شيخ الشباب فخري البارودي

15 شباط 2009

مكرماً في مكتبة الأسد

«شيخ الشباب»، اللقب الذي غلب على الزعيم الوطني الكبير فخري البارودي،وهو أحد أبرز الوجوه السياسية والنضالية في سورية خلال القرن العشرين، وبدعوة من جمعية أصدقاء دمشق عقدت في مكتبة الأسد يوم الخميس 12-2-2009 ندوة تكريمية لذكرى الراحل الكبير، حضرها عدد كبير من الوجوه والشخصيات الثقافية والفنية والسياسية يذكر منهم: الأديبة كوليت خوري والسيد عبد القادر قدورة الرئيس الأسبق لمجلس الشعب، والفنان دريد لحام، وحشد من المهتمين والإعلاميين. وقد أضاءت الندوة جوانب من حياة الراحل فخري البارودي، واستعرض المتحدثون تفاصيل من حياته الخاصة ونشاطه السياسي والفكري.
الحياة السياسية
«تعلم يا فتى إن الجهل عار» يشير الدكتور سامي المبيض إلى هذا الشعار الذي رفعه البارودي في مطلع حياته السياسية ونشاطه الفكري، وينوه إلى أهم المحطات في حياة الزعيم البارودي قائلاً: «ولد فخري البارودي في دمشق وبالتحديد في حي القنوات عام 1889، وهو من أسرة عريقة تعود بالنسب إلى الشيخ ظاهر العمر حاكم عكا، وتوفي في منزله الكائن في ركن الدين عام 1966». اتسمت حياة البارودي بالنضال المستمر، فانضم إلى الجيش العثماني قبل الحرب العالمية الأولى وشارك في معركة بئر السبع التي أسر فيها على يد الإنكليز، ليعود بعدها إلى دمشق ملتحقاً بكتائب الثورة العربية الكبرى، حيث كان الصديق المقرب من الملك فيصل وهو من لقب البارودي بشيخ الشباب.
بعد رحيل العثمانيين بايع البارودي فيصل ملكاً على سورية، لكن ما لبث أن أطلق غورو إنذاره الشهير ودخل دمشق بعد معركة ميسلون.
اعتكف البارودي في هذه المرحلة وتفرغ للعمل التجاري، لكنه عاد إلى العمل الوطني مرة أخرى وذلك من خلال تمويله للثورات التي قامت ضد الاستعمار الفرنسي، فشارك في تمويل ثورتي الشمال بقيادة الزعيمين إبراهيم هنانو وصالح العلي، وباع 14 ضيعة من ممتلكاته كي يمول الثورة فاعتقلته السلطات الفرنسية إثر ذلك وبقي مسجوناً في سجن القلعة مدة 100 يوم.
بعد خروجه من السجن اشتعلت نار الثورة السورية الكبرى بقيادة سلطان باشا الأطرش عام 1925 فاشترك البارودي في تمويلها ولم يتردد أبداً في دعم الثورة من خلال نشاطه السياسي أيضاً.
بعد نهاية الثورة عام 1927 عمل البارودي على تأسيس الكتلة الوطنية مع الرئيسين هاشم الأتاسي وشكري القوتلي، وانتخب نائباً عام 1932 إلا أنه كان دائم الرفض للوزارة التي عرضت عليه عدة مرات، مفضلاً عليها منصب النيابة لأنه منصب يختاره الناس كما كان يقول.
أشعلت حادثة اعتقال البارودي الإضراب الستيني عام 1936، فأطلقت السلطات الفرنسية سراحه تحت ضغط الشارع السوري، لكنها ما لبثت أن نفته إلى الأردن عام 1939، فأسس هناك مطعماً سماه الندوة وكان ملتقى للمثقفين والناشطين السياسيين. عاد إلى دمشق و أسس فرقة القمصان الحديدية وهي تعتبر النواة الأولى للجيش العربي السوري الذي تأسس لاحقاً وبقي هم البارودي الأساسي أن يكون في سورية جيش قوي يدافع عنها.
بعد الاستقلال كان من أشد المؤيدين للوحدة مع مصر من حيث المبدأ، لكنه عاد ليعارضها عندما اشتد الحكم البوليسي على يد المشير عبد الحكيم عامر و الوزير عبد الحميد السراج.
قبل وفاته عام 1966 كان قد أنفق كل ثروته على العمل الوطني وباع كل ممتلكاته، ليتوفى فقير المال لكن غني النفس وغني الرصيد من محبة الناس والتفافهم حول زعامته.
رجل الزعامة
بدوره تحدث الأستاذ رجا شربجي عن البارودي من خلال تجربته الشخصية وهو الذي عاصره فترة من الزمن، وفي هذا يقول شربجي: «لم يكن البارودي رجل دولة بل كان رجل زعامة بكل معنى الكلمة، وهو الإنسان الشفاف الواضح الصريح الذي لا يخشى قول الحق، وهو رجل التعددية بكل معنى الكلمة، فقد أجمع على صدقه العدو والصديق حتى أن فرنسا لقبته بالعدو الصادق».
ويضيف شربجي: «خبرته عن قرب، إذ كان منزله مفتوحاً دائماً للجميع، فكل من زار دمشق يجب أن ينزل في دار فخري البارودي».
ويستذكر شربجي هنا إحدى طرائف البارودي التي تظهر مدى تأثير الرجل في الشارع السوري قائلاً: «ذهبنا مرة معه نصلي الجمعة في الجامع الأموي، وبعد انتهاء الصلاة صاح البارودي بالجموع، فتبعه الرجال في مظاهرة ضمت ما يقارب 10 آلاف رجل استطاع بعدها البارودي أن يسقط الحكومة التي لم يكن راضياً عن أدائها».
الرجل الشعب
«لم يكن شخصاً بل كان شعباً بكامله»، بهذه الكلمات عرّف الفنان الكبير صباح فخري الزعيمَ الوطني فخري البارودي، ليضيف قائلاً: «قال بعضهم أن البارودي مات فقيراً هذا كلام غير صحيح لقد مات غني النفس وغني القلب بمحبة الناس»، ويستذكر الفنان صباح فخري كيف احتضنه البارودي في بداية مشواره الفني قائلاً: «أتيت دمشق على نية السفر منها إلى مصر، وحصل أن سمعني البارودي أغني فلم يوافق على فكرة سفري إنما استبقاني في دمشق، وضمني إلى معهد الموسيقى الشرقية الذي كان قد أسسه وأعطاني راتباً 250 ليرة في ذلك الوقت، كان مثال الإنسان المحب والودود وله فضل على أغلب الفنانين الذين برزوا في تلك الفترة، فقد تخرج معظمهم من معهده ويعود له الفضل في جمع التراث الفني والموسيقي وتوثيقه، لولا البارودي وجهوده التي بذلها في مجال جمع وحفظ التراث الفني في سورية، لاندثر هذا الإرث واختفى ولم نسمع به اليوم»، ونوه فخري إلى عمله على تكريم البارودي في مهرجان الأغنية السورية يوم تولى منصب إدارته عام 2000 .
بعد الحديث عن البارودي عرضت بعض الصور النادرة له مع زعماء سوريين وعرب إضافة لصور خاصة مع العائلة، ثم شاهد الحضور مقابلة نادرة أجريت معه في أواخر أيامه.
في الختام عرض مقطع من الفيلم التسجيلي الذي أخرجه المخرج السوري نبيل المالح عن فخري البارودي.


عمر الأسعد

اكتشف سورية

Share/Bookmark

صور الخبر

بقية الصور..

اسمك

الدولة

التعليق

رامي:

جميييل جدا

hgdlk