مؤمن بأن الفن أكثر من ذلك، والفن رسالة إيمان صادق ونبيل».
«هذا التعاون مع السفارة الإسبانية ليس الأول من نوعه فقد سبقه أكثر من خمس حفلات في لبنان والأردن وغيرهما، لكن هذه الحفلة تحديداً كانت لها أهمية ووقع في نفسي، لاعتبارها أتت ضمن احتفالية دمشق عاصمة للثقافة العربية، ورغم أنني خُصصت بحفلة في شهر آذار ضمن هذه الاحتفالية إلا أنها ألغيت دون أن يعلموني بذلك ودون أن أعرف السبب، ولقد علمتُ بالصدفة وشعرت بالإحباط بعد تحضير دام ستة أشهر لهذا البرنامج حيث كان هناك كونشرت لموزارت مع أوركسترا السمفونية الوطنية بقيادة المايسترو الفرنسي سيلفان غازونسون، لكن الصدفة أيضاً لعبت دورها لأتمكن عن طريق السفارة الإسبانية أن أقدم نفسي ضمن هذه الاحتفالية في مدينتي دمشق وبلدي سوريا».
لم تستهلك الموسيقى عبر سنواته الطويلة عواطفه وأحاسيسه بل كان هناك انعطاف: موت لأحاسيس وولادة لأحاسيس جديدة، وفي هذا يقول زركلي «كنت دائماً أقول وعن تجربة إن المعاناة تشحذ الأحاسيس وتجعلها أعمق وتنتشر أوسع ولكن ضمن حدود معينة، وعندما تتخطاها إلى حد معين فهي تقتل هذه الأحاسيس، لذا أنا مؤمن بأن الإحساس الصادق لا يُستهلَك وإنما يُشحذ بالجوهر، وفي داخلي دائماً شيء ما يتقد».
رغم أن الحرفية العالية قد تفقد الفنان عفويته وتعطيه انطباع الاستسهال في العمل إلا أن زركلي يجد أن «الخطأ قائم في هذه النقطة وهذا يتطلب من الفنان الوعي والانتباه، إلا أن العفوية لا تعني التناقض مع المدروس، وتلعب المهارة في فن الأداء الحي دوراً في إبقاء هذه العفوية في الإحساس. ومما لا شك فيه أن الاحتراف يصعب العملية وفق المبدأ الفلسفي "نفي النفي"، وهنا يكون الاحتراف وسيلة لعفوية ثانية، وميزتها عن الأولى أنها موجهة إلى الناس ولديها وظيفة بعكس الأولى التي تكون تعبيراً عن ذات الفنان الموسيقي، وهذا ما يعني حقيقة الارتقاء والإبداع الذي يستعمل الاحتراف بوصفه وسيلة لا هدفاً».
الحياة رهان، ولحظة اختيار عند مفارق الطرق، وبعد سبعة وأربعين عاماً يقف الفنان غزوان أمام رهانه فيجده عملة واحدة لوجهين ويقول «الآن وبعد تاريخ من العمل الفني أداء وتأليفاً أجد نفسي ذا إحساسين: إحساس بالفشل لعدم قدرتي على تحقيق أحلامي المتعلقة بالتعليم الموسيقي في بلدي سواء كنت مؤلفاً أو مترجماً أو عازفاً، ولعلّي أقدم نفسي كحامل رسالة فنية موسيقية اختزلتها عبر أربع وعشرين سنة قضيتها في الخارج على خمس مراحل وكنت تواقاً إلى وضعها في خدمة الفن المحلي، والإحساس الثاني نجاحي في الصمود وعدم السماح للمعاناة أن تقتل في داخلي العفوية».
عن استحقاقاته القادمة يقول «هناك حفلة في السابع والعشرين من الشهر الجاري في مركز تياترو قنوات بإدارة الفنانة مي سكاف مع المغنية ديما أورشو، وسنقدم سبع أغان من تأليفي الموسيقي وثلاث قطع بيانو عزف منفرد».


رياض أحمد

اكتشف سورية

Share/Bookmark

صور الخبر

بقية الصور..

اسمك

الدولة

التعليق