البيمارستان النوري جامعة عربية عريقة

15 حزيران 2011

محاضرة للسيدة إلهام محفوض أمينة متحف دمشق التاريخي

أقيمت في المركز الثقافي العربي بجوبر، ضمن سلسلة «ندوة اللغة والأدب»، وبالتعاون مع الحملة الأهلية لتعزيز اللغة العربية، محاضرة بعنوان «البيمارستان النوري جامعة عربية دمشقية»، قدمتها السيدة إلهام محفوض أمينة متحف دمشق التاريخي، وذلك يوم الأحد 12 حزيران 2011، وحضرها عدد من المفكرين والصحفيين ورواد المركز الثقافي.

وتحدثنا السيدة إلهام محفوض عن المعنى الحقيقي للبيمارستان قائلةً: «إن الهدف الاساسي لإنشاء البيمارستان ليس كما يتوقعه الناس كمصح للأمراض النفسية والعقلية، بل في كونه قام بتخريج أهم وأنبغ العلماء في مجال الطب والصيدلة، وفي كونه مركزاً مهماً للبحوث العلمية وتطويرها، وهو أيضاً مشفى لمعالجة جميع الأمراض بكل حالاتها».

وتؤكد السيدة محفوض أنه خلال العصر الذهبي، عصر الحضارة الإسلامية، كانت البيمارستانات في أهم المدن الإسلامية مركزاً لإشعاع الحضارة واللغة العربية، لأنها لغة القرآن ولأن العلماء كتبوا أهم وأضخم المخطوطات، بدون أن يتطرقوا إلى الدين والجنسية والعرق، لكنهم أبدعوا في العلم واللغة العربية.

وتضيف بأنه «يوجد في متحف دمشق التاريخي، لوحات فنية قيمة من أواخر القرن الثامن عشر، حيث نقوم بإنشاء معرض متواضع لعرض هذه اللوحات داخل حرم المتحف، ضمن الإيوان والساحات، وتعد هذه اللوحات أهم اللوحات لدمشق القديمة في تلك الفترة من التاريخ».

وتتابع أمينة المتحف: «إن كلمة بيمارستان فارسية مركبة من جزئين، بيمار ومعناها مريض، وستان ومعناها دار، أي إنها تدل على دار المرضى، والتي كانت بمثابة مستشفيات ومدارس للطب.‏ ويقع البيمارستان النوري وسط دمشق القديمة، غربي سوق الخياطين في حي سيدي عامود إلى الجنوب الغربي من الجامع الأموي، تم إنشاؤه عام 1154م، وذاعت شهرته كأول جامعة طبية في الشرق كله، واستمر بالقيام بدوره حتى أواخر القرن التاسع عشر، وهو يمثل نموذجاً معمارياً فريداً يرجع إلى الفترة السلجوقية من ناحية المخطط وطراز العمارة والزخرفة».

وتكمل السيدة محفوض: «حين زار الرحالة ابن جبير البيمارستان في القرن الثاني عشر جاء على ذكر أساليب المعالجة فيه فقال: الأطباء يأتون في الصباح الباكر كل يوم يتفقدون المرضى، ويأمرون بإعداد ما يصلح لهم من الأدوية والأغذية حسبما يحتاج كل مريض، ولذوي الأمراض العقلية نوع خاص من العلاج. ولقد أوردت المصادر التاريخية أن بيمارستان نور الدين بن محمود الزنكي، كان يشابه القصور الملكية بما فيه من ترف ووسائل راحة، وكذلك أنواع الأطعمة التي كانت تقدم للمرضى، إضافة إلى مجانية العلاج للفقراء والأغنياء، حتى إن المرضى كانوا يمنحون لدى خروجهم من البيمارستان ثياباً ونقوداً تكفيهم فترة النقاهة».

وبالنسبة لأقسامه تقول: «احتوى البيمارستان على أقسام لكل منها أطباؤه المختصون، منها قسم الأمراض الباطنية، قسم الجراحة، قسم أمراض العين الكحالة، وقسم لعلاج الأمراض العقلية، إضافة إلى أقسام متممة تشبه ما يسمى اليوم العيادات الخارجية، فقد ذكر ابن أبي اصيبعة عن الطبيب رضي الدين الرحبي بأنه كان يجلس على دكة ويكتب لمن يأتي إلى البيمارستان وصفة أدوية تصرف من البيمارستان».

وتحدثنا السيدة إلهام عن قاعاته بقولها: «قامت المديرية العامة للآثار والمتاحف في عام 1978م، بترميمه وجهزته ليصبح مقراً لمتحف الطب والعلوم عند العرب، ويضم المتحف أربع قاعات رئيسية، وهي: قاعة العلوم التي تعرض فيها أهم الأدوات العربية واللوحات الفنية التي تذكر بتطور العلوم عند العرب. ثانيها قاعة الصيدلة: حيث تعرض فيها نماذج تمثل الأدوات والأجهزة التي كان العلماء العرب يقومون بواسطتها بمزج ودق وتركيب الأدوية المستخرجة من الأعشاب الطبية. أما قاعة الطب فتحوي على مخطوطات ولوحات ورسوم طبية ونماذج لأدوات جراحية مأخوذة من كتاب الزهراوي، بالإضافة إلى مقتنيات لها علاقة بالطب الروحي وأدوات لها علاقة بالشراب والغذاء. في حين تعتبر القاعة الرابعة للطيور والحيوانات المحنطة تعليمية تاريخية أكثر منها أثرية، إذ تحتوي على نماذج حديثة لطيور وحيوانات متنوعة محنطة، وهذا يشير إلى اهتمام العرب بعلم الحيوان وفن البيطرة، كما يحتوي على مكتبة تضم مجموعة من الكتب العلمية والطبية والصيدلانية والمؤلفات والمجلات والدراسات التي تبحث في التراث العربي الإسلامي من مختلف النواحي».

وعن أهم الأطباء الذين تخرجوا من البيمارستان النوري قالت السيدة إلهام محفوض في ختام محاضرتها: «من الأطباء الذي نبغوا وتخرجوا فيه علاء الدين بن أبي الحزم القرشي الشهير بابن النفيس الدمشقي مكتشف الدورة الدموية الصغرى قبل العالم الإنكليزي هارفي بأربعة قرون».

عبد القادر شبيب - دمشق

اكتشف سورية

السيدة إلهام محفوض	جانب من الحضور في محاضرة البيمارستان النوري	جانب من الحضور في محاضرة البيمارستان النوري

بقية الصور..