الجمعية السورية البريطانية تقيم في تدمر ندوة رؤية للحفاظ والتنمية

15 03

مشروع تنمية ثلاث مناطق من أجل تحسين قيمة المنطقة الأثرية

افتتح المهندس محمد ناجي عطري رئيس مجلس الوزراء في تدمر أعمال الندوة التي تقيمها الجمعية البريطانية السورية بالتعاون مع برنامج تحديث الإدارة البلدية تحت عنوان «رؤية للحفاظ والتنمية».
تهدف الندوة إلى تسليط الضوء على مدينة تدمر التاريخية باعتبارها معلماً تاريخياً وحضارياً مهماً يجب حماية إرثه الثقافي الغني الذي تزخر به هذه المدينة وحضارتها الغابرة من خلال تطوير الواقع الخدمي والسياحي فيها، وتلبية متطلبات هذا التراث الثقافي وفق المعايير الدولية المعتمدة، وإبرازه بوصفه ثروة وطنية وتراثاً حضارياً للإنسانية جمعاء.
استعرض المهندس عطري في كلمته في افتتاح الندوة تاريخ تدمر العريق وحضارتها والأحداث التي مرت بها والتي ظلت آثارها شاهدة على عظمة المدينة التي بلغت ذروة ازدهارها التجاري ونفوذها السياسي منذ النصف الثاني من القرن الأول بعد الميلاد حتى عصر الملكة زنوبيا التي جعلت من تدمر مركزاً قوياً ومحطة تجارية سيطرت على حركة التجارة والقوافل التجارية بين الشرق والغرب.
بيّن رئيس مجلس الوزراء الأسباب التي أدت إلى انحسار مجد تدمر المتربعة على مساحة عشرة كيلومترات مربعة تضم الأسوار والمعابد والحمامات والأسواق والشوارع والمسرح وقوس النصر وأبراج المدافن والقلعة المنيعة التي ظلت على مدى العصور تبعث على الإعجاب، وذلك دفع الأمم المتحدة عام 1980 إلى تسجيل تدمر موقعاً متقدماً على لائحة التراث الإنساني العالمي.
أكد عطري أنه انطلاقاً من الأهمية التاريخية والحضارية لتدمر قامت وزارة الثقافة بالتعاون مع منظمة اليونيسكو ومراكز البحث العلمي والبعثات الأثرية الدولية بالدراسات الأثرية والتنقيبات الواسعة منذ ثلاثينات القرن الماضي وأعمالِ الترميم والصيانة والتأهيل لإظهار موقع المدينة أمام حركة السياح والزوار، كما عملت وزارة السياحة على تكثيف حملات الترويج للتعريف بتدمر وما يحيط بها من مواقع أثرية في البادية السورية مثل قصر الحير الشرقي والغربي والرصافة وحمامات أبو رباح وخان الحلابات لتتكامل كلها مع تدمر وتشكل معها منطقة أثرية سياحية واسعة. ودعى إلى مواصلة هذه الجهود وتطوير البنى التحتية وشبكة الطرق المؤدية إليها بالتعاون مع محافظة حمص والجهات المعنية نظراً للأهمية البالغة لمكانة تدمر التاريخية وإرثها الثقافي والحضاري الكبير والارتقاء بالواقع الخدمي والمعيشي للسكان وتوفير متطلبات الصناعة السياحية وتطوير المكونات البيئية والطبيعية في البادية المحيطة بتدمر.
