مهرجان دمشق المسرحي يتابع عروضه وسط ازدحام في صالات دمشق

15 12

وجود مستوى مهم من الرؤى المسرحية الواعدة يقوم بها جيلٌ جديد

يلاحظُ المتابع لفعاليات مهرجان دمشق المسرحي الرابع عشر ازدحام صالات دمشق بنسبةٍ كبيرة من الممثلين، والنقاد المسرحيين، والمهتمين بالشأن الثقافي عموماً والمسرحي خصوصاً.
وقالَ الناقدُ المسرحي التونسي عبد الحليم المسعودى في تصريحٍ لهُ يومَ الأحد 14 كانون الأول: «إنَّ المهرجان فرصةٌ مهمةَ لتقييم التجارب المسرحية، وتبادل الخبرات، ومعالجة الكثير من إشكاليات المسرح، وهو أكثر حميميةً وإنسانيةً من أيّ مهرجانٍ آخر»، مضيفاً: «إنَّ مهرجان دمشق بدأ يتجه إلى مجالِ التعريف بأهم التجارب المسرحية العربية، كما يحاولُ المحافظة على تقاليده الراقية الأولى».
وأكَّدَ المسعودي أنَّ المسرح السوري معروفٌ بتقاليدهِ العميقة والأصيلة، وهو مرشح ليكون أساساً في الخريطة المسرحية العربية، مشيراً إلى وجودِ مستوى مهم من الرؤى المسرحية الواعدة يقوم بها جيلٌ جديد بإمكانه أنّ يؤسسَ لربيعٍ مسرحي سوري. وأضاف أنَّه رُغمَ مرور مهرجان دمشق بمرحلةٍ صعبة تمثلت بانقطاعه مدة 14 عاماً إلا أنَّه يحاولُ سدَّ هذه الفجوة بإغنائه، وتكثيف محتوياته بالعروض الجيدة، وورشات العمل، والندوات، وما الحضور الكبير لهذه الفعاليات إلا دليلٌ على عُمقِ وقوةِ هذه النشاطات.
وحول تكريم المسرح التونسي في المهرجان أكَّدَ المسعودي أنَّها بادرةٌ تؤكِّدُ المضامين الجديدة التي يقومُ بها مهرجان دمشق، وتدلُ على أصالةِ المسرح التونسي والتطور الذي وصل إليه، بهدف الاستفادة من تجربة المسرح المكرم ولو على المستوى الإطلاعي.
وأشار إلى أنَّ الفُعل المسرحي سلسلةً مترابطة مع بعضها لا يُمكن إلغاءُ أحدها، وهنا تكمن قوة المسرح الذي يَملُك المقدرة على الاستفادةِ من كلِّ شيءٍ، لأنَّه الفنُ الوحيد الذي يلتصق بفطرة الإنسان المحكوم بمحاكاة الحياة.
وأوضحَ المسعودي أنَّ المشروع المسرحي ليسَ معلقاً على مؤسسةٍ أو هيئةٍ، بل على ذاتٍ مسرحية يمكنُ أنَّ تكونَ كاتباً، أو ناقداً، أو مخرجاً، والتجارب المهمة تأتي من المبادرات الشخصية أو المسرح الحر.
بدوره أكَّد الناقد المسرحي محسن العزاوي -مدير المسرح العراقي سابقاً- أنَّ مهرجان دمشق المسرحي منذُ تأسيسهِ وضعَ علامةً فارقة في الحركة المسرحية العربية، مشيراً إلى أنَّ العروض المنتقاة في هذه الدورة متفاوتة المستوى، إلا أنَّ الشيء المُبشر هو غنى الندوات بالأفكار المطروحة بهدف النهوض بمسرحنا العربي.
وأوضح العزاوي أنَّ الأزمات التي يُعاني منها المسرح توسعت في السنوات الأخيرة نتيجةَ وجودِ عواملَ كثيرة، فالفضائيات التي تُقدم العروض المسرحية حَجمت من دورِ المشاهد وخلت المسارح من روادها.
