غسان شميط: سورية «تحت سرّة القمر»

26 أيار 2015

.

ينكب المخرج السوري على تصوير فيلمه الجديد الذي يصوّر «افراداً يساعدون بعضهم رغم تأثير الأزمة على حياتهم اليومية»

يشقّ الفنان طريقه نحو بلدة «يعفور» غرب العاصمة دمشق، ما يتناثر على طرفي الأوتوستراد العريض، ومشروع البوابة الثامنة الذي لم يكتمل بسبب الحرب، يولّف تتابعاً بصرياً متبايناً بين الريف والحداثة. أحاديث رفاق الطريق من فنيّين وكومبارس تشكّل مادة للتسلية. أحدهم يتحدّث عن سعيه إلى حجز مكان في عمل سيصوّر في لبنان، ولو مجاناً، من أجل ملاقاة ابن انتقل إلى البقاع هرباً من الخدمة الإلزامية.

نصل إلى فيلا فارهة، في المنطقة التي شهدت طفرة عقارية مترفة، بعدما صارت محجاً لكثير من أثرياء البلاد. السينمائي السوري غسّان شميط (من مواليد القنيطرة 1956)، يشرف على الإعداد للمشهد القادم من جديده «تحت سرّة القمر» الذي تنتجه «المؤسسة العامة للسينما». شميط مشارك في السيناريو مع جهينة العوّام، عن رواية لهذه الأخيرة بالاسم نفسه. مدير الإنتاج سامر رحال، يحرص على اكتمال التفاصيل، فيما يتأكّد مدير التصوير الأوكراني دينيس يوشينكو من صحّة الإضاءة. الممثّل وضاح حلّوم يستعدّ لإحدى الحفلات التي اعتادت شخصيته «نبيل» إقامتها في فيلته. هو مدير عام ورجل أعمال، وربّ عائلة مكوّنة من زوجته «سناء» (علا باشا)، التي تدير مطعماً.



الفنانة علا الباشا والمخرج غسان شميط

هناك ابنتان: «حنين» (لانا شميط)، و«جوري» (ليا مباردي)، وطفل ينضمّ لاحقاً نتيجة دخول «علاء» (مروان أبو شاهين)، الذي حوّلته الحرب من مهندس إلى سائق على خط بيروت. بعد تعرّض «نبيل» لحادث مأساوي، تنقلب الأمور رأساً على عقب. تضطرّ العائلة المحافظة إلى النزوح من إحدى المناطق المشتعلة في ريف دمشق، إلى أخرى آمنة تضمّ طيفاً متنوّعاً من الأديان والطوائف. تدخل كل من الفتاتين في قصّة حب لبنانية. الجد «عبد القادر» (عبد الرحمن أبو القاسم) إقطاعي ومرشّح لمجلس الشعب، يتعرّض ابنه الطبيب «أحمد» (مجد فضة) للخطف. لدينا زواج سرّي، وحفل في مركز الإيواء، وشخص يحاول الانتقام على مراحل عدة.


الفنانة علا الباشا

في حديثه لـ«الأخبار»، يتحدّث شميط عن الفيلم الذي «يهتم بتقديم الشعب السوري المتآلف والبعيد عن الطائفية. نحن بصدد أفراد يساعدون بعضهم، رغم تأثير الأزمة على حياتهم اليومية. نقترح بانوراما عن الواقع السوري كما هو، وليس كما يُشاع». ماذا عن العنوان والسيناريو؟ يقول: «العنوان جاذب، ويحمل قراءات عدّة، منها ما يحصل على هذا الجزء من الكوكب. إنّها حكاية تهمّ الإنسان أينما وجد. بعد قراءة رواية جهينة العوّام، أبديتُ اهتماماً بتحويلها إلى سيناريو، وتحمّست الكاتبة لذلك. ركّزنا على مسار العائلة، وأضفنا ما يخدمه». إذاً، نحن بصدد أحد أفلام «سينما الأزمة/ الحرب»، على افتراض أنّها عنوان كبير في راهن السينما السوريّة.

ما الجديد الذي يحمله على هذا الصعيد؟ يجيب شميط: «الجرح السوري عميق، ويحتمل قراءات كثيرة من زوايا مختلفة. أجد هذا الفيلم موضوعياً، وبعيداً عن الشعارات. يتشبّث بما يهمّ السوري على اختلاف المشارب والطبقات. في النهاية، نفرد مساحةً للحب والتفاؤل بعد الخراب».


