كلهم أبنائي نسخة سورية من مسرح الأمريكي آرثر ميلر

27 كانون الأول 2011

-

الوطن دائماً على حق هكذا يوقع المخرج مأمون الخطيب على نسخته السورية من العرض المسرحي كلهم أبنائي متخذاً من لغة أقرب إلى العامية الشامية صيغةً لمسرحيته التي أعدها الدكتور رياض عصمت لصالح المسرح القومي عن نص الكاتب الأمريكي الراحل آرثر ميلر.

وركز الخطيب بعد غياب عن موسم مديرية المسارح على إبراز إنسانية مفهوم الوطن عبر اللعب على مفردات الحكاية التي صاغها الكاتب الأمريكي عن تاجر سلاح يقوم بتزويد جيش بلاده بقطع كاسدة لسلاح الطيران ما يتسبب بموت 21 طياراً ليقع في نهاية الأمر أمام مساءلة أخلاقية تضعه وجهاً لوجه مع ابنه الثاني كريس الذي يتساءل بدوره عن مصير أخيه لاري المفقود في الحرب بعد أن تدور الشكوك حول نهاية حياته بسبب صفقة الأسلحة الفاسدة التي يتعهدها أبوه من مصنعه الخاص.

ووضع الخطيب معادلاً درامياً لافتاً على صعيد إدارة شخصياته على الخشبة تاركاً الفسحة لممثليه للعب على طاقة الصراع الموجودة في النص الأصلي حيث ينتمي عرض «كلهم أبنائي» إلى العروض التي تفضح قيم المجتمعات الغربية بعد الحرب العالمية الثانية وميلها غير المسبوق إلى الربح وتمجيد الاستهلاك على حساب قيم ومبادئ الفرد ليكون الإنسان في مجابهة مستمرة بين أخلاقه وتوحش الرأسمالية المعاصرة.

ونجح العرض الذي افتتح أول عروضه أمس على مسرح الحمراء في شد الجمهور إلى حكايته على مدار ساعة وربع برزت خلالها مقاربات عديدة للنص الأصلي بإحالات راهنة عن قلق العالم من تزايد الهيمنة الأمريكية على معاني النبل والتضحية لتعري المسرحية في النهاية سيطرة رؤوس الأموال الغربية على ضمير الإنسان ساحقةً إياه تحت عناوين المصلحة والابتزاز ولتدفع شخصية الأب في العرض للإقدام على الانتحار بعد أن يقرأ رسالة ابنه الغائب التي تثبت أن فساده ورغبته العمياء لامتلاك المال كانت سبباً في قتله.

واتكأ المخرج على إعداد النص الذي أسقط مقولته على ما تعيشه سورية من أحداث رافعاً قيمة الوطن ومصلحته فوق أي مصلحة فردية وآنية وعابرة حيث استطاعت المسرحية أن تقدم فرجة عالية وأنيقة لعب فيها الديكور دوراً مفصلياً في إبراز فضاء اللعب المكاني والزماني في آنٍ معاً وصولاً إلى توفير مساحات متوازنة من حركة الممثلين على الخشبة ووفق أسلوب المدرسة الواقعية في المسرح التي لطالما اشتغل عليها ميلر كوريث لواقعية النرويجي هنريك إبسن نحو تغيير الواقع الاجتماعي ورفع الصوت عالياً لتحقيق إنسانية الإنسان وكرامته.

كما برزت في العرض قدرة الممثلين على تجسيد أدوارهم بعيداً عن تكلف الأداء المتبع عادةً في المسرحيات المقتبسة عن نصوص أجنبية ووفق تناغم مع أزياء بصرية متحركة وإضاءة متوازنة مع حالات الصراع الداخلي للشخصيات وذلك بالاعتماد على نبرة هادئة وقريبة من قلب المتفرج دون المبالغة بردود الفعل أو التعويل فقط على الحضور اللافت للسينوغرافيا المسرحية.

يذكر أن عرض كلهم أبنائي من إنتاج وزارة الثقافة -مديرية المسارح والموسيقا- المسرح القومي و من تمثيل: مروان فرحات، غسان الدبس، رائفة أحمد، هدى الخطيب، أسامة تيناوي، مؤيد الخراط، رنا كرم، أيهم الآغا، ندى العبد الله، مخرج مساعد: آنا عكاش، مساعد مخرج: رامي عيسى، سينوغرافيا: وسام درويش، أزياء ربيع الحسن، إضاءة: بسام حميدي، مكياج: هناء برماوي، موسيقى: سامر الفقير، فوتوغراف: يوسف بدوي، ديكور: ريم أحمد، والعرض مستمر حتى منتصف كانون الثاني القادم يومياً على مسرح الحمراء بدمشق.


سامر إسماعيل

الوكالة السورية للأنباء - سانا

Share/Bookmark

اسمك

الدولة

التعليق