الجمعية السورية للاستكشاف والتوثيق تقيم مسيرها الثلجي

06 آذار 2012

.

بين كتل الجليد، وتلال الثلج المتراكمة، قامت الجمعية السورية للاستكشاف والتوثيق «أنا السوري» بمسيرها الأول لعام 2012 ضمن الجبال الثلجية وذلك صباح الجمعة الماضية ضمن منطقة ظهر الجبل في محافظة السويداء حيث شارك في هذا المسير متطوعين من كل من دمشق و اللاذقية و حمص.

وقد جرى المسير من بلدة الكفر تل القليب إلى بلدة سالي على مدار يوم الجمعة بأكمله حيث تم خلال المسير التعرف على منطقة ظهر الجبل في محافظة السويداء في مثل هكذا فصل من السنة (فصل الشتاء) إضافةً إلى رفع القدرة للمشتركين والأعضاء واستعدادهم من الناحية البدنية والنفسية لخوض النشاطات الصعبة وخصوصاً في فصل الشتاء وفي منطقة ذات مناخ قاسي بارد، علاوة على التعرف على أهم مصدر من مصادر تغذية المياه الجوفية للقاطع الجنوبي من سورية.

ووفقاً لأمين سر الجمعية السورية وقائد نشاطاتها الشاب خالد نويلاتي فإن المسير بدأ مع تجمع المشاركين أمام مقر الجمعية في ساحة الميسات بدمشق فجر يوم الجمعة حيث انطلقت الحافلة تمام الساعة الخامسة صباحاً باتجاه بلد الكفر حيث يضيف: «بعد انطلاقنا في المسير، انضم لنا الأستاذ الصحفي أكرم الغطريف ليكون معنا مرشداً يدلنا على الأماكن المميزة في محافظة السويداء وأهم المعالم الأثرية التي قد تواجهنا على الطريق. حالما وصلنا إلى بلدة الكفر، استقبلنا رئيس بلديتها حيث توقفنا ضمن ساحتها للتعرف على النصب التذكاري لشهداء الثورة السورية ضد المحتل الفرنسي مع شرح مستفيض رئيس البلدية الذي حدثنا عن أهمية بلدة الكفر والمعارك التي خاضها الثوار لطرد المستعمر الفرنسي من سورية. وبعد الصلاة على أرواح الشهداء توجهنا إلى نقطة البداية قرب تل قليب في غابات السرو والصنوبر والتي تحيط بها مساحات واسعة من المزارع المغطاة بالثلوج الكثيفة حيث قمنا بتوزيع العتاد على جميع المشتركين وإعطاء بعض الملاحظات الهامة عن هذا المسير. بعدها بدأ المتطوعين بالسير في تمام الساعة الثامنة والنصف صباحاً».


من أجواء المسير الثلجي لجمعية الاستكشاف والتوثيق


ويقول بأن الهدف الأول للمسير كان الوصول إلى المطار الزراعي الذي يبعد عن بلدة الكفر مسافة 1.5 كم حيث شكل المطار نقطة العبور إلى عمق البراري والطبيعة مشيراً إلى أن المشاركين بدأوا بالسير على الثلج والذي كانت سماكته في بعض المناطق تزيد عن 50 سم ويضيف: «من أهم الأمور التي كانت قد ساعدتنا على السير في هذه الطبيعة القاسية هو طريقة التجهيز الصحيحة للمشتركين من حيث معداتهم الشخصية والمعدات التي تم توزيعها عليهم من قبل مستودع الجمعية، إضافةً إلى أن الحالة الجوية كانت ممتازة حيث أن الطقس كان غائم جزئياً طوال هذه الفترة وكانت الرياح خفيفة واتجاهها من الغرب إلى الشرق أي أنها موازية لنا وفي جهة مسيرنا. كما أنه وخلال سيرنا، كان الأستاذ أكرم بين الحين والآخر يرشدنا إلى بعض المواقع الأثرية الهامة ومنها بعض المستوطنات البشرية القديمة والتي يقدر عمرها بأكثر من ثلاثة ألاف عام حيث كانت هذه المواقع عبارة عن بيوت مبنية من الحجر البازلتي على شكل قبب وكلها مهجورة ومهملة في قلب هذه الطبيعة».


