المهرجان الأول للموسيقى الشرقية في سورية

2009/22/02

في حديث لاكتشف سورية: هانيبال سعد يستعرض أهداف المهرجان وتوجهاته ومشاريعه القادمة

«مساحات شرقية»، عنوان الدورة الأولى لمهرجان الموسيقى الشرقية، والذي يقام بالتعاون مع الأمانة السورية للتنمية في دار الأسد للثقافة والفنون من 22 ولغاية 26 شباط 2009.
يعتبر المهرجان بدورته الأولى الملتقى الدولي الأول من نوعه للموسيقى الشرقية في سورية، وستقدم فيه مجموعة من التجارب الموسيقية الحديثة من العالم الشرقي. «إنها موسيقى القرن الحادي والعشرين الكلاسيكية»، كما يراها نخبة من المؤلفين السوريين والشرقيين من عدة أجيال، فإلى جانب المؤلف السوري القدير نوري إسكندر، ستعرض تجارب خيرة المؤلفين السوريين المعاصرين وهم: حسان طه وشفيع بدر الدين وزيد جبري، إذ يقدم كل منهم قراءة جديدة للموسيقى العربية والشرقية دون المساس بالتراث، الأصل الذي يجب المحافظة عليه دائماً، والعمل على تقديمه بأفضل شكل للأجيال القادمة؛ إضافة إلى ذلك، هناك مشاركة من المؤلف الإيراني القدير نادر مشايخي والمؤلف التركي فيصل ساي، باعتبار إيران وتركيا من أكثر البلدان الشرقية نضجاً في كتابة موسيقى شرقية معاصرة حافظت على استخدام المقامات دون الخوف من الخوض في تجربة الحداثة.

وللوقوف على هذا الملتقى الكبير، وللتوسع في معرفة تفاصيل العمل، وتقديراً للجهد المبذول في سبيل إنجاح مثل هكذا تظاهرات، التقت «اكتشف سورية» الأستاذ الموسيقي هانيبال سعد مدير مهرجان الموسيقى الشرقية، بدايةً تحدث الأستاذ هانيبال سعد عن فكرة المهرجان فقال: «درست الموسيقى في الولايات المتحدة مدة 14 عاماً، وأنا متابع لكل المهرجانات الموسيقية العربية منها والدولية ومطلع على التجارب الموسيقية في الهند وباكستان وإيران، وكنا عملنا على إقامة مهرجان الجاز في سورية، ومن هنا وجدنا أننا بحاجة إلى مثل هذا الملتقى للموسيقى الشرقية الممتدة جغرافياً من المغرب حتى الصين، مع العلم أن مجالها الحيوي يمتد إلى أكثر من هذه المساحة الجغرافية، وتتداخل ضمنها مجموعة مكونات حضارية وفكرية تغني هذه الموسيقى، ورغبة في دعم وتوثيق التجارب الموسيقية ودعم الموسيقيين المعاصرين وتوثيق أعمالهم كان هذا الملتقى الأول من نوعه في المنطقة».


ويتابع سعد حديثه مؤكداً أن للمهرجان أهدافاً يسعى لتحقيقها: «إن هذا المهرجان ليس مجرد تجمع حفلات بل هو بالدرجة الأولى فكرة تنمية، والتنمية فيه هي الأساس، فالمهرجان جزء من مشروع يضم العديد من الفعاليات، منها ورشات عمل في الموسيقى الشرقية، ومنها مجموعة من المحاضرات التي ستقدم على مدار أيام المهرجان، وسيحاضر فيها مجموعة من الباحثين والموسيقيين، ونسعى من هذا الملتقى للإحاطة بثلاث محاور هي: 1-أصول وتاريخ المقام والعمل على البحث في هذا المجال مع مختصين، يتخلله عرض تاريخي عن تاريخ المقام ومراحل تطوره. 2- العلاقات بين المقامات والتفاعل فيما بينها. 3-استعراض التجارب الجديدة مع أهمية المحافظة على التراث والعمل على توثيق المؤلفات الموسيقية التراثية منها والمعاصرة، وأؤكد هنا على أهمية العمل على توثيق التجارب الحديثة والمعاصرة».

