فيليب جانتي: نهاية الأراضي بداية الحلم
17 11
إننا بحاجة إلى الجمهور لنغوص في العرض
دميته أداته التعبيرية، يتوجه بها إلى اللاوعي، ليحفز الحلم-الصورة على التدفق في ساحة الشعور، ويشكل معادلاً موضوعياً للوعي بلغة مسرحية ساحرة يمتزج فيها الرقصُ المعاصر بالصورة والدمية. كلها أدوات تدلِّل على إسم واحد هو المخرج المسرحي وفنان الدمى الفرنسي فيليب جانتي. فبعد 15 عاماً على عرضه الأول في دمشق «مسافر بلا حراك»، يعود اليوم بعرض جديد هو «نهاية الأراضي».
وعلى هامش ورشة العمل مع طلاب المعهد العالي للفنون المسرحية، عَقد في 16 تشرين الثاني مؤتمرَه الصحفي على خشبة المسرح الدائري. ففي بداية المؤتمر، تحدث جانتي عن الجمهور مؤكداً أن هناك نوعين من الجمهور: الأول مشاهد متلقي يحب الحكاية فقط وسرد القصص، بينما الثاني نتوجه إليه ونحاول تحريض اللاوعي عنده لنستدعي الحلم، لذا أسعى إلى ترسيخ الحالة الحلمية في المسرح، مثلاً لا أحبّذ دخول أحد من الأطراف أو الكواليس فنحن في أحلامنا لا نرى أحد يدخل من الأطراف، يجب على الشخصيات أن تبزغ بشكل صادم وتتحول وتمسخ تماماً كما الصور الحلمية.
أما عن الفرق بين «مسافر بلا حراك» و«نهاية الأراضي»، قال جانتي: «إن العملين يعتمدان على مواجهة الفرد مع ذاته، وهواجسه، وشياطينه. لكن الأول كانت فيه مجموعةٌ من الشخصيات، أما الثاني فيعتمد على مواجهة فرد واحد لكيانه المتشظي».
وشدد في مجمل حديثه على أهمية السينوغرافيا في العمل، قائلاً: «الفضاء المسرحي هو فضاء اللاوعي أو اللاواقع، لذا نحاول التركيز كمدرسة جمالية على مغايرة ما هو سائد واعتيادي. فالخشبة ليست مكاناً للواقع إنما لما يتجاوز الواقع. أرغب في سحب الجمهور إلى داخل الخشبة واستقطابه اتجاه العرض، كي يغوص في فكر العمل. هذا المسرح يناقض ما قدمه بريخت، حيث لا نريد خلق مباعدات ومفارقات ليخرج المتفرج بنتيجة، نحن هنا نعمل لتحريضه ليغوصَ أكثر في فكرة العرض».
أما عن كيفية العمل الجماعي أقرَّ بكتابته سيناريو أولياً، لكنه لا يفرض ما يكتبه على الممثلين أو حتى الدمى كي لا تغدو «أكثرَ فقراً»، لأن الممثلين والدمى يتعاملون مع الأفكار التي تُطرح عليهم من وجهة نظرهم وخلفياتهم، بالتالي تُعاد الكتابة عدة مرات لخلق روح أكثر جماعية.
عن اختياره للدمى كأداة تعبيرية، يقول: «تعمل الدمية على مستويين: الأول هو اللاوعي، ففي بنيتنا النفسية الداخلية نملك جميعنا مخزوناً من الأسطورة، والخرافة، والوثنية، وهذا يعود إلى فجر الزمان منذ كانت البشرية وثنية، لكن يبقى هذا المخزون الوثني يرشح إلى وعينا كبشر، هذه المساحة في اللاوعي علينا تغذيتها بين الفينة والأخرى، والدمية وسيلة في تحفيز اللاوعي ومكنوناته؛ أما المستوى الثاني فهو التوجه إلى الوعي عبر الإستعارة، لأن الدمية عنصر إستعارة وهذه إحدى المظاهر التي تثير الإهتمام لاستخدام الدمية».
وفي النهاية شدد جانتي على اهتمامه البالغ بالقراءة وضرورتها بالنسبة إليه، معتبراً نفسه قارئاً نهماً بالذات لأدبيات التحليل النفسي التي يرتكز عليها كمصدر جوهري وأساسي لعمله.
عمر الأسعد