نادي صدى الموسيقى في اللاذقية منبر إبداعي يلم شمل الهواة الشباب

11 تشرين الأول 2011

لم يتوقع القائمون على نادي صدى الموسيقا في اللاذقية لدى تأسيس هذا الملتقى قبل عامين أن تتحول مبادرتهم هذه إلى حالة فكرية وإبداعية خاصة تلم شمل الشباب الرائد في مجالات الفكر والأدب والفن ممن يبحث عن منبر لإبداعاته رغم أن هذه المجموعة عملت خلال المدة الماضية بجد وإخلاص للنهوض بهذا المشروع اللافت لكن النتائج جاءت لتفوق في ايجابياتها كل ما كان هؤلاء الشباب يحلمون به.

هذه الظاهرة الثقافية التي بدأت بفكرة مجنونة ربما داعبت خيال أعضاء فرقة موسيقية صغيرة تحمل الاسم نفسه لاقت طريقها إلى التحقق عندما عقد مؤسسو النادي العزم على صياغة أحلامهم وأحلام الآلاف من الشباب أمثالهم في إطار ملتقى يستقطب مختلف الطاقات الشبابية إلى مناخ ثقافي جامع بامتياز يتم من خلاله إطلاق العديد من المواهب إلى الضوء بحضور أسماء أدبية وفكرية وفنية تساهم من خلال سلسلة من الحوارات الموازية بتقييم هذه التجليات الإبداعية والدفع بها قدماً.

ويقدم النادي لزواره برنامجاً حافلاً بالأنشطة الثقافية المنوعة ربما يكون أبرزها الأمسيات الموسيقية التي تحييها فرقة صدى بشكل يومي نظراً لوجود أعضائها الدائم في مقر النادي إلى جانب حلقات غنائية تشارك فيها أصوات شابة يجمع بينها غالبا هاجس تأصيل الفلكلور الشعبي تماشيا مع أهداف الفرقة الرامية في أحد جوانب عملها الإبداعي إلى إحياء الأغنية التراثية.

وتزين جدران النادي من الداخل مجموعة واسعة من اللوحات الفنية وجميعها يعلق في إطار معرض فني دائم تحرص إدارة النادي على تنظيمه شهرياً بالإضافة إلى أمسية شعرية تقام أسبوعياً وتتم فيها استضافة أسماء إبداعية ذات حضور في المشهد الشعري يليها حوار مفتوح مع شعراء هواة من جمهور النادي حول قضايا أدبية متنوعة.

هذه المبادرة كما يوضح المايسترو يزن جبور مدير الفرقة ومؤسس النادي هي محاولة لتكريس حالة ثقافية مغايرة في الساحة المحلية يجري عبرها النهوض بملتقى ثقافي متنوع المشارب يؤمن فرصة حقيقية لهواة الأدب والفن للالتقاء والحوار وبلورة إمكاناتهم الإبداعية في مناخ ملائم.

ويهدف هذا العمل الثقافي الجاد بشكل من الأشكال إلى تكريس حضور فرقة صدى التي تعمل منذ انطلاقتها قبل خمس سنوات على إرساء أغنية ذات خصوصية سورية خالصة على صعيد التأليف واللحن والطاقات البشرية بالإضافة إلى الموضوعات المستلهمة من النبض الحياتي اليومي للشارع السوري وهو الأمر الذي يتطلب بطبيعة الحال جهداً جماعياً ومؤسساتياً ما زالت تفتقده الساحة السورية.

هذا الجهد الفردي الذي تقوم به الفرقة استطاع أن يفرز حتى اليوم رغم الإمكانات المادية المحدودة ثلاث عشرة أغنية سورية حققت كل منها حسب جبور كل المعايير السابقة ولاقت جميعها نجاحاً واسعاً لدى الجمهور خلال الحفلات الفنية مشيرا إلى أنه سيتم تسجيل هذه الأغاني وطرحها في الأسواق عندما تتوفر الإمكانيات الكافية.

