التطعيم بالصدف.. إبداع من نوع خاص يفوح بعبق التراث الدمشقي الأصيل

26 أيار 2014

.

لا يمكن لزائر سوق المهن اليدوية بدمشق إلا أن تستوقفه تلك الصناديق الخشبية المطعمة بالصدف والمرصوفة بدقة وعناية فائقتين على رفوف محل صغير عتيق يفوح منه عبق التراث الدمشقي الأصيل والمتفرد بروعته وجماله.

ولم تكن تلك القطع الفنية وليدة الصدفة بل هي نتاج خبرة طويلة وعشق لفن عريق توارثه الحرفي يحيى ناعمة فأبدعت يداه أجمل التحف الخشبية المطعمة بالصدف التي استطاع تحويلها من خشب اصم إلى مقتنيات نادرة تروي تاريخ مدينة عريقة أنجبت مبدعين وفنانين حفروا أسماءهم بأحرف من ذهب على جبين الفن الاصيل.

ورثت هذه المهنة عن أبي وجدي وسأورثها لأبنائي من بعدي.. بهذا بدأ الحرفي ناعمة حديثة لـ سانا مشيرا إلى أن عشقه لهذه المهنة بدأ منذ الطفولة والتي ورثها عن جده الذي استشهد اثناء الحرب العالمية الاولى فورث عشقها عنه ابنه والد يحيى فتعلمها عند شيخ الكار ثم أصبح من أكبر حرفيي دمشق في هذا المجال وأصبح محله في منطقة القيمرية بدمشق محجا لكل قاصد وباحث عن هذا الفن.

ويشير ناعمة إلى أنه سار على خطى ابيه في عشقه لمهنة التطعيم بالصدف فكان يخرج من مدرسته قاصدا متجر ابيه في القيمرية ويقضي الساعات الطوال في تعلم تفاصيل هذه الحرفة وخفاياها حتى اصبح متقنا لها على اكمل وجه وبدأ بعمله الخاص.

وللتحفة الصدفية مسيرة حياة طويلة تمر بها حتى تتحول من قطعة خشب إلى قطعة فنية وعن هذه المراحل يحكي ناعمة.. نعتمد في صناعة الصدف على خشب الجوز حيث نقوم اولا بتقطيع الخشب وتجفيفه ليصبح صالحا للعمل ثم تأتي مرحلة تصميم الهيكل الخشبي للقطعة سواء اكان صندوقا ام اثاثا منزليا ام مرآة ام غير ذلك ويكون ذلك بالاعتماد على طبعات فنية مختلفة.

تلي مرحلة تصميم الهيكل مرحلة التشكيل بالصدف ولصقه وذلك يتطلب من العامل الدقة والحس الفني والذوق العالي ثم بعد ذلك مرحلة تلميع الصدف لتكون القطعة في شكلها النهائي وإذا احتاجت القطعة الفنية للتبطين بالقماش تكون هناك مرحلة رابعة هي التنجيد.

ولم تبق مهنة التطعيم بالصدف حبيسة تقنيات الماضي بل ادخل عليها الحرفيون الجدد تطورات كبيرة على مستوى نوعية القطع الخشبية المعمول بها والشكل الفني لطريقة التطعيم بالصدف وعن هذا يتحدث ناعمة.. لقد تطورت هذه الحرفة عبر الزمن وبعد ان كانت محصورة بجهاز وصندوق العروس توسعت حتى شملت الصناديق الصغيرة التي تقدم للسياح وديكور المنازل والاسقف والمساجد والقصور.

ويشير ناعمة إلى أن تقنيات المهنة تطورت كذلك من حيث الشكل الهندسي حيث ادخلت رسومات جديدة لم تكن معروفة سابقا حتى أصبحت صناعة التطعيم بالصدف الدمشقية معروفة على مستوى سورية والعالم العربي.

وخلال عمله الطويل في الصدف شارك ناعمة في معرض باسلام اباد في باكستان وحاز عدة جوائز في هذا المجال.

ولم يخف ناعمة تأثر هذه الحرفة بالازمة في سورية ماديا ومعنويا وطالب وزارة السياحة والوزارات المعنية بدعم هذه المهن الأصيلة من خلال تأمين المواد الخشبية والصدفية والدعاية والاعلان لهذه الحرفة داخل سورية وخارجها اضافة الى دعم الحرفيين ماديا ومعنويا كي لا يبحثوا عن مهنة اخرى من اجل الكسب المادي لان هذه الحرفة لم تعد تأتي بالمردود المادي الكافي وتوفير الأسواق الخارجية لتسويق هذه الحرفة العريقة والا سوف تواجه خطر الاندثار.


ميس العاني-شذى حمود

سانا

Share/Bookmark

اسمك

الدولة

التعليق