محاضرة بعنوان «الشعر ديوان العرب» في ثقافي جوبر

29 تشرين الأول 2011

أقيمت في المركز الثقافي العربي جوبر، محاضرة بعنوان « الشعر ديوان العرب»، وذلك يوم الأربعاء 26 تشرين الأول 2011، قدمها الدكتور حسن جمال الدين، بحضور السيد نجوان شيباني رئيس المركز الثقافي العربي جوبر، وعدد من الصحفيين والمفكرين ومن رواد المركز الثقافي.

ويحدثنا الدكتور حسن جمال الدين عن قيمة الشعر ومكانته لدى العرب قائلاً: «هذه المقولة قد استخدمت منذ قرون عديدة وتعني أن الشعر هو الحارس الأمين الذي ضم تراث العرب منذ الجاهلية وحتى العصر الحاضر، وفي مختلف العلوم وفي الغزوات وفي أيام العرب، وكل ما لديهم من تراث ثقافي وحضاري حفر في هذا الشعر وذلك نظراً لنقله لنا روايةً، لأن التدوين لم يكن موجود في العصر الجاهلي، ولولا هذا الشعر لضاع تراث العرب جميعاً وهذه المقولة لا يمكن أن نعممها لان الشعر هو ديوان العرب كان من العصر الجاهلي إلى عصر التدوين، ولكن بعد أن ازدهرت الحضارة الإسلامية والعربية وافتتحت دار النشر، ودار الحكمة، وظهور أدباء عرب كالرازي، وابن الهيثم، فهنا لم يبقى الشعر ديوان العرب، ودخول النثر ليصبح أيضاً ديوان العرب».

ويضيف على الرغم من بساطة هذه المقولة وقلة كلماتها إلا أنها تتضمن معلومات وإيضاحات كثيرة، فالشعر حسب مقولة قدامة بن جعفر هو الكلام الموزون المقفى ذو معنى، أما الديوان فقد جاء في الصحاح من دون يدون، وهو المكان المتخذ للحفظ بالتدوين والكتابة، وقد ترددت هذه المقولة كثيراً على ألسنة الفقهاء والمدرسين للغة العربية، وقد أفاد بعض المؤرخين والباحثين في مختلف العلوم أن هذا الشعر هو أصل التراث ولا يقدر بثمن وإن الشعر الجاهلي يعد مصدر الاحتجاج بعد القرآن الكريم والحديث الشريف.

ويؤكد أن سبب الشعر انه ديوان العرب دون سواه يعود إلى البيئة الصحراوية التي عاشوا فيها وهي الجزيرة العربية، وهي بيئة قاسية وحارة في الصيف وباردة في الشتاء وقد اعتمدوا في شعرهم على الكلمات الغريبة التي لا يمكن تفسيره ولا معرفته إلا من قبل العرب ذاتهم، وذلك كما يظهر في شعرهم على الحب لهذه البيئة ومثال ذلك عندما قالت ميسون وهي تطلب الطلاق من أبي سفيان:
لبيت تقصف الأرياح فيه
أحب إلي من قصر منيفِ

ولبس عباءة وتقر عيني
أحب إلي من لبس الشفوفِ

وكلبٌ ينبح الطراق دوني
أحب إلي من قط اليفِ

وقد كان لهم شركاء كثيرون في هذه الصحراء الواسعة، ألفوهم وكتبوا عنهم من المصنفات الكثير، ولم يكن حظ الحيوانات فيهم منقوص فقد كانوا يكتبون عنهم ويصفونهم أجمل الوصف فهي شريكتهم في الأسفار، ومنها الجمل الذي كان له مكانة عندهم فقد عاش معهم في حلهم و ترحالهم، والخيل فهي في المقام الثاني لعدم تحملها حياة الصحراء، وقد اشتهرت قبيلة ربيعة بحبها للخيل وسميت ربيعة الخيل، ومن هذه الحيوانات التي اكتسبت شهرة كبيرة كذئب الفرزدق، وناقة طرفة، وحصان امرئ القيس، ومن القصائد التي ترجمت إلى عدة لغات قصيدة لذئب الشنفرى بعنوان لامية العرب.

ويتابع الحديث عن حياتهم الاجتماعية قائلاً: «لقد عاش العرب وفق نظام القبيلة وهي تتكون من ثلاث طبقات، الأبناء الأصليون، والعبيد، والموالي، ومنهم من خرج من القبيلة وشكلوا طبقة تسمى بالصعاليك، فكانوا هم المفسدين في تلك الصحراء الموحشة، وكان منهم من تميز بالكرم والمرؤة والشجاعة والحفاظ على العادات والتقاليد لهذه القبيلة، التي كان كل فرد منها يشعر بالولاء المطلق لها ولاسيما الشاعر فيهم، وأما في السماء فقد اهتدوا بالنجوم وعرفوا الأبراج ومنازل القمر والفصول وحركات الكواكب، كما تكلموا في الفراسة وتتبع الأثر ولهم في ذلك باع طويل، ومفهوم للزمن من خلال الشمس والنجوم».

ومن الحوادث التي كانت تمر على القبيلة قتالهم في الشعر والهيجاء، ومنهم شاعر من بكر بن وائل يهجو قبيلة تغلب لما أصابها من هوس برائعة شاعرها عمرو بن كلثوم فقال :
الهي بني تغلب عن كل مكرمة
قصيدةٌ قالها عمرو بن كلثوم

يردونها أبداً من كان أولهم
باللرجال الشعر غير مسؤوم

والحقيقة التي لا يختلف عليها أن العربي في الجاهلية كان واحداً من اثنين، إما شاعراً، وإما متذوقاً للشعر عاشقاً له، فقد قال الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم لا تدع العرب الشعر حتى تدع الإبل الحنين.

ويختتم قائلاً: «إن هذه المقولة الشعر ديوان العرب قد أثبتت مصداقيتها في العصر الجاهلي وصدر الإسلام حتى عهد التدوين، وهذه المقولة سوف تبقى إلى قرون أخرى وهي عبارة عن تعميم على الشعر العربي القديم والحديث، ولكن لا يمكن أن ننسى فضل العلماء في حفاظهم على التراث العربي، كأمثال ابن سيناء، والفارابي وسيبويه، من خلال العلوم والتجارب التي قاموا بها لأن زمنهم هو زمن النهضة والازدهار للأمة العربية من خلال الكتابات والمدونات والمصنفات، ولكن يبقى الشعر هو جوهر الثقافة العربية وهو الأسمى في الوجود الإنساني».


عبد القادر شبيب - دمشق

اكتشف سورية

Share/Bookmark

اسمك

الدولة

التعليق