في السياق ذاته يقول علي معروف عازف الكلارينيت في الفرقة والأستاذ في كلية التربية الموسيقية في جامعة البعث في حمص أن النادي يسعى إلى إقامة ورش عمل متخصصة في حقلي العزف والغناء لتأهيل الكوادر الفنية الشبابية ورفدها بالتدريب اللازم والمعرفة الأكاديمية وخاصة أن غالبية أعضاء الفرقة هم من الأكاديميين والمحترفين في هذا الجانب.

ويؤكد معروف أن تكرار واستنساخ تجارب مماثلة لتجربة صدى من شأنه أن يحدث تأثيرا عميقا في الساحة المحلية إذ يمكن لمبادرات من هذا النوع أن تقوم بتقادم الوقت بتصويب الذائقة الموسيقية وتطوير حس التلقي والإدراك والوعي لدى شرائح واسعة من الشباب وتوسيع رقعة الثقافة الفنية عموما من خلال ما يطرحه النادي من أنماط موسيقية وغنائية جادة.

أما سامر ديوب عازف بزق فيؤكد أن المجموعة المؤسسة للنادي وبإعتبارها موسيقية الهوى والاحتراف أصلا فإنها تعمل بشكل حثيث على استحضار الأغنية التراثية الغائبة إلى حد كبير عن المشهد الفني المعاصر وتعميق التواصل بين الجيل الشاب والفلكلور الشعبي الثري بكل ما هو أصيل وعفوي وخاصة في ظل انتشار الأغنية الحديثة بإيقاعاتها السريعة والتي باتت الملاذ الوحيد أمام جمهور الشباب.

وحول الجمهور الذي غالباً ما تضيق به ردهات النادي يشير ديوب الى أن النادي يحظى طوال اليوم بجمهور نوعي غالبيته من طلبة الجامعة واليافعين والهواة الشباب كما بدأ الملتقى حديثاً وبفعل أنشطته المدروسة بعناية باجتذاب الرواد كبار السن سواء من المهتمين بالشأن الموسيقي أو المتذوقين للفن الأصيل.

ويتابع بأن تنوع جمهور النادي وتلاقي هذه الفئات العمرية المتباينة من شأنه أن يرتقي بحوار فكري مغاير تجتمع فيه رؤى متنوعة المرجعيات والأذواق والأفكار وهو ما يصوغ تلقائياً عملية تلاقح إيجابي وتبادل بناء للآراء المطروحة على أمل أن يكون هناك متسع في الأفق المنظور لصياغة تصورات جديدة و مبتكرة على مختلف الصعد.

وكانت فرقة صدى قد أطلقت العام الماضي مهرجان الساحل الأول للفنون الشعبية التراثية بهدف تسليط الضوء على التراث الفني الساحلي وإعادة إحيائه وشارك فيه ثلاثة وعشرون عازفاً بالإضافة إلى ثمانية عشر مطربا محترفا من مختلف المحافظات والمدن الساحلية ممن وقفوا للمرة الأولى خلال المهرجان على المسرح بمرافقة تخت شرقي كامل حيث غنوا على مدى أربعة أيام مجموعة كبيرة من الأغاني الشعبية الشهيرة في تراث الساحل السوري.

وتجدر الاشارة إلى أن فرقة صدى الموسيقية قد تأسست في العام 2005 في اللاذقية قبل أن تنطلق من خلال أنشطتها الفنية إلى بقية المحافظات السورية وتتألف الفرقة من خمسة عشر موسيقياً أكاديمياً على آلات العود والبزق والكمان والبيانو والدرامز والكلارينيت والإيقاع الشرقي والغيتار بيز والغيتار الكلاسيكي بالإضافة إلى ثلاث مغنيات حيث يعمل اليوم كامل أعضائها تقريباً على تفعيل أنشطة النادي ليبقى بمستوى الحدث الثقافي في الشارع السوري.


الوكالة السورية للأنباء - سانا

Share/Bookmark

اسمك

الدولة

التعليق