تحدث المهندس عطري عن جهود الحكومة والجهات المعنية واهتمامها بتدمر لتعزيز بنيتها التحتية لافتاً إلى أهمية تنسيق هذه الجهود من خلال التخطيط الإقليمي الاستراتيجي للمنطقة لتتوازن الاهتمامات والمتطلبات المكانية للقطاعات المختلفة مع الالتزام الدقيق بحماية الأوابد الأثرية والتنوع الطبيعي وتحقيق النمو وحماية الموارد البيئية لجعل تدمر مقصداً سياحياً قائماً بذاته على خريطة السياحة العالمية، وأكد أهمية انسجام منطلقات التخطيط الاستراتيجي الإقليمي لتدمر مع توجهات التخطيط المماثل للمنطقة الشرقية التي تتشابه معها في جوانب عديدة وتعد العمق الاستراتيجي وصِلة الوصل مع محيطها الداخلي والدول المجاورة. وأمِل أن يُعقد في تدمر مؤتمر للاستثمار للحفاظ على أوابدها التاريخية من واحة النخيل والمناظر الخلابة للجبال والسبخة الملحية والينابيع الكبريتية مشيراً إلى أهم توصيات مؤتمر الإسكان في نيسان الماضي الرامية إلى تحقيق تنمية محلية عمرانية.
نوه رئيس مجلس الوزراء إلى التعاون المثمر القائم مع الجمعية البريطانية السورية ومبادراتها المستمرة في إطار التنمية الاقتصادية والاجتماعية والحفاظ على التراث ومن ذلك المؤتمرُ المصرفي الأول وندوةُ مستقبل مدينة دمشق ومؤتمر التركيز على سورية متمنياً لهذا التعاون الدوام والنجاح. كما أعرب المهندس عطري عن تقديره للاتحاد الأوروبي اهتمامَه ومبادراته التنموية في سورية خصوصاً ما يرتبط منها بالتنمية المحلية وبرامج الإصلاح الاقتصادي والترويج السياحي وحماية التراث وتحديث الإدارة البلدية.
 كان الدكتور فواز الأخرس رئيس الجمعية البريطانية السورية قد ألقى كلمة تحدث فيها عن أهمية تدمر التاريخية وقال إن تاريخها شهد حضارات عديدة وتراثاً كان له الأثر الكبير في رسم هوية هذا البلد الذي يجب علينا المحافظة عليه لما قدمه من إسهام كبير في إغناء التراث العالمي، وأكد أن تدمر تشكل قلب سورية وجزءاً أساسياً من إرثها الحضاري بما لها من خاصية عريقة تتبوأ مكانة مرموقة على قائمة التراث العالمي منذ عام 1980.
 دعا الدكتور الأخرس إلى ضرورة تحمل المسؤولية الكاملة تجاه هذا الإرث التاريخي والحفاظ عليه مشيراً إلى ما تتمتع به هذه المنطقة من طبيعة جميلة تجعل منها مرتكزاً مميزاً للاستثمارات التي تصب في خدمة السكان المحليين ومواكبة تطور السياحة العربية والعالمية ومؤكداً أن مشاريع التنمية والتطوير العمراني والتخطيط الإقليمي لا بد أن تعود بالتنمية الاجتماعية والاقتصادية على النسيج البشري لهذه المنطقة، وذلك يوجب على الجهات المعنية وأصحاب القرار العمل الجاد للحفاظ على هذا التراث واحترامه دون الانتقاص من أهميته الأثرية على ألا تكون هذه المشاريع على حساب هذا الإرث المميز.
أكد الدكتور الأخرس ضرورة احترام العلاقة المميزة والمتكاملة للمكونات الفريدة التي تتمتع بها تدمر والمنطقة المحيطة بها، ومراعاة مشاعر المواطنين والسكان المحليين وتاريخهم وعاداتهم أثناء القيام بالتخطيط العمراني والإقليمي لهذه المدينة ونسيجها العمراني لافتاً إلى نجاح تجربة المغرب العربي في هذا الميدان وضرورة الاستفادة منها.
