عبد الوهاب زيتون يحاضر في العدوي حول تحديات الثقافة العربية

18 03

لا بد من إعادة بناء الإنسان العربي بوصفه أساس بناء مستقبل الأمة

إن كانت الثقافة تمثل بمفهومها العام جملة المعايير والقيم والمرجعية الذهنية والروحية لشعب ما أو أمة من الأمم في تعاملها مع الآخر، ومع الطبيعة والحياة، وباعتبارها أيضاً اللغة التي تختزن كل ذلك على مدى العصور، فإن المثقفين هم الشريحة التي تأخذ على عاتقها حمل هذه المرجعية القيّمة من أجل التطوير والتجديد والارتقاء بالمجتمع فوق كل ما يهدده من تبعيات ومحاولات طمس للهوية والملامح الوطنية، خصوصاً أن واقع الثقافة والمثقف العربي وما يكتنفهما من تحديات في زمن الشرق أوسطية والعولمة وما شابه.
في هذا الإطار كان للباحث عبد الوهاب زيتون محاضرة تحت عنوان «الثقافة العربية، مضامين وتحديات» في المركز الثقافي بالعدوي في الثامن عشر من آذار، وفيها أشار الباحث إلى أهم التحديات التي تعرض للثقافة العربية على الصعيد القومي، واللغة العربية، وفشل عملية السلام، والاقتصادي والاجتماعي، كما تطرق في معرض حديثه إلى بعض الحلول المتاحة التي يمكن الوقوف عندها من أجل التصدي للأخطار المحدقة بنا.
يقول الباحث زيتون «تواجه الثقافة العربية جملة من التحديات المفصلية الخطيرة التي شملت المناحي والأصعدة القومية والاجتماعية والسياسية كافة. فعلى الصعيد القومي تشكل الثقافة العربية جذر الهوية القومية ومضمونها الثقافي وهي محراب العروبة، وقد أصبحت الآن في موقع الاتهام والمواجهة مع الخصوم والأعداء كافة بأساليب مكشوفة حيناً ومستترة أحياناً أخرى ليس أقلَّها التصريحُ بتسفيه العرب والعروبة ونعت دعاتها ومعتنقيها بالقومجية، من أجل إكساء المنطقة العربية هوية جديدة من خلال مسخ هويتها القومية إلى هوية شرق-أوسطية، وذلك ما تسوِّقه في مشروع الشرق-أوسطية جوقة المنشدين في الحرب المفتوحة على العروبة والثقافة العربية ومن بينهم الكاتب اللبناني الأصل الأمريكي الجنسية الدكتور فؤاد عجمي الذي في لقائه "نهاية العروبة" قال "إن الزمن قد تجاوز عصر العولمة، والانفتاحُ بين الشعوب تجاوز الدعوات القومية"، وكتب الصحفي حسام عيتاني في جريدة السفير في عددها رقم 9675 الموافق للثلاثاء السادس عشر من كانون الأول في الصفحة التاسعة عشر: "بانهيار الشعارات القومجية في بغداد تكون قد سقطت وولت ثلاثية العروبة المهزومة، التي أصبحت لا تعني أكثر من تراكيب خشبية جوفاء"».
«أما على صعيد اللغة العربية وعاء العروبة وعمودها الفقري فإنها أيضاً لم تسلَم من التشويه والتسفيه والتخريب من خلال محاولات تبدو عفوية وهادئة ولكنها بكل تأكيد هادفة ومبرمجة، مسبقة الصنع تنصبّ على الترويج للكتابة والخطابة والشعر باللهجات العامية والدعوة المكشوفة إليها وإلى كتابة النص العربي بالأحرف اللاتينية، في الوقت الذي فرضت فيه دول عظمى مثل فرنسا في عهد وزير داخليتها السابق شارل باسكوا قوانينَ وعقوباتٍ وغراماتٍ قاسية على الفرنسيين عند استخدامهم للألفاظ الأمريكية والأجنبية في الإعلانات التجارية والسينما والمسارح، وما يحصل عندنا عكسُ ذلك تماماً».
على الصعيد الاقتصادي يقول السيد زيتون: «لم تسلم الثقافة العربية من تحديات العولمة الرامية إلى نشر الثقافة الاستهلاكية الرخيصة، وهدم الحدود الوطنية والاقتصاديات والصناعات الوطنية، وفتح الأسواق العربية مشرعة للسلعة الأجنبية خصوصاً الأمريكية، وتعميم منظومات من القيم والسلوكيات وطرائق العيش الغربية غير المألوفة من أجل احتلال الإنسان العربي والاستيطان في عقله وتفكيره ونمط حياته وجعله يعمل ويعيش بقلب ينبض وعقل لا يعمل، مع برمجة مسبقة كبرمجة الحواسيب، وذلك يؤدي في النهاية إلى تحويل الوطن العربي إلى حظيرة استهلاكية».
على الصعيد الاجتماعي يتابع: «تتعرض الثقافة العربية لغزو منظم يهدف إلى احتلال القيم والأخلاق العربية، وهدم القيم الأسرية، وتفكيك العلاقات الاجتماعية من خلال إقامة أندية هدامة مثل أندية عبدة الشيطان التي انتشرت على نحو سرطاني في العديد من الدول العربية، والأندية ومعاهد التدليك، والترويج للدعارة والشذوذ الجنسي تحت مظلة حماية الحقوق الجنسية والمثلية الجنسية وعدم اعتبار ذلك شذوذاً، بل مطالبة الأنظمة العربية بوجوب تعديل قوانينها وتجاوز القيم والرواسب الدينية».
 يتابع الباحث زيتون «مثل هذه التحديات الكبيرة والخطيرة التي تواجهها الثقافة العربية والتي تم الوقوف عند جانب منها توجب على الأنظمة العربية والقائمين على الشأن الثقافي العربي والمثقفين العرب وخصوصاً المنظمة العربية للثقافة والعلوم التابعة للجامعة العربية إعادة بناء هياكل وأجهزة متخصصة ووسائل إعلام متطورة، وتجنيد كوادر بشرية مؤهلة ومنظمة في هيئات ومنتديات واتحادات كتاب وفنانين وصحفيين من أجل مواجهة هذه التحديات والحملات المنهجية المنظمة التي تستهدف الأمن القومي العربي والمنظومة الثقافية العربية في جذورها الأولى، مع العمل الدؤوب على تثبيت الهوية العربية والقيم الروحية والأخلاقية والقومية والأسرية العربية، وبناء الإنسان العربي البناءَ التربوي الأمثل بوصفه القيمة الكبرى والطريق لبناء الأمة وتحقيق المشروع القومي العربي جنباً إلى جنب مع المشروع الثقافي العربي».


رياض أحمد

اكتشف سورية

Share/Bookmark

صور الخبر

بقية الصور..

اسمك

الدولة

التعليق