الأسبوع الثاني من شتاء موسيقى على الطريق

16 11

موسيقى في الشوارع الأثرية

تابع مشروع «موسيقى على الطريق» فعالياته مساء الجمعة 13 تشرين الثاني 2009 .
فعزف الثنائي «فلوت-هارب) في حديقة دمشق (شرقي التجارة)، وثلاثي شام الوتري في سوق الحميدية الأثري وفرقة وجوه في حي القيمرية بجانب مقهى النوفرة.

ثنائي« فلوت- هارب»: مقطوعات موسيقية هادئة
تحت خيمة نصبت في حديقة دمشق (شرقي التجارة) تجنباً لمطر مفاجئ، عزفت رنا بشارة (فلوت) ونتاليا (هارب) بعضاً من المقاطع الموسيقية العالمية المعروفة والهادئة نسبياً (رومانسي لشتاكو فيز، تعالي لماريو لغوتو، سريا نادا لشوبيرت، أغاني إنكليزية)، ورغم النسمة الباردة التي كانت تأتينا من أبنية التجارة العالية ولكن صوت الفلوت - هذه الآلة الأقرب إلى الروح الشرقية عن بقية الآلات الغربية - بالإضافة إلى آلة الهارب - الشبيهة بالقيثارة الأوغاريتية ولكن تكبرها حجماً - بعثت فينا دفئاً يسري إلى دواخلنا كالخدر .

وبعد انتهاء الحفلة وقبل أن نتوجه إلى سوق الحميدية لنتابع ما سيقدمه الموسيقيون هناك، التقينا بعازفة الفلوت رنا بشارة، حيث حدثتنا عن الثنائي «فلوت-هارب» قائلة: «لنا تجارب سابقة في هذا الثنائي حيث قدمنا أنا ونتاليا عدة حفلات كلاسيكية، ومجدداً شاركنا في موسيقى على الطريق»، وتابعت متحدثة عن المقطوعات الموسيقية التي قدمها الثنائي: «نحاول أن نقدم موسيقى مألوفة للأذن، إذ لا يستوعب كل المستمعين الموسيقى الكلاسيكية، ولذلك نقدم مقطوعات قريبة من عموم المستمعين».


ثنائي فلوت-هارب في شتاء موسيقى على الطريق

أما عن نجاح «موسيقى على الطريق» في نسختها الشتوية فقالت: «إنه مشروع مهم جداً ، فلا يوجد أجمل من الموسيقى مهما كان الطقس بارداً، والمحب لها لا يسأل عما إذا كان الجو بارداً أو حاراً »، وتابعت بقولها: «أتوقع نجاحاً كبيراً لهذا المشروع وخاصة بوجود احتياطات للجو الماطر كنصب الخيم وخلافه».

وعن التشابه بين آلتي الناي والفلوت وإمكانية عزف الموسيقى الشرقية بواسطة الفلوت، اختتمت رنا بشارة بقولها: «هناك تشابه بين الناي والفلوت ولكن الفلوت بشكل عام آلة غربية، ولكن من فترة ليست ببعيدة أصبح الموسيقيون في أوروبا وأمريكا يقدمون ألحاناً فيها ربع التون ونصف التون وتعزف على الفلوت، أي أصبح بإمكاننا أن نعزف ألحاناً شرقية بهذه الآلة المميزة».

ثلاثي شام الوتري: موتزارت وشوبيرت وباخ وكورساكوف في الحميدية
تحث مظلة سوق الحميدية الأثري، عزف ثلاثي الشام الوتري أعذب الألحان لكبار الموسيقيين العالميين الكلاسيكيين؛ نشأ ثلاثي الشام الوتري في عام 2008 وقدم حفلته التأسيسية في أيار عام 2009، وتلتها مجموعة من الحفلات في سورية ، ويتألف الثلاثي من شعلان الحموي (كمان) ثائر عيد (فيولا)، أسامة التسعيني (تشيللو)، وهم جميعاً من خريجي وطلاب المعهد العالي للموسيقى بدمشق، ويطمح الثلاثي إلى طرح وجهة نظر غير تقليدية على صعيد موسيقى الحجرة تعتمد على معالجة منهجية واحترافية للأعمال، وقد بدأ الثلاثي باستقطاب عدد من المؤلفين للكتابة خصيصاً لثلاثي الشام .