أوضح رئيس الجمعية البريطانية السورية أن هذه التجارب تحظى بالاهتمام والرعاية على أعلى المستويات داعياً إلى الابتعاد عن محيط المدينة وآثارها وواحاتها أثناء التخطيط العمراني والأخذ بعين الاعتبار التجارب الناجحة في بلدان أخرى متمنياً لهذه الندوة تحقيق ما تصبو إليه من تطوير للبنى التحتية وتشجيع للاستثمارات في هذه المنطقة بما يضمن الانسجام مع البيئة والآثار فيها.
 بدوره أكد فاسيليس بونتو سوغلو سفير المفوضية الأوروبية في سورية أن ورشة العمل تشكل فرصة جيدة لجميع المعنيين بالتطوير المحلي والتخطيط العمراني والحفاظ على الإرث الثقافي فهي تتيح لهم المشاركة في الآراء حول مختلف المقاربات المحلية المتعلقة بالحفاظ على الإرث الثقافي إضافة إلى تعزيز الوعي لأهمية التخطيط الإقليمي بوصفه نشاطاً متعدد الجوانب يشمل الكثير من الهيئات الحكومية، وتقييم أداء النشاطات المستمرة في التخطيط العمراني وخلق وعي مشترك إزاء الحاجة إلى تخطيط إقليمي فعال.
 أشار بونتو سوغلو إلى أنه تم بطلب من الحكومة إضافة تدمر إلى المدن الرائدة والأصيلة في مشروع تحديث البلديات الذي أنيطت به مهمة إنتاج أدوات التطوير العمراني للاستفادة من فرص التطوير الاقتصادية والاجتماعية التي تقدمها مدينة تدمر بما لها من سمات فريدة بفعالية واستدامة. وأوضح الأهمية الخاصة التي تتمتع بها تدمر لكونها موقع إرث عالمي مدرج في قائمة اليونسكو لمواقع الإرث العالمي مشيراً إلى المناخ الاستثماري في تدمر الذي يحتاج إلى إرشاد صحيح للوصول إلى التحقيق الكامل لإمكانات التطوير الاجتماعي والاقتصادي.
 حضر الندوة وزير الإدارة المحلية والبيئة وشؤون رئاسة الجمهورية والزراعة والري والصحة والنقل والإسكان والتعمير والدولة لشؤون مجلس الشعب، ورئيس هيئة تخطيط الدولة ومحافظ حمص ورئيس جامعة دمشق والبعث، وعدد من معاوني الوزراء والمديرين العامين لعدد من المؤسسات والشركات الوطنية والدولية المعنية، وحشد كبير من المهتمين والمعنيين.
بعد ذلك بدأت جلسات الندوة برئاسة الدكتور الأخرس تحت عنوان «تنمية تدمر كوجهة للسياحة العالمية»، وركز فيها ممثلو وزارة السياحة ومحافظ حمص ومجموعة وكلاء السفر الأجانب على أهمية الاستثمار في تدمر وما حولها وتعزيز بنيتها التحتية لتكون قبلة للسياح والزوار وتتوافر فيها متطلبات الصناعة السياحية.
ندوة تدمر تناقش خطط تطوير المدينة التاريخية
لقد تركزت مناقشات الجلسة الثالثة الأخيرة من ندوة تدمر «رؤية للحفاظ والتنمية» التي نظمتها الجمعية البريطانية السورية بالتعاون مع برنامج تحديث الإدارة البلدية «مام» على خطط تطوير مدينة تدمر التاريخية. وقدمت شركة الديار القطرية مشروعها للتطوير العمراني للمدينة ومحيطها المتضمن دراسة لتعديل المخطط القديم ووضع آخر جديد لإبرازها كمنطقة واحدة متكاملة، ودراسة المداخل المقترحة للمدينة الأثرية وتأمين الخدمات اللازمة للواحات مركزة على المشاريع المستقبلية لتدمر والواقع الاقتصادي للسكان مع خلق بنية اقتصادية ووضع مخطط عام دقيق من خلال التنمية البشرية. وحدد مشروع «مام» ثلاث مناطق يعمل على تنميتها بما يسهم في تحسين قيمة المنطقة الأثرية:
