التشكيلي جبران هداية في غاليري عشتار

10 شباط 2011

برعاية وزارة الثقافة أفتتح في غاليري عشتار بدمشق معرض للتشكيلي جبران هداية وذلك يوم الاثنين 7 شباط 2011، تضمن المعرض أكثر من 20 عملاً تشكيلياً ارتسمت على سطوحها مشاعر فنان تأمل عبر شخوصه حالات من الحزن والانكسار والسكينة التي لفت زوايا لوحاته، والتي حددتها خطوط قوية بطراوتها وحساسيتها المفرطة كدلالة على حساسية الإنسان ومشاعره المحتجزة ضمن خطوط هندسية جامدة تكبل خطواته ومساره اللين، فتدنو شخوصه نحو الانكفاء على الذات، ضمن مونولوجات داخلية تنم عن ألم عميق ودفين يطفوا على سطح اللوحة، لتتقاطع أفكاره في أعمال أخرى مع الزنبق المختال ببياضه الحزين، كناية عن ترادف الأفكار ضمن عمله التشكيلي.


من أعمال التشكيلي جبران هدية

أعمال واقعية تنحو نحو التبسيط اللوني الهادئ، والاتجاه نحو الرسم كدراسة منهجية ورئيسية يستند عليها التشكيلي هداية، فارداً لخطوطه حرية الانسياب على حدود الجسد الإنساني المنعزل عن محيطه الواقعي والهندسي، كدلالة على تناقض ما بين جوهر الإنسان وخطوط الحياة القاسية والجامدة.

التشكيلي جبران هداية

«اكتشف سورية» حاور التشكيلي جبران هداية وعن غيابه عن صالات العرض الدمشقية يقول: «أخر معرض قدمه في دمشق كان قبل ستة سنوات في غاليري عشتار، ليتوقف بعدها لعدة أسباب ومنها الصحية، فيعود عبر إطلالة تشكيلية بمعرض فردي في صالة نقابة الفنون الجميلة بحلب، حيث قدم عدة أعمال تتقاطع مع ما يقدمه في غاليري عشتار والتي يعرض فيها الآن بعضاً من تلك الأعمال إضافة لأعمال جديدة نفذها بين عامي 2009، 2010».

البعد العاطفي لأعمال التشكيلي جبران هداية تحمل بين طياتها عاطفة واضحة، تختزل الكثير من الأحاديث الشخصية، حيث تتقاطع بعض أعماله مع أعمال الفنان الراحل لؤي كيالي من جهة إحساسها العالي وألوانها الزيتية، التي جسدت من خلالها أعمال تتسم بروح خامة الخشب وما له من دلالاتها البصرية على عين المتلقي. وعن ذلك يقول التشكيلي جبران: «ما تقوله صحيح لدرجة كبيرة، فدائماً ما أفكر بهذه الفنان الكبير، فنحن من زمن واحد، كما أن أعمال الفنان الراحل لؤي كيالي، كانت تحمل كماً كبيراً من إحساس مادة الخشب وهي مادة جاهزة للتشكيل الفني، لذا قمت باستخدام روح هذه الخامة النبيلة في بعض الأعمال، ونقلها بتقنية معينة على سطح القماش، أما عن هذا الخيار اللوني، فأنا متمسك بمبدأ " تنسك اللون" والذي أغالي في تقديمه من غير دسامة لونية تذكر، فتتوافق مع الحالة النفسية التي أجسدها على سطح العمل، وهذا يبدد الملل اللوني عن التجسيد الذي أقوم به ».

من أعمال التشكيلي جبران هدية

الخط يحدد شخوص التشكيلي جبران هداية وتكويناته البصرية وهذا يظهر جلياً ضمن تكوين العمل وخاصة في رسم الوجه والجس. فيجيب: «أنطلق في ذلك من مقولة " الرسم شرف التصوير" بمعنى أن جوهر العمل الفني هو الخط، فالعمل التشكيلي في بعض مدارسه يعتمد على رسم الخطوط كعمل أولي ممنهج، فالخط يحدد الشكل ويحدد التكوين، وهذا ما أعتمد عليه في هذه التجربة، فأنا لا أهاجم اللوحة بشكل مباشر، بل أقوم بدراسات ورقية كتحضير مبدأي للعمل، ونقلها على سطح القماش، ومن الممكن أن أقوم بدارسة طويلة لاكتشاف حركة الضوء، ولكن هذا لا ينفي تطور العمل أثناء نقله على القماش، من خلال بعض القيم اللونية التي تفرض نفسها وبشكل مباشر أثناء مرحلة التشكيلي الأخيرة، مع الحفاظ على التوازن اللوني الذي أجده مناسباً».

