معرض «تأملات» للفنان المبدع غسان نعنع بغاليري تجليات في دمشق
19 آذار 2018
.
«تأملات».. معرض للفنان التشكيلي غسان نعنع في غاليري تجليات، ضم آخر أعماله المنجزه ما بين العامين 2015-2016، والتي انعكس فيها أثر الأزمة السورية ومعاناة الإنسان بما جلبته من آلام وأحزان، تجلى ذلك في الوشوشات اللونية التي يتقنها نعنع بكثير من الضبابية الذي يطبق على قلب اللوحة وجنباتها، لنفاجئ في بعض من زوايا معرضه بلوحات طبيعية تجلي غشاوة حلم لفحه حزن عتيق.
عن ذلك صرح الفنان نعنع: كل السوريين انعكست عليهم الأزمة في بلدنا بشكل أو بآخر حيث أثرت في بالحزن فعبرت عن ذلك في عملي الفني باختياري لموضوعين أحدهما يمثل شهداء الحرب الإرهابية من المدنيين إلى جانب رسم الطبيعة التي مثلت لي الحرية وكنت أحتاجها من مدة إلى أخرى لأغسل عيناي بمساحة لونية جديدة بما تحمل من علاقات وتضادات متعددة.
غاليري تجليات قدمت لنا السؤال الأهم: كيف لنا ان نعرف لوحة غسان ونراها، نقرأ فيما كتبته:
هي لوحه زمنيه بامتياز، ولوحة صوتية بامتياز أيضا، لوحة أسرار، وبوح، موسيقى، ووشوشات حد الصراخ، ولكن بأقل ما يمكن من الإثارة والضجيج، لوحة تصور مقطع زمني، للحدث أو الحالة، إلا أنها تكثفها ككل، وهذه طاقة وفنية غسان في الإخفاء والإظهار، دون التركيز على المكان إلا إذا كان يخدم الزمن، كوجود الآلة الموسيقية على الأرض مثلاً، لكن ليس بالضرورة أن يكون الشهيد ممدداً على الأرض، يمكن أن نراه ممدداً على الأبيض أو على الضوء «مجازاً»، إلا أن الزمن في لوحته يأخذ باتجاه المكان إذا كان العرض يتم في دائرة الحدث الزمني محور موضوع اللوحة، كما في لوحة «النظرة الأخيرة» حيث يظهر من الأبيض، موضوع اللوحة «الشكل الإنساني» وحوله العديد من الشخوص في حالة من الترقب والخوف تربطهم النظرات والهمسات، وأقول موضوع اللوحة لأحدد أن الإنسان هنا هو الموضوع وليس الرجل وحسب، الشكل الإنساني هنا هو تعميم إنساني، لكن التخصيص الذي يأخذ اللوحة للمكان هو إشارة الأحمر هذه على الأبيض تحديداً، إشارة خفيفة قد لا نلحظها، لكنها تشير إلى نوعية الموت، وتشير بكل ضعف قوتها اللونية إلى الحرب، لذا تحدثت عن وشوشات، لمسات ريشة تصل حد الصراخ، عندما يتحول الأبيض إلى مسرح كبير ثم لا ترى إلا صرخة مختنقة ولمسة أحمر عندها إلى ماذا ستذهب روحك، وبماذا ستفكر؟! أن نعرف هذا عن اللوحة ثم نذهب لرؤيتها هو أفضل بكثير، هذا بمثابة اقتراح، لكن رؤية اللوحة كافيا لتأخذنا إلى كل هذا.
الناقد التشكيلي عمار حسن في موضع سابق قال في أعمال غسان: لوحة غسان جزء من الطبيعة، جزء منه، جزء من معرفتنا، وحلمنا، وخوفنا، إنها قطعة مرئية من اللامرئي الذي نرغب برؤيته..
ها هو يحفز عبر رسمه إمكانيات أكبر لنسير في حلم غير منتهٍ ولا تحده الأزمنة أو الأمكنة في اللوحة، كشغف، كسراب يتراءى لك ويمضي في البعيد، بل يقترب منك ويدعوك إلى الإمساك به..
هل يهمنا أن نفهم لوحة غسان نعنع؟ أم يهمنا أن نرى هذه اللوحة؟ يجيب عمار حتى لا يتركنا في حيرة السؤال: نعتقد أن لوحة غسان مرئية ومفهومة، لكن يمكن لهذه الرؤية والفهم أن يتسعا كثيراً لو أردنا، فعلى سبيل المثال: هل تبدو لوحة الموسيقي الذي يعزف على آلته مسموعاً إلى هذا الحد دون التأثيرات اللونية أو المونوكرومية «تدرجات اللون الواحد» الضبابية في اللوحة، الموسيقا تتألف من الكثير من النغمات وتتطلب الكثير من التفاعل بين العازف وآلته، ما يخلق أجواء من التواصل، بينه وبين الآخرين على المستوى الشعوري أو اللاشعوري، وهذا بحاجة لحضور حي للتفاعل معه، في حين في اللوحة هذه يمكن أن نلحظ تلك التأثيرات، في أجواء اللوحة، في فضائها، ومثلما نعرف أن الماء يغلي من البخار الكثيف المتصاعد منه، يمكن أن نعرف ونفهم ونرى ونسمع عبق هذه الموسيقا والنشوات المتوالدة عنها والمستمرة في المكان الذي يغيب تدريجياً من اللوحة، ليبقى شكلاً من الزمان تتردد فيه، وكأن المرئي في هذه اللوحة يتحول إلى مسموع.
زين ص. الزين | تصوير عبدالله رضا
اكتشف سورية
من معرض «تأملات» للتشكيلي غسان نعنع |
من معرض «تأملات» للتشكيلي غسان نعنع |
من معرض «تأملات» للتشكيلي غسان نعنع |