الفنان عبد الرحمن أبو القاسم

نال غسان شميط ماجستيراً في الإخراج من المعهد العالي للسينما في كييف عام 1982. عاد إلى البلاد، متأثراً بالسينما السوفياتية. كان عليه الانتظار أكثر من عشر سنوات، للحصول على فرصة إنجاز الروائي الطويل الأول «شيء ما يحترق» (1993). ضمن إنتاجات «المؤسسة العامة للسينما»، فضّل شميط الاشتغال على تيمة أثيرة: «العائلة والمكان». ضمن بيئة الجولان التي ينحدر منها، عرفنا فيلمين آخرين: «الطحين الأسود» (2001) و«الهوية» (2007 - الجائزة الكبرى في مهرجان تطوان الدولي في المغرب، وجائزة مصطفى العقاد في “مهرجان فجر” في إيران). في «الشراع والعاصفة» (2011)، ضمنت له رواية حنّا مينة الشهيرة الانتقال إلى بيئة الساحل السوري. خلال 22 عاماً، أنجز شميط أشرطة قصيرة ووثائقية منها: «بصرى» (1983)، و«يوميات جولانية» (1987)، و«البراعم» (1990 - الجائزة البرونزية في «مهرجان صفاقس» في تونس)، و«ورد وشوك» (2003 - الجائزة البرونزية في «مهرجان دمشق السينمائي»). يقول عن الفيلموغرافيا ككل: «كان من المهم ألا أتوقف عن العمل. لديّ سيناريوات رفضت لأسباب رقابية.


وضاح حلوم وعلا باشا في مشهد من الفيلم

سابقاً، كانت المؤسسة تنتج فيلماً كل عام، أو عامين أحياناً. ضائقة الثمانينيات قدّمت رغيف الخبز على السينما. اليوم، لدينا خمسة أفلام في العام، ما يشجّع على العمل والتفكير بالجديد». لكن، لماذا لا يعرف الجمهور السوري كثيراً من هذه العناوين؟ يجيب: «لا بدّ أن تجد «المؤسسة العامة للسينما» طريقةً لعرضها، سواء على التلفزيون أو من خلال تظاهرات. بعض هذه الأفلام يحمل أهميةً خاصةً اليوم، مثل «على دروب المدن المنسية» الذي أنجزته عام 2009». إذاً، يختبر شميط معنى «الآن وهنا» في «تحت سرّة القمر». يؤفلم راهن دمشق للمرّة الأولى. يوافق معلّقاً: «كانت تواجهني دائماً مشقة إعادة خلق الزمان والمكان والتفاصيل». ما تأثير ذلك على الأسلوبية والخيارات الفنيّة؟ يوضح: «أحاول الإفادة من التقنيات الحديثة وخيارات التكنولوجيا.


المخرج غسام شميط

هل تعتبر أنّك نجحت في أفلمة الساحل في «الشراع والعاصفة»؟ يجيب: «أعتقد ذلك. الرواية كبيرة، وتشكّل حلماً لأيّ مخرج. استعنتُ بخبراء في اللهجة والإكسسوار من البيئة نفسها. حتى جهاد سعد الذي لعب «الطروسي»، وبقية الممثلين هم أبناء المنطقة». ماذا عن الانتقادات التي طاولت تنفيذ “العاصفة” في أوكرانيا، ووصفتها بالهزيلة وغير المقنعة تقنياً؟ يقول: «كان تنفيذ العاصفة صعباً، واستهلك مراحل عدة. هذه المشاهد مكلفة، إلا أنّنا تصرّفنا ضمن الميزانية المتاحة. كان يُفترَض أن يكون هناك شريك للمؤسسة العامة للسينما، لكنّه انسحب لاحقاً. لولا وقوف مدير المؤسسة محمد الأحمد ووزير الثقافة (آنذاك) د. رياض عصمت إلى جانبنا، لواجهنا مشكلة حقيقية. البعض انتقدنا على غياب اللقطات العامّة، وكثرة المتوسطة والقريبة. الحقيقة أنّني أنجزتُ هذه اللقطات، ثمّ أهملتها لأنّها لم تكن مقنعةً. كذلك، الطبيعة الدرامية للسيناريو تحتمل هذا الأسلوب».


علي وجيه

al-akhbar.com

Share/Bookmark

صور الخبر

لقطات من موقع تصوير فيلم تحت سرة القمر للمخرج غسان شميط

لقطات من موقع تصوير فيلم تحت سرة القمر للمخرج غسان شميط

لقطات من موقع تصوير فيلم تحت سرة القمر للمخرج غسام شميط

بقية الصور..

اسمك

الدولة

التعليق