للضوء والظل دورهما في عملية التشخيص وما يقدماه من خيارات تعطي للشخوص ميزاتها الشعورية والعاطفية، حيث تتسم جميع شخوصك بالسكينة الهادئة: «أنا ملماً بالقوانين الفيزيائية لماهية الضوء والظل، وهنا أشير أنني في هذه التجربة لم أعتمد على هذه القوانين، بل أعتمد على الإضاءة الداخلية التي أشعر بها وما تقدمه لي من محاكاة صادقة لما أشعر به، فأنا أقدم نفسي كما أنا وكما أشعر بغض النظر عن الرأي الأخر».

وجوه الفنان جبران هداية تتقاطع في تكويناتها التشكيلية، وكأنها تتكلم عن شخص واحد تعددت حالات تأمله وحزنه وكأنه يرسم حالات إنسانية لنفس الشخص: «هذا كلام صحيح، فما أجسده في هذه التجربة هما - ليديا وفاديا - ابنتاي، حيث جاء اختياري لرسم بناتي لسبب عاطفي وتأكيد على الجانب الإنساني الداخلي، من خلال إبراز التناقض مابين المستوى الأول وهو الجسد الإنساني والمستوى الثاني ذو الزوايا القاسية والحادة، وذلك لإبراز ليونة وحساسية الجسد الإنساني، وكما قلت في تعليقك أن هنالك حزن يجمع جميع اللوحات وهذا مرده للحزن الذي أشعر به أنا، والذي ينعكس على هذه الأعمال، معتبراً الحزن المُعزي الوحيد لي. أما عن موضوع التأمل، فهو لعبة الكون، لعبة الوجود والرحيل وأنا أعيشه بصورة عامة وأجسده من خلال الشخوص التي أرسمها، كما أن حالة التأمل تعطي شعور حزيناً في بعض الأوقات، وهو حزن نبيل، كناية عن أحلام المونولوج الداخلي وحوارنا مع الذات، لذا نتعاطف معه ونشعر به بشكل غير واع ».

من أعمال التشكيلي جبران هداية

يستمد الفنان جبران هداية من الواقع صوراً للحياة، ملونة كما يريد هو، وهذا هو خياره الذي جُبل عليه، كيف تقرأ لنا طريقة عملك التشكيلي: «أملك كلاماً معقداً، فأنا ميال للبساطة، التي أشكل من خلالها أعمال تشكيلية، أرسم ما أحب، وأحب ما أرسم، وقناعتي بالفن هي أن لا ووجود للإبداع من دون واقع مُعاش، فأنا لا أملك أحلاما وكوابيس من دون وجود واقع أعيشه، فالعمل الذي أقوم به، هو واقع أحذف منه بعض الأمور وأضيف بعض أخر، وهذا الحذف والإضافة استهلكت مني زمناً طويلا، وإذ أردت أن أقدم نصيحة لأولادي التشكيليين، أقول لهم عليكم بالعمل اليومي، وأن تكون العلاقة التي تجمعكم مع اللوحة هي علاقة عشق وأكثر»


وفي حديث جانبي عن اسم الفنان جبران هداية وتشابهه مع اسم جبران خليل جبران، الذي جسد أثناء مسرته الفنية والأدبي بعض من الأعمال التشكيلية وخاصة في مجال التشخيص، وهنا ننهي مع الفنان التشكيلي جبران هداية فيعلق: «أحببت اسمي كثيراً، وخاصة عندما اطلعت على كتابات ورسومات جبران خليل جبران، فما كتبه ورسمه يتقاطع معي بشكل أو بآخر، وهنالك شيء عاطفي يجمعني مع أعماله التشكيلية وكأنها ناقل حقيقي لما أشعر به».

يشار إلى أن المعرض مستمر لغاية 17 شباط 2011، في غاليري عشتار


مازن عباس - دمشق

اكتشف سورية

Share/Bookmark

صور الخبر

من أعمال التشكيلي جبران هداية

من أعمال التشكيلي جبران هداية

من أعمال التشكيلي جبران هداية

بقية الصور..

اسمك

الدولة

التعليق

عبدالله منير:

تسلم ايدك ايها الفنان الرائع على فكرك وجهدك
وآمل أن أرى مزيداً من اعمالك
وياليت يااستاذجبران يتم التواصل
فسوف تجدبريدي في التعليق
لك تحياتي ولكل الشرفاء في سوريا
عبدالله من السعودية

السعودية

غيث العبدالله:

أستاذي..جبران هدايا...ساحر اللون والفضاءات الجميلة..لم يأخذ حقه كفاية من الاعلان والنقد التحليلي لابداعاته..أشكر " اكتشف سوريا" على ما يقدمه لنا على مدى الأيام من مواد قيمة عن مبدعين سوريين يستحقون نشر أعمالهم.

سوريا

اريا عطي:

ما بعرف شو بدي قول بس بندهش من وجود شخصية هيك بحياتي وبشكر الحياة لشغلة وحدة بس لوجود هلشخص بلمرحلة اللي كنت انا فيها بهلدنيا

سورية