أما عن سبب كون الموسيقى الشرقية المحور الأساسي للمهرجان، وما المقصود بالموسيقى الشرقية؟ فيجيب الأستاذ سعد: «لم نأخذ الموسيقى الشرقية بمعنى شرق وغرب، أو على أساس الفصل والتقسيم بين شرق وغرب، وهي المنهجية التي تنتهجها بعض الدراسات التاريخية أو السياسية، إنما قصدنا هذا الامتداد من المغرب حتى الصين مروراً بحضارات الهند وإيران وتركيا والعرب وكل ما في هذه المنطقة من شعوب أنتجت موسيقاها، وتداخلت هذه الموسيقى وأخذت من بعضها عبر الزمن، فالمجال الحيوي للموسيقى أكبر من الجغرافيا. على سبيل المثال عندما نقول موسيقى العراق أو سورية فهذا لا يعني أن الموسيقى معنية بالحدود إنما هي أوسع من هذا، ومن خلال عملية التداخل هذه لا زالت الهويات غير مكتملة، فكل منطقة تضيف وتجدد في تجربتها الموسيقية ما يحتم استمرار عملية البحث في هذا الموضوع، وأساس هذا البحث هو أن نفهم هذه الموسيقى علمياً، وأن نعمق معرفتنا بالتراث، فنحن معنيون به، وللأسف لا يوجد لدينا مدارس لتعليم التراث، إذ يجب أن نعرف لماذا ضاع جزء كبير منه؟ وما الذي علينا القيام به لأجل توثيقه ومعرفته بشكل أفضل. إضافة إلى هذا، سيستعرض المهرجان تجارب موسيقية معاصرة في الموسيقى الشرقية».

وعن التركيز على المقام بالذات في محاضرات المهرجان يتحدث الأستاذ هانيبال سعد قائلاً: «المقام لديه كل أسرار الموسيقى الشرقية، لأنه بالفعل ليس مجرد سلم موسيقي فقط أو علامات موضوعة بترتيب معيّن، بل هو يختزن أسرار الماضي أيضاً، وهنا نسأل : ما الذي يجعلنا نتأثر فيه وننسجم مع هذه الموسيقى التي يحويها المقام؟ إن الإجابة على هذا السؤال بالغة الأهمية».

أما عن المحاضرات وما الذي تسعى للإجابة عليه، يتابع سعد حديثه إلى «اكتشف سورية»: «لدينا مجموعة من المحاضرات طيلة فترة المهرجان، وستكون حول المواضيع التالية: "تجارب الموسيقى الشرقية المعاصرة" يلقيها نوري إسكندر وزيد جبري وحسان طه وشفيع بدر الدين من سورية وشفكي كارايل من تركيا وفرانكيز علي زاده من أذربيجان ونادر مشايخي من إيران. "المقام الحلبي" يلقيها محمد قدري دلال من سورية، "المقام التركي عبر التاريخ" يلقيها فكرت كراكاي من تركيا.

"مقام الكرد بين النظرية والتطبيق" يلقيها حسين الأعظمي من العراق. "المقام العقد" يلقيها إيلي كسرواني من لبنان. "العلاقة بين الموسيقى الفارسية والعربية" يلقيها ماجد ناظمبور من إيران. " نظام الاثني عشر مقاماً والتشابه مع الراغا الهندية" يلقيها ديلوروم من أوزبكستان. "مقاربة بين الشيخ علي الدرويش وميخائيل اللويردي" يلقيها فواز باقر من سورية. "المدارس المختلفة للغناء وتفاعلاتها المختلفة في شمال شرق سورية" يلقيها إبراهيم كيفو من سورية.