وأضاف أنَّ هناك الكثير من ممثلي المسرح نزحوا إلى الدراما التلفزيونية لضعفِ المردود المادي للمسرح، ولأن التلفزيون يمنحهمٌ الشهرة التي يريدونها والتي يحتاجون لوقتٍ طويل لإثباتها على خشبةِ المسرح.
بينما أكَّدَ الممثل المسرحي جهاد سعد أنَّ مستوى العروض المنتقاة للمهرجان جيدة، وهذا بدا واضحاً منذ اليوم الأول فعندما يكون هناك عرضٌ جيد يكون هناك جمهور كبير، فالأمر مرتبط بالأعمال وليس بالجمهور والعكس صحيح، وأضاف سعد أنَّ ممثلي المسرح الحقيقيين لا يهجرونه، والتلفزيون خطف فقط الممثلين الذين لا علاقة لهم بالمسرح وهناكَ عدَّة تجارب تؤكد ذلك، مشيراً إلى أنَّ الكثير من الفنانين يقولون أنَّه ليس هناك مسرح وننتظر الدور الذي يناسبنا، فليأتوا إلى خشبةِ المسرح وليؤكدوا حينها عدمَ وجودِ المسرح.
وأوضحَ أنَّ التجربة المسرحية حياةٌ لا تموت والمسرح يظل أبدا المعلمُ الحقيقي لكلِّ فنان سواء من الممثلين، أو النص، أو المكان، مؤكداً أنَّ أهمَّ شيء عند الفنان المسرحي هو الاستمرار في خطه المسرحي وليسِ النجاحُ فيه من عملٍ واحد لأنَّ النجاح يصيبهُ بنوعٍ من الجمود.
وأضاف أنَّه إلى حدٍ ما اقترب المسرح العربي من الايديولوجيا وابتعد عن الجماليات، فهناك بعض الأشخاص فهموا المسرح من الناحيةِ الفكرية واستغرقوا فيها، فأدخلوا المقولات المباشرة والمانشيتات على خشبةِ المسرح وحمَّلوا الممثلين مسؤوليةً تختلفُ تماماً عن مسؤوليةِ الأدوار، مشيراً إلى أنَّنا لا نستطيعُ نفي وجودِ مسرحٍ عربي يُقدم جمالياتٍ بصرية عاليةِ المستوى تعادل القيمَ الفكرية التي طرحها.
من جانبه أكَّد المُمثل سلوم حداد أهمية مثلِ هذه التظاهرات الثقافية والإنسانية، لتنمية الطاقات الإبداعية والارتقاء بها، مضيفاً أنَّ مهرجان دمشق المسرحي يستحقُ أنّ يكونَ سنوياً لتحقيق التواصل بشكلٍ مستمر مع الآخر.
وقالَ حداد: «إنَّ المسرح السوري استطاع أنّ يحققَ قفزةً نوعية في احتفالية دمشق عاصمة الثقافة العربية»، متمنياً أنّ تكونَ هذه القفزة دائمة وليست آنية.
بدوره أكَّد الكاتب المسرحي جوان جان أنَّ الإقبال الكبير لحضورِ عروض المهرجان تؤكّدُ نجاحه منذ البداية، وأضاف جوان أنَّ هناك أزمات كثيرة تعصفُ بالمسرحِ العربي نتيجةَ تعدد وسائل الاتصال وتنوعها، إلى جانب الأزمة المالية وأزمة النص، وحول قراءته للمسرح السوري قال: «إنَّ هناك جهوداً كبيرة تُبذل من قبل المسرحين لبناء مسرح ٍفعال»، مؤكداً أنَّنا لا نستطيع أنّ نفصُلَ حركةَ المسرح عن الوضع الثقافي المتردي عربياً.


سانا

Share/Bookmark

صور الخبر

بقية الصور..

اسمك

الدولة

التعليق