من أجواء المسير الثلجي لجمعية الاستكشاف والتوثيق


ولفترة قاربت الساعة والنصف -كما يشير- استمر سير المجموعة بين البراري المكسية باللون الأبيض والمغطاة بالسماء الزرقاء حيث يشير إلى أن سماكة الثلوج كانت تتزايد مع تقدم الفريق إلى بلدة سالي على اعتبار أن البلدة ترتفع عن سطح البحر بمسافة 1750 متراً حيث يتابع فيقول: «في منتصف خط سيرنا، بدأت غابة السرو والصنوبر تتلاشى خلفنا وبدأنا نسير في أرض خالية جرداء تخطها بعض الأودية النهرية النشيطة من ذوبان الثلوج والباردة. ولقد توقفنا عند إحداها للتزود بالماء الصافي والشرب. من أهم ما شاهدناه هو أحد الينابيع الذي تفجر وصنع من حوله بركة من الماء ضخمة جداً يزيد مساحتها عن ثلاث ألاف المتر كانت مجمدة بالكامل كان منظر هذه البحيرة والتي يحيط بها من كل جانب تلال عالية يكسوها الثلج منظر لم نشهده من قبل طوال فترة نشاطات الجمعية إلا في الأفلام الوثائقية مما زاد من حماس المتطوعين لنزع ثيابهم والسباحة فيها بدافع حب المغامرة وتجربة الأمر غير المألوف رغم البرد والصقيع الذي لا يوصف! وعلى مقولة «المبلل لا يخشى المطر»! وبعد ما يزيد على أربع ساعات من السير بدأنا ندخل في بساتين بلدة سالي وبدأ الغوص في الثلج يرهق المتطوعين وبدأت أثار الوحوش تظهر أمامنا بوضوح مما يدل على أن المنطقة التي نسير فيها كانت منطقة عذراء ما زالت تمتلك كل معالم الطبيعة الحقيقية وهنا قرر المنظمون توحيد صفوف المشاركين خلال عملية السير وتم توجيه تعليمات دقيقة إلى كل المتطوعين إلى ضرورة السير ضمن نسق واحد لأجل أن يكون الجميع في مجموعة واحدة منعاً للدخول في مشاكل لا يحمد عقباها بالإضافة إلى أن طريقة السير في نسق واحد ستسهل عملية فتح مسرب سير بمساعدة الكادر التنظيمي المختص بذلك ليتمكن الجميع من السير عليه وكأنه نفق ممهد».


من أجواء المسير الثلجي لجمعية الاستكشاف والتوثيق


هذه الطريقة في السير جعلت المشاركين يسيرون في ظروف أفضل لمدة تجاوزت الساعتين والنصف حيث استطاعت المجموعة الوصول إلى البلدة قبل مغيب الشمس بنصف ساعة تقريباً. وقد وصل الفريق إلى الطريق الأسفلتي الذي يصل البلدة بباقي البلدات مع غروب الشمس تماماً حيث ساهم ذلك في سهولة السير ضمن الليل مع استخدام معدات الإنارة الخاصة بالجمعية. وقد بلغت المسافة المقطوعة بالكامل حوالي 12 كم جرى قطعها بثماني ساعات تقريباً.

«من أهم الملاحظات التي أود قولها عن المسير كانت البرودة الشديدة التي عانينا منها خصوصا وأن منطقة جبل السويداء في فصل الشتاء هي من أشد المناطق برودة وتتمتع بهطولات ثلجية ذات نسب عالية وذلك بسبب مباشرتها لفتحة الجولان القادمة من البحر من جهة الغرب مما يسمح لدخول المنخفضات الجوية وهي محملة بمياه الأمطار والثلوج بشكل كامل ولذلك تعتبر من أهم مصادر تغذية المياه الجوفية في المنطقة الجنوبية بالإضافة إلى أن أرضها خصبة وتربتها بركانية حمراء داكنة تصلح لجميع الزراعات حيث من أهم مزروعات المنطقة كل من التفاح والكرز. كما أن البراري المحيطة بظهر الجبل غنية بالحيوانات البرية النادرة مثل الثعالب والذئاب والضباع حيث شاهدنا بالعين المجردة أحد هذه الضباع وعلى مسافة أقل من عشرين متر بالإضافة إلى مجموعة كبيرة من الطيور البرية. وأود أن أقول بأن المنطقة أيضا تمتاز بالآثار المتنوعة والتي يزيد عمرها عن أربعة آلاف سنة قبل الميلاد ولكنها تعاني من الإهمال».


من أجواء المسير الثلجي لجمعية الاستكشاف والتوثيق


ويضيف بأن المسير كان نموذجيا على كل الأصعدة خصوصاً من نواحي التنظيم والتخطيط إضافة إلى الاستجابة المميزة من المتطوعين. ويقد شكره الجزيل لأهالي منطقة جبل العرب الذين احتضنوهم وساعدوا في إنجاح رحلتهم حيث يضيف: «كان مسير اليوم مسيراً ثلجياً بكل معنى الكلمة حيث أن الثلج فرض جماله وحلته البيضاء على كامل الطبيعة وغطى كل خط سيرنا الذي بلغ 12 كم وتحديداً من بلدة الكفر تل قليب وحتى بلدة سالي أما عدد المتطوعين فقد كان 32 متطوع جمعهم حب الوطن والطبيعة وشغف المغامرة والاستكشاف. وأود أن أشكر كل من محافظ السويداء السيد الدكتور مالك محمد علي والأستاذ الصحفي أكرم الغطريف إضافةً إلى كل من مدير ناحية المشنف، رئيس بلدية الكفر، رئيس بلدية سالي ومجلس إدارة الجمعية ورئيسها الدكتور باسل حكيم. وأخيراً وليس آخراً الكادر التنظيمي للجمعية وتحديداً عضو فريق الطوارئ بهزاد شكو ومساعده مازن سليمان الذين حضروا لنا طعام الفطور والغداء.


أحمد بيطار- حلب

اكتشف سورية

Share/Bookmark

اسمك

الدولة

التعليق

إدارة الجمعية:

شكر كبير لإدارة موقع اكتشف سوريا ونتمنى دوام التعاون فيما بيننا

سوريا