مسرحية إكليل الدم على مسرح الحمراء بدمشق
13 أيلول 2014
إما أن نكون مع وطن مرفوع الرأس أو مع وطن مقطوع الرأس
يعود الفنان القدير زيناتي قدسية إلى خشبة المسرح من جديد، المكان الذي لا يستطيع هذا الفنان الغياب عنه أبداً، وذلك من خلال مسرحية إكليل الدم، نصاً وإخراجاً، والتي بدأت عروضها على خشبة المسرح الحمراء بدمشق، وتستمر حتى 15 أيلول الجاري 2014.
ففي هذا العمل المشغول بجهد عال ومهنية واعتناء من جميع الأطراف، يحصل المتلقي على متعة مختلفة ومفاجئة على صعيد الفكري والأدائي، والصورة الجميلة التي أشتغل عليها صاحب العمل بطريقة جديدة ومختلفة تماماً، ومن يتمعن في العرض جيداً يلاحظ ذلك التطور التراكمي لدى قدسية واستفادته من التجارب السابقة في المسرح السوري وخاصة المرحلة الذهبية من مسرحنا، في هذا العرض نجد في بعض الصور المخرج
الراحل فواز الساجر، وفي بعض الجمل الكاتب القدير سعدالله ونوس وفي جمل أَخرى نجد محمد الماغوط وممدوح عدوان ومحمود درويش والحلاج..، ولكن بطريقة واسلوب خاص اتبعه قدسية كعادته، ليقدم صورة جديدة بنكهة متعة المسرح، رغم قساوة النص ومشاهده المؤلمة، ولكن قدمها زيناتي قدسية من منظار المسرح الأنيق، ليضع المتلقي أمام نشوة البحث، والعودة إلى العقل للخلاص عبر دلالات ورموز بعيدة عن المباشرة الفجة، غير ذلك، يحطم العرض نمط البطل الواحد، ويؤكد على العمل الجماعي الذي شمل جميع المشتغلين في العرض حيث أضاف كل منهم خصوصيته ولمساته الخاصة.
يستحضر عرض إكليل الدم، حكاية أناس نأت بنفسها، وعاشت بعيدة عن ما يجري خلال هذه الظروف السيئة والحرب الدائرة في المنطقة وسورية، ويقدم بعض المشاهد ضمن قصة مختلفة يظهر فيها بشاعة الإرهاب، وإلى أين وصلت مفاهيم الإنسان حتى استطاع أن يقطع رأس اخيه الإنسان، أو ينتزع قلبه من قفصه الصدري ويأكله بنهم. إكليل الدم صرخة في وجه العالم، نداء لكل ضال أن يحكم عقله، فالعقل هو الوحيد من سيصلنا إلى بر الأمان ويولد الضمير لنعرف الآخر من خلال تعامله لا أكثر.
حضر اكتشف سورية مسرحية إكليل الدم، والتقى الفنان القدير زيناتي قدسية، بدأ حديثه قائلاً: «لست ميالاً في العرض المسرحي لرسالة العرض أو ما يسمى بأهداف العرض، ولكن ينبغي بوجود إشارات ورموز وإيحاءات لها دلالاتها، ويأخذ المشاهد إلى أكبر قدر من المتعة، وأعتقد بأن هناك خلاف حتى حول ماهية المتعة وطبيعتها».
ويتابع قدسية متسائلاً: «ما هي المتعة التي نقصدها حين نقول ينبغي على هذا العرض المسرحي أن يتوفر فيه أكبر قدر ممكن من المتعة، هي المتعة التي تدور في دائرة الجماليات البصرية والفنية وكذلك جمالية المادة الفكرية التي تلامس العقل، بحيث يكون المشاهد أمام خليط منسجم من ناحية اللون، الفكر، البصر، وايضاً السمع. كل ذلك يؤدي إلى مفهوم المتعة التي نقصدها، ينبغي أن يتضمن منظومة العرض كل هذه المفردات، ليصل المتلقي إلى ما يربو إليه العرض».
وأضاف قائلاً: «لا استطيع الآن إيجاز ما أريد قوله، لأني أريد إيصال الكثير من الأشياء، وهنا أقول للذين يعملون في المسرح مباشرةً، أريدكم أن تكونوا بكل ألقكم على خشبة المسرح، أقول للكاتب المسرحي عبر هذا النص والعرض، كن كاتباً حقيقياً على الصعيد السياسي والفكري، ما أريد إيصاله يكمن في جملتين فحسب؛ إما أن نكون مع وطن مرفوع الرأس أو مع وطن مقطوع الرأس، وأتمنى أن يعلو عرض إكليل الدم إلى هذا المستوى».
وعن المتفرج أنهى الفنان زيناتي قدسية حديثه قائلاً: «هناك من يجهش بالبكاء عندما يرى أمامه كل هذا الألم والوجع، هناك من يضحك لآخر العرض، ليس لأنه لم يفهمه، أو ليس متعاطفاً مع ما يرى، بل لأنه يستمتع بالمسرح الملحمي ويقيّمه، بل ويجد نفسه فوق الحدث، انه متفرج واع، عقله يقظ، ولذلك لا يريد أن يبكي، ولا يتعاطى مع اللحظة بشكل عاطفي، بل يتعامل مع الأشياء بالعقل، وهذا هو التغيير الذي ينتج عن المسرح، هذا النوع من المشاهدين موجود عندنا، يبقى يقظاً لآخر لحظة، يفكر ويحلل، وأنا أقدر هذا المتفرج».
مسرحية إكليل الدم، نص وإخراج للفنان زيناتي قدسية، يلعب الشخصيات فيها كل من الممثلين: أسامة تيناوي، قصي قدسية، رائد مشرف، أسامة جنيد، خلدون قاروط، فادي الحموي، زهير البقاعي، سامر الجندي، جمال التركماني، مروى العيد، زيناتي قدسية.
يستمر العرض لغاية 15 أيلول الجاري على خشبة مسرح «الحمراء» تمام الساعة الخامسة مساءً.
تصميم الديكور: زهير العربي
تصميم إضاءة: بسام حميدي
تصميم الأزياء: هشام عرابي
مكياج: ريما عرابي
مخرجة مساعدة: سهير برهوم
مساعد مخرج: نوفل حسين
إدريس مراد
اكتشف سورية
مشاهد من مسرحية إكليل الدم لزيناتي قدسية |
مشاهد من مسرحية إكليل الدم لزيناتي قدسية |
مشاهد من مسرحية إكليل الدم لزيناتي قدسية |