ووسط عدد لا بأس به من الحضور، قدم ثلاثي الشام الوتري عدة مقطوعات موسيقية كلاسيكية معروفة، أولها مقطوعة لشلوبيرت حركة واحدة (سريع حيوي) من ثلاثي وتري سي بيمول ماجور مصنف 471، كتب شوبيرت هذا العمل عام 1816 وكتب قسماً صغيراً من حركة ثانية بقيت دون إكمال، لكن الحركة بقيت تعاكس السمات الكلاسيكية لديفير تيمينتو ولفيلا لوبوس. كما قدم الثلاثي آريا (كاتيلينا) من الباخيات البرازيلية، رقم 5، والباخيات البرازيلية هي حلقة من تسعة أجزاء كتبها المؤلف البرازيلي بأسلوب يوهان سيباستيان باخ، وقد تكون هذه من أشهرها، وكان قد كتبها في الأصل لسوبرانو و8 تشيللو .

ولموتزارت اختار الثلاثي «المارش التركي»، وتعود هذه الموسيقى ذائعة الصيت إلى سوناتا البيانو رقم 11،K321 ،وقد كتبها موتزارت عام 1778، وهذا المارش هو الحركة الأخيرة من السوناتا، يحاكي فيها موتزارت أسلوب الفرق التركية التي كانت شائعة في ذلك الوقت .

ولكورساكوف عزف الثلاثي «الأمير الشاب والأميرة الشابة»، وكتب كورساكوف عمله السيمفوني (شهرزاد) مستوحياً إياه من حكايات «ألف ليلة وليلة». والحركة الثالثة من هذه السيمفونية (الأمير الشاب والأميرة الشابة) لها شكل الأنترميتسو، وهي تعكس براعة كورساكوف في كتابة ألحان رائعة ومعالجتها هارمونياً وأوركسترالياً .

أما الأرجنتيني بياتزولا فقد عزف له الثلاثي مقطوعة «إللا ليبرتانغو» أو «تانغو الحرية»، والذي نشر عام 1974، وقد عنونه المؤلف الأرجنتيني أستور بياتسولا بهذا الاسم كرمز لانتقاله من كتابة التانغو الكلاسيكي إلى التانغو الجديد .

ثلاثي الشام الوتري في سوق الحميدية

كما قدم ثلاثي شام عملاً لفرانز ليهار بعنوان «فالس من الأرملة السعيدة» أو «أوبيريتا الأرملة السعيدة» والذي كتبه ليهار عام 1861 وهي من أشهر أعماله، وقد يكون هذا الفالس أشهر ما كتب في هذا المجال وهو بحق نموذج للفالس الفييناوي.

أما بيتهوفن فكان مشاركاً بعمله «مينويت، مصنف 10، رقم 2»، وكتب بيتهوفن هذا العمل في الأصل للأوركسترا، إلا أنه فقد ولم يتبق منه إلا النسخة التي أعدها للبيانو واكتسب لاحقاً شهرة كبيرة .

وقدم ثلاثي الشام الوتري لكورتيس مقطوعة «العودة إلى سورينتو»، وكورتيس مؤلف إيطالي الأصل، درس البيانو في كونسرفاتوار نابولي، وألف الكثير من الأغنيات .

أما شوبيرت فقدم الثلاثي مقطوعة «آفيه ماريا»، والتي كتبها كلحن لقصيدة «سيدة البحيرة» للشاعر والتر سكوت، وفيها تغني كاترين صلاة للعذراء مريم لتساعدها ووالدها على النجاة.

واُختتم الحفل بمقطوعة «الدانوب الأزرق» لشتراوس، وتعتبر هذه الموسيقى بكل تأكيد من أشهر القطع الموسيقية قاطبة، والطريف في الأمر أن شتراوس قال بعد النجاح الخارق للعمل: «ليأخذ الشيطان هذا الفالس، كل ما يهمني هو الكودا، أتمنى أنني نجحت».