"المفاهيم المختلفة واستعمالاتها في المقامات الشرقية" يلقيها جان ديورينغ من فرنسا. "المقامية العربية" يلقيها محمود القطاط.

تسعى كل هذه المحاضرات إلى الإجابة عن أسئلة مهمة، منها ماهية المقام وأسراره، ولماذا يجب دراسته، وعلاقات شعوب المنطقة ببعضها موسيقياً، وما هي خصوصية الموسيقى السورية، بالإضافة إلى السعي لمعرفة ما إذا كان للمقام أبعاد رياضية أم أن أبعاده ذات علاقة بالبيئة، وستطرح المحاضرات إمكانية إنجاز تأليف موسيقي شرقي وتنفيذه ضمن خصوصيتنا، هذا إضافة إلى دور سورية الموسيقي في العالم.

ومن خلال هذه المحاضرات، سنعمل على إيجاد طاولة حوار يلتقي فيها المؤلفون من مختلف الأجيال، وهذا شيء يحصل لأول مرة، إذ يوجد تواصل في الساحة الفنية، لكن لا يوجد وصل حقيقي، فالمعلومات كثيرة ولا يوجد منهجية لدراستها خاصة في هذه المرحلة، ومن خلال هذا الملتقى وما فيه من فعاليات نسعى إلى ردم الهوّة بين المؤلفين الموسيقيين، وخاصة المعاصرين منهم والكلاسيكيين».

وعن كون المهرجان هو الأول من نوعه في سورية والمنطقة، يقول سعد: «يتفرد هذا المهرجان بكونه عملية بحث بشكل جذري تعود إلى عمق التاريخ الموسيقي، وهو جامع للموسيقى في المنطقة، وأعتقد أنه سيقام بصيغة وحبكة سورية بامتياز، فالافتتاح والختام سوري هذا إضافة لكونه يُطرح في سياق سوري عالمي وليس عالمي سوري».

ويستعرض سعد في حديثه جملة الطموحات والمشاريع المستقبلية التي يأمل أن تتحقق: «ليس المهم التوسع بالنشاطات بشكل عشوائي إنما بما يخدم حاجتنا وما يخدم التنمية، فنحن لا نهدف إلى الاستعراض إنما فكرتنا الأساس هي التنمية، وهناك عدة نشاطات سيتم القيام بها، نحن بحاجتها فعلاً منها:

- لقاءات لآلة العود وآلة الناي والآلات الإيقاعية.

- ورشات عمل حسب الحاجة بالذات لآلة العود والآلات النفخية.

- دراسة توثيقية للنشاطات السنوية التي تتعلق بالتراث والموسيقى، على سبيل المثال توثيق كل موشحات زهير منيني.

أؤكد أن هدفنا تنموي لذا يجب العمل على ما نحن بحاجة إليه، وأؤكد أيضاً على ضرورة وجود مؤسسة تعنى بتوثيق التراث والمحافظة عليه، ولدينا أسماء كثيرة يمكن الاستعانة بها في هذا المجال، منها الفنانون: نوري إسكندر وصباح فخري وعدنان أبو الشامات وشريف خزندار و زهير منيني ومحمود القطاط وجان ديورينغ».

أما عن الشرائح التي يستهدفها الملتقى فيقول الأستاذ هانيبال سعد: «هذا الملتقى موجه للجميع دون استثناء المختصين وغير المختصين، لأنه مزود بمحاضرات عملية وشروح توضيحية، فالمختص تزداد معلوماته وغير المختص سيتعرف أكثر خاصةً من خلال المتابعة المباشرة للفعاليات، أدعو الجميع إلى التفاعل مع هذا الملتقى لأننا حاولنا أن نجمع فيه نخبة الفنانين والموسيقيين والباحثين كي نغني هذا المشروع الضخم والمتفرد».



.

عمر الأسعد

اكتشف سورية

Share/Bookmark

صور الخبر

بقية الصور..

اسمك

الدولة

التعليق