أيمن زيدان: الدراما ليست مجرد مسلسل، وإنما مشروع وطني بامتياز

04 تشرين الثاني 2010

نقابة الفنانين السوريين مؤسسة تعنينا، وتهمنا، ومن واجبنا إصلاحها إذا امتلكنا القدرة على ذلك

«أعتبر نفسي واحداً من الممثلين المحظوظين، أنجزت خلال مسيرتي الفنية أكثر من ستين مسلسلاً، شكلّ قسمٌ منها محطات هامة ومفصلية في تاريخ الدراما السورية التلفزيونية المعاصرة، وعلى هذا الأساس أعتبر نفس محظوظاً، وأنا راض عماّ قدمته، وكل المهن التي عملت بها كمدير لشركات إنتاجية، أو مخرج مسرحي، أو تلفزيوني...الخ، كانت كلها بالنسبة لي في المقام الثاني، فأنا ممثل أولاً وأخيراً». بهذه الكلمات افتتح النجم السوري أيمن زيدان حواره مع الزميلة دارين صالح على أثير إذاعة « شام إف إم» مساء الثلاثاء 2 تشرين الثاني 2010، في إطلالة إذاعية مميزة أتت بعد غيابٍ طويل، لتسلط الضوء على محطاتٍ مفصلية في مسيرة نجمٍ سوري كبير يعتبر من المؤسسين لنهضة الدراما السورية، فعلى مدى الساعتين تقريباً، تحدث زيدان عن رؤيته لواقع الإنتاج والإخراج والتسويق التلفزيوني الراهن في سورية، ونظرته للكوميديا السورية عشيّة تحضيره للجزء الثاني من مسلسل «يوميات مدير عام»، بعد ستة عشر عاماً من تاريخ إنتاج الجزء الأول الذي حقق جماهيريةً كبيرة، وما زالت تترد أصداؤه في أذهان المشاهدين العرب عموماً، والسوريين خصوصاً.

على مستوى الإنتاج يرى أيمن زيدان أن الشرط الإنتاجي تغير في السنوات العشر الأخيرة، وبعد أن كانت الدراما السورية تنتج برأسمال وطني، اقتصرت وظيفة معظم شركات الإنتاج السورية اليوم على «دور منتج منفذ» يخضع لشروط رؤوس أموال عربية تفرض رؤاها عبر الدراما، على عكس ما كان سائداً في مرحلة التسعينيات، حينما كانت المسلسلات السورية تنتج بتمويل عربي، ولكن دون أن تكون الجهات الممولة وصيـّةً على هذه الأعمال كما هو الحال اليوم حيث «أصبحت الرساميل وصيةً تماماً على المشروع الفني سواءً بالترويج لأفكار، أو شخصيات معينة، وهكذا لم يترك مكان إلا لحيزٍ قليل من المشاريع الفنية ذات القيمة»، وأضاف زيدان أن كل الإحصائيات التي تتحدث عن زيادة في عدد شركات الإنتاج السورية مغلوطة، «فالمنتجون السوريون الحقيقيون قلائل، أما الباقي فهم عبارة عن منتجين منفذين لمشاريع ليسوا أصحابها، ولا يستطيعون التحكم بالمنتج ككل».


الفنان أيمن زيدان مع الزميلة دارين صالح
على أثير شام إف إم

ومن باب الإنصاف قال أيمن زيدان: «لا شك أن القيادة السياسية في بلدنا تولي عناية بالدراما، والسيد الرئيس داعم حقيقي للدراما السورية، وكان وراء إصدار مجموعة من القرارات التي تسهل عملية الإنتاج، بإعفاء المـُنتـَج الفني من أي رسوم وضرائب، ودعم سعره في المحطات السورية، ولكننا نحتاج أيضاً لإرساء مجموعة من الأسس والتقاليد للعملية الإنتاجية، بمعنى أن يكون لدينا مدن تصوير على سبيل المثال، بالإضافة إلى قوانين تحكم هذه الصناعة، باعتبارها مشاريع اقتصادية، لها تأثيرها على مستوى الحراك الاجتماعي والاقتصادي، كما ينبغي أن نبحث عن وسائل أمان للمنتج الوطني، وهذه مسألة معقدة قد تحتاج إلى توفير غزارة في المحطات التلفزيونية السورية الخاصة، الأمر الذي من شأنه خلق سوق داخلي للمسلسلات، هذا السوق يحمي ويحرر المنتج من سيطرة وعقلية المحطات الأخرى، لأن مشكلة المنتج السوري الأساسية هي التسويق»، وختم في هذا المحور بالقول: «الدراما ليست مجرد مسلسل، وإنما خطاب وطني، وحضاري، وسياحي، وهي في النهاية مشروع وطني بامتياز، ولدينا طموحات أكبر في هذا الخصوص».

