حرفيو دمشق يحولون خان أسعد باشا إلى ملتقى كبير للإبداع

08 حزيران 2014

يفوح منه عبق التراث الدمشقي الأصيل

تحولت باحة خان أسعد باشا بدمشق إلى ملتقى كبير لإبداع من نوع فريد يفوح منه عبق تراث دمشقي أصيل أبى أن يموت أو يحني رأسه أربابه هم حرفيو دمشق الذين نهلوا الأصالة من بردى فأبوا إلا أن يكونوا شامخين كقاسيون متشبثين بأرضهم ومصرين على ممارسة مهنة توارثوها عن آبائهم وأجدادهم ونقلوها لأبنائهم لتبقى هوية لدمشق وبصمة خاصة بها عصية على التقليد والتزوير.

فالمعرض الذي أقامته وزارة الثقافة ظهر أمس بحضور الدكتورة بثينة شعبان المستشارة السياسية والإعلامية لرئاسة الجمهورية والدكتورة لبانة مشوح وزيرة الثقافة تشجيعا لهذه الحرف وأصحابها استطاع أن يحكي لقاصدي الخان صفحة ناصعة من حكاية مدينة عريقة خلدها أبناؤها بحرف لم توجد إلا فيها ولم تنتشر إلا على يد أبنائها الأوفياء.

«إعادة إحياء هذه المهن وتشجيع أصحابها وإحياء المكان هو الهدف الذي تسعى إليه وزارة الثقافة من إقامة المعرض» بهذا بدأت الدكتورة لبانة مشوح وزيرة الثقافة تصريحها لوكالة سانا مشيرة إلى ضرورة التعريف باستمرار بهذه المهن كي يضج المكان بالحياة.

ولفتت مشوح إلى القيام بإجراءات عملية لضمان استمرارية هذه الحرف وتوثيقها وذلك بوضع برنامج لتعليم المهن كجزء من دورات معاهد الثقافة الشعبية التابعة لوزارة الثقافة يقوم بتعليم هذه الحرف للراغبين بذلك على يد مختصين وذلك في البيوت التراثية الدمشقية القديمة.

وعن أهمية اقامة مثل هذه المعارض بالنسبة للحرفيين يشير فؤاد عربش رئيس الجمعية الحرفية للمنتجات التراثية بدمشق إلى ضرورة استقطاب الزوار للتعريف بالمنتجات التراثية والصناعات اليدوية.

وفي ركن من أركان باحة الخان كان الحرفي مروان عربش يعمل على تشكيل قطعة خشبية صغيرة وانطاقها بروح الإبداع لتتحول من خشبة صماء إلى تحفة فنية لم تتدخل فيها آلة وإنما صيغت بيد من ذهب دأبت على مدى خمسين عاما على ممارسة هذه الحرفة.

ومن جلد البقر والجمل استطاع الحرفي بسام صيداوي بتكنيكات يدوية أن يصنع تحفا على شكل جزادين وحقائب وسجادات.

وخلف نول صغير كان الشاب رضوان الأصيل يعمل على قطعته الفنية بهدوء وروية كبيرين كيف لا وهو الذي اعتاد أن يتعامل مع خيوط الحرير الطبيعي لتصنيع قطع البروكار.

وفي نفس الركن كانت الحرفية أسماء الحلبي خلف نولها تعمل على صناعة سجادة من الصوف على النول وتشرح لزوار المعرض مراحل العمل وتعرض لهم قطعا من عملها.

كما استطاع خلدون المسوتي الذي كان يتصدر باحة المعرض وهو يشكل لوحة فسيفسائية على شكل علم سورية برفقة ابنه ذي السبع سنوات أن يشد جمهور المعرض إليه عبر لوحاته التي تجمع ألوانا مختلفة من الفن.

ولا يمكن لزائر المعرض إلا أن تلتقط أنفاسه روائح الياسمين الدمشقي والورد الجوري التي كان ينشرها الشاب سامر الأصيل من أمام بحرة الخان.

فالشاب الذي دفعه عشقه للروائح الجميلة أن يختار هذه المهنة أشار إلى أنه عمد منذ خمس سنوات إلى ممارسة المهنة لنشر العطور الدمشقية الجميلة الخالية من المواد غير الموجودة في الطبيعة فالعطور عند الأصيل هي تعرقات ورود دمشق الخام البكر.

وعلى طاولة خشبية كان الحرفي أحمد راتب ضعدي ممسكا بأزميل ومطرقة استطاع أن ينقش من خلالهما على صفحة من النحاس رسوما دمشقية لفانوس يصنعه أمام الجمهور.

وأمام طاولة مليئة بالشموع العطرية الجميلة وورود الخرز كانت الشابة خلود السقا تستقبل الزوار بابتسامة وديعة وتشرح لهم عن ورشتها التي أسستها باسم «بلدي شغل ايدي» وتقوم فيها على عمل شموع يدوية وشجر من الكريستال مع أسلاك النحاس بموديلات جديدة تناسب كل الأذواق.

وفي جوار طاولة السقا جلست سيدة ترسم ملامح وجهها صورة جمال دمشق الذي لم تشوهه سنوات عمر طوال قضتها في العمل على الخرز فالسيدة ليلى مراد عملت طوال أربعة وعشرين عاما على تصنيع خرز الثريات واستطاعت فتح مشغل خاص بها علمت من خلالها النساء على العمل على الخرز في بيوتها كي تحصل قوت عيشها فكانت حرفية ومعلمة بنفس الوقت.

وأمام تحف فنية منقوشة بالخط العربي وقفت الحرفية راما أسعد رمضان التي لم تمنعها أنوثتها من وراثة حرفة أبيها فأصبحت حرفية دمشقية مختصة بالقيشاني الدمشقي.

أما الحرفية يسرى عيد القادمة من السويداء وجبلها الأشم فقد اختارت العمل على حرفة نادرة وجميلة في نفس الوقت وهي حرفة الحرير الطبيعي التي تقوم بالأساس على تربية دودة القز وإنتاج الحرير وتشكيله حسب الطلب.

وتحكي عن مراحل عملها قائلة نأخذ البيوض ونضعها في محمل حتى تفقس ثم نجهز لها مكانا ملائما ونقدم لها ورق التوت لمدة من 40 إلى 50 يوما وعندما يكتمل نمو الدودة تعمل حول نفسها بيتا بيضويا وتصبح شرنقة وبعد 15 يوما نسحب الخيط من الشرنقة ونغزلها ونشكل على الصنارة كل الأشكال.


ميس العاني

سانا

Share/Bookmark

مواضيع ذات صلة:

اسمك

الدولة

التعليق