1- المنطقة شرق تدمر، وتتطلب إعادة تأهيل الطرق وتعزيز النشاطات السياحية فيها،
2- المنطقة شمال-غرب تدمر وهي بحاجة إلى أن تكون منطقة توسع للتنمية السياحية،
3- المنطقة الثالثة جنوب المدينة وتضم مضمار الهجن والمطار.
وأكد الحاجة إلى قيمة سياحية مضافة تتوافر من خلال استثمار المقومات السياحية في المنطقة مع إمكانية خلق أشكال أخرى للسياحة من خلال التخطيط لها بدقة وعناية مثل السياحة البيئية، وتدريب سبعة آلاف من الأطر السياحية وتوحيد الرؤى المتعلقة بتطوير المنطقة سياحياً وبيئياً.
تناولت الجلسة الثانية التي ترأسها الدكتور فواز الأخرس رئيس الجمعية البريطانية السورية موضوع الحفاظ على التراث الإنساني والبيئي في تدمر، وتحدث فيها ممثلو المديرية العامة للآثار والمتاحف ووزارة الإدارة المحلية والبيئة وجامعة البعث ومنظمة اليونيسكو.
عدّت المديرية العامة للآثار والمتاحف تدمر من بين الأمثلة الأروع في العمارة التي ترجع إلى الفترة بين القرن الأول والثاني قبل الميلاد، وتوسعت وطورت مخططاً عمرانياً يتناسب وضرورات دورها الجديد في القرن الثاني والثالث قبل الميلاد. وأكدت أن حماية التراث في هذه المدينة يشكل هدفاً استراتيجياً لا لصون هذا التراث وحمايته بوصفه جزءاً مهماً في تشكيل صورة التراث الانساني فحسب وإنما لأنه يشكل الهوية الوطنية وذاكرة سورية على مر التاريخ.
أكدت مديرية شؤون البيئة أنه لا بد من سياحة بيئية مستدامة في تدمر ترتبط عضوياً مع السياحة التاريخية موضحة أن هذه السياحة سياحة التمتع الملتزم بالطبيعة ومكوناتها دون الإخلال بالنظم البيئية ودون أي تأثير سلبي في مكونات التنوع الحيوي.
دعت جامعة البعث إلى وضع خطة مدروسة للموقع الجغرافي لتدمر والأخذ بعين الاعتبار الوضع الراهن لتطوير البنى التحتية وتحقيق مخطط يصون التراث البيئي والتاريخي للمدينة العريقة، والالتزام بقانون الآثار العالمي وعدم السماح بتشييد الأبنية داخل الموقع الأثري دون إعلام السلطات الأثرية المحلية وأوصت بأن يكون مطار تدمر والمنطقة الصناعية خارج موقعها الأثري.
أكد ممثل اليونيسكو أهمية حماية موقع تدمر الأثري وتحقيق التنمية المستدامة للمدينة حرصاً على حقوق الأجيال القادمة إضافة إلى حماية واحة النخيل في الصحراء التدمرية والعمل على تحديد منطقة عازلة بين الموقع الأثري ومحيطه لافتاً إلى أن حدود المنطقة العازلة التي وضعتها وزارة الثقافة غير كافية.
خلصت الندوة إلى الاتفاق على دراسة الآراء والمقترحات المطروحة بدقة تمهيداً لصياغتها واعتمادها كخطة عمل تنفيذية مستقبلاً من قبل الجهات المعنية محلياً ودولياً.


سانا

Share/Bookmark

صور الخبر

بقية الصور..

اسمك

الدولة

التعليق

محمد الرشيد:

نشكر كل من يساهم في تطوير هذه المدينة الاعجوبة الانها تستحق الاهتمام

السعودية

مؤيد اللامي - مدير سياحة الديوانية:

سوريا الله حاميها ......... وربي يبعد كل مكروه منكم . لأن تجربتنا قاسية واربكت حياتنا

iraq