قصة رجل يُطرد من عمله في مزرعة لتربية طيور النعام 10/تشرين الثاني/2008
لاقى الفيلم الروائي الإيراني الطويل «أغنية العصفور الدوري» للمخرج العالمي مجيد مجيدي ترحيباً واسعاً من الجمهور في عرضه الأول في دار الأسد للثقافة والفنون كأحد أفلام المسابقة الرسمية المشاركة في مهرجان دمشق السينمائي الدولي السادس عشر.
وتمثَّل هذا الاستحسان اللافت في الجمهور العريض الذي ملأ صالة الكندي في العرض الثاني، وقد اضطر البعض لمتابعة الفيلم جلوساً على الأرض أو وقوفاً، بعد أن امتلأت مقاعد الصالة قبل عشر دقائق من بدء العرض.
ويُعد المخرج مجيد مجيدي واحداً من ابرز سينمائي الجيل الثالث في السينما الإيرانية، وقد سبق فيلمه الأخير هذا حوالي عشرة أفلام روائية طويلة وضعته في مكانة محلية وعالمية، وأكدته كواحد من المع السينمائيين الإيرانيين المعاصرين إلى جانب محسن مخملباف وعباس كباروستامى وغيرهم.
ويتلخص موضوع فيلمه الجديد بقصة رجل طيب يُطرد من عمله في مزرعة لتربية طيور النعام بسبب هروب واحد من الطيور، ويبدأ هذا الرجل ويدعى «كريم» رحلة جديدة في حياته اثر ذهابه إلى المدينة لإصلاح سماعة ابنته الصماء.
وهناك يكتشف انه يستطيع أن يكسب من تشغيل دراجته النارية في خدمة زبائن من كل الألوان والأصناف ويصبح كذلك مهووساً بجمع الخردة التي تتحول إلى أكوام في دارته، كما يجعله العمل في المدينة يخسر بعضاً من أخلاقه الطيبة وصدقه ونبله وينعكس ذلك على علاقته مع جيرانه وأهل قريته.
وبعد فترة من الزمن يتعثر كريم أثناء تفتيش أكوام الخردة وتنكسر قدمه لكن لهفة جيرانه وتعاطفهم معه تجعله يشعر بالأسف ويدرك أنّ أولوياته قد اتخذت اتجاهاً سيئاً أبعده عن محبة الناس.
وهناك خطٌ آخر مواز في الفيلم، وهو حلم الابن الأصغر لكريم ورفاقه في تربية اسماك الزينة الذهبية في مياه نقية عذبة، بدل تلك الموحلة الموجودة في بئر مياه القرية، وقد أعطى هذا الخط الفيلم بُعداً رومانسياً جميلاً ولحظات درامية مؤثرة.
وبالرغم من أنّ حلم الأطفال الصغير هذا لم يتحقق كما أحبوا، لكنهم استطاعوا تنظيف البئر من الأوحال والمجيء بسمكة ذهبية ووضعها في المياه العذبة، انه حلمهم الجديد الذي سيخلقون من خلاله أملاً بحياة جديدة تجيء وعداً بغدٍ أفضل وبأحلامٍ جديدة لا تسقط في منتصف الطريق ولا تموت.
«أغنية العصفور الدوري» عملٌ سينمائي عالي المستوى، يلتقط التفاصيل ويدخل في عمق الوجع والهم والأم، لكن لتعبيره أملاً وتفاؤلاً وفرحاً، إنها سينما تصالح شخصياتها مع الحياة وتساعدهم على التمسك بأجمل ما فيها وتدل على العين السينمائية المتفردة لمجيد مجيدي، التي تراقب باهتمام وتتابع كبيرين تفاصيل الحياة البسيطة الصعبة والهموم الموجهة والأحلام الصغيرة، لكن بنظرة مليئة بالحنان والحب والسمو.
|