مابين حب وحق حالة «حبق».. 43 فناناً يصنعون الجمال من قلب دمشق

05 تموز 2017

.

تأخذنا عوالم الدوران دائماً للارتقاء وهذا الارتقاء حتماً في عالم بديع جحجاح هو مؤنسن وطريقه الفن والشعر والأدب والكتابة، هذا المشرقي دائماً ما يفرز عبر رموزه التي صممها في «أفلا» القيم التحريضية التي ولدت في هذه الأزمة المارقة عبر الإيمان