أما الإخراج فليس أفضل حالاً من وجهة نظر أيمن زيدان، فهو يعتبر أن ما يحصل حاليا على المستوى الإخراجي في سورية «مراهقة، وفوضى بصرية، فتوفر الثقافة العالية والخبرة الكبيرة على المستوى الاجتماعي، لم يعد شرطاً مهماً ينبغي توافره لدى المخرجين السوريين، في حين أصبح الجانب التكنيكي هو المعيار الأساسي»، وأضاف:«أظن أن الإخراج في الدراما السورية اليوم هو أضعف حلقاتها، ما أدى إلى تشابه الأعمال المقدمة مؤخراً، كما أن النصوص هي جزء من المشكلة، ولكن شرطي المعرفة والخبرة اللذين من المفترض أن يتمتع بهما المخرج يمكن أن يحول دون هذا التشابه، ويضفي على كل نص أو موضوع شكله الفني المختلف»، وعن المخرجين السوريين الشباب قال زيدان: «أرى أنهم يمتلكون الحماسة والخبرة، إلا أنهم يعملون دائماً على محاكاة السينما، وهذا الأمر تحول إلى سمة شكلانية موجعة، لدرجة أنهم يقررون تقديم اقتراحات بصرية جديدة في أعمالهم حتى قبل قراءة النص، بغض النظر عن مدى ملائمة تلك الاقتراحات للموضوع، وعلى هذا الأساس بدت عملية الإخراج في الدراما السورية مؤخراً غير منضبطة من حيث الشكل، وتشوبها المراهقة إلى حدٍ ما، وما زاد في المشكلة أن هؤلاء المخرجين يشهدون احتفاءً وغزلاً مبكراً في أعمالهم، وهذا الاحتفاء مـُوَرّط».

وعشية تحضيره للدخول في تصوير الجزء الثاني من المسلسل الكوميدي «يوميات مدير عام»، من إخراج زهير قنوع، عن نص لـ خالد حيدر، يجد أيمن زيدان أن الكوميديا السورية تعاني من أزمة تعود بالأًصل إلى كون هذا الفن صعباً ومعقداً، والدخول في أي مشروع كوميدي يشابه المرور في حقل ألغام، والنتيجة إما أن تكون جيدة، أو سيئة، والمعيار الذي يحكم هذا الموضوع ليس النجاح الجماهيري فقط، وإنما البقاء في ذاكرة المشاهد، وعلى المستوى الشخصي يعتبر زيدان أن كل الأعمال الكوميدية التي قدّمها حملت رسائل مهمة واستمدت قيمتها من بقائها في أذهان المشاهدين، كـ «يوميات مدير عام»، «بطل من هذا الزمان»، «الوزير وسعادة حرمه»، و«مرسوم عائلي»، واستثنى من هذا الحكم مسلسل «جميل وهنا» بجزأيه الأول والثاني، وقال: «تعلمت من هذا المسلسل أن الأعمال التي تحقق أصداء كبيرة لدى المشاهدين لا ينبغي بالضرورة أن تتطرق لقضايا كبرى، وإنما قد تستمد نجاحها من التطرق لتفاصيل حياتية بسيطة، ولكن رغم النجاح الصارخ لهذا العمل لا أضعه بين قائمة الأعمال التي شكلت محطات مهمة بالنسبة لي».

الفنان أيمن زيدان في إذاعة شام إف إم

وفي إجابة على سؤال لموقع «اكتشف سورية» الذي كان حاضراً في كواليس اللقاء بإذاعة «شام إف إم»، قال أيمن زيدان: «إن الأزمة التي تعاني منها الكوميديا السورية تعود إلى عدة عوامل منها غياب النص الجيد، وعلى مستوى الإنتاج ينظر إلى الكوميديا حتى الآن على أنها درجة ثانية، والأخطر من ذلك كله أنه على مدى سنوات كرس المسرح المصري التجاري شكلاً خاطئاً لهذا الفن، اعتبر فيما بعد نموذجاً للكوميديا العربية، ما أدى إلى مشاكل في الذوق العام، مع أن الكوميديا هي السلاح الأمضى في معركة المعرفة، خاصة حينما تمتلك القدرة على إعادة صياغة الوجع الإنساني وتقديمه بصورة ساخرة، مضحكة، ومؤثرة».

وفي محطة من محطات اللقاء تطرق زيدان لخوضه مؤخراً انتخابات نقابة الفنانين السوريين، ونفى ما تردد في بعض المواقع الإلكترونية السورية، عن خلاف بينه وبين الفنان سلوم حداد بسبب المنافسة على منصب النقيب، وقال: «نحن أكبر من ذلك، خاصة أن هذا المنصب لا يحمل لصاحبه أي ميزة اقتصادية أو معنوية، وكلانا يعتبره تكليفاً، وليس تشريفاً، ونحن متفقان على أن نقابة الفنانين السوريين مؤسسة تعنينا، وتهمنا، ومن واجبنا إصلاحها إذا امتلكنا القدرة على ذلك، والأهم هو تبني قرار الرغبة بالإصلاح».

كانت تلك أبرز محطات اللقاء الذي أجرته إذاعة «شام إف إم» مع النجم السوري أيمن زيدان، وحمل في طياته الكثير من الأبعاد الإنسانية، خاصة حينما فاجأته أسرة الإعداد بلقاءٍ مع والدته تحدثت فيه عن أيمن الطفل، والفنان، والإنسان، ولقاء آخر تلاه اتصال هاتفي مع ابنه نوار وشريكه في تقديم برنامج «سوبر ديو»، حيث عانى الابن من الإصابة بمرض السرطان، الأمر الذي مثل محطة موجعة في حياة الأب والعائلة، وعبر الأثير تدفقت رسائل الحب للنجم الكبير من سورية والوطن العربي.


محمد الأزن - دمشق

اكتشف سورية

Share/Bookmark

اسمك

الدولة

التعليق