هكذا بقي الحضور ما يقارب الساعة وهو يستمع إلى مقطوعات جميلة، حيث صفق طويلاً لهؤلاء الموسيقيين السوريين.

وفي نهاية الحفل كان لـ «اكتشف سورية» هذه الوقفة مع عازف الكمان شعلان الحموي الذي تكلم باسمه واسم زملائه، عن ثلاثي الشام الوتري قائلاً: «ولد ثلاثي الشام الوتري منذ حوالي العام، ويتألف من ثلاثة عازفين (كمان، فيولا، تشيللو)، ونحن جميعاً زملاء في المعهد العالي للموسيقى وكنا نحلم منذ ذلك الوقت بتأسيس فرقة لنعزف موسيقى الحجرة معاً».

وعن صلاحية عزف المقطوعات الكلاسيكية في مكان مغلق ومفتوح في آن (سوق الحميدية) قال: «الطقس يحكم ذلك، وعموماً اخترنا مقطوعات سهلة وخفيفة، ويعرفها الكل الناس على الأغلب حتى لو لم يعرفوا عناوينها».

وعن رأيه في نجاح مشروع «موسيقى على الطريق» شتاءً قال: «أعتقد أنه سينجح لأن المنظمين أثبتوا كفاءتهم».

وعن اقتراحاته للموسم الجديد تابع: «أتمنى أن يكبر المشروع ويعم كل سورية، لأن المحافظات لديها شغف كي يسمعوا هذا النوع من الموسيقى».

بعد هذا لم يبقَ أمامنا سوى الانتقال إلى القيمرية حيث الموسيقى الشرقية والغناء الجاد.

فرقة «وجوه» للموسيقى الشرقية:
اختلف نوع الموسيقى في حي القيمرية جانب مقهى النوفرة القديمة، حيث عزفت فرقة «وجوه» نفس برنامجها الذي تكلمنا عنه في مقال سابق عن موسيقى على الطريق.

فرقة وجوه في حي القيمرية

ولكن هذه المرة اختلف المكان واختلف الحضور، حيث احتشد عدد كبير من الناس حول هذه الفرقة وهم يستمعون إلى الصوت الجميل للمغنية السورية ليندا بيطار وهي تشدو أغاني آبائنا وأجدادنا، فغنت موشح «هاتها يا صاح» و«بنت الشلبية» و«يا محلى الفسحة» و«آه يا حلة»، وقدمت الفرقة بالإضافة إلى هذه الأغاني الجميلة بعض المقطوعات الآلية وهي:
«لونغا حجاز»، «سماعي حجاز»، «تانغو محمد عبد الكريم»، «سماعي نهاوند»، «رقصة 7/8».

وتضم فرقة وجوه الآن من العازفين: فراس شهرستان (قانون)،كنان أدناوي ( عود )، محمد نامق (تشيللو)، إبراهيم كدر (ناي)، فراس حسن (إيقاع)، وليندا بيطار (غناء).

وقد صفق الحضور كثيراً وغنى مع الفرقة، وكان من الملفت حضور العديد من الأجانب، حيث سألني أحد الحضور وهو سائح من ألمانيا عن الفرقة وماذا تغني، فدفعني الفضول أن أسأله عن رأيه بالموسيقى التي تعزف في الشوارع، فقال: «هذا الأمر موجود عندنا، ولكن دهشت جداً عندما سمعت هذه الموسيقى الجميلة والفرق التي تعزف بهذه التقنية الممتازة في سورية، ودهشت أيضاً بهذا الجمهور الذي يصغي ويتفاعل مع الموسيقى بشكل جيد، أنا سعيد في هذه الليلة لأنني سمعت موسيقى مميزة، وأنا موجود في دمشق لغاية أول الشهر القادم، وسأحضر الأسبوع القادم هذه الحفلات حتماً».


إدريس مراد

اكتشف سورية

Share/Bookmark

صور الخبر

رنا بشارة على الفلوت في الأسبوع الثاني من شتاء موسيقى على الطريق

المغنية السورية ليندا بيطار تشارك فرقة وجوه في الأسبوع الثاني من شتاء موسيقى على الطريق

فراس شهرستان على القانون في أمسية سوق الحميدية

بقية الصور..

اسمك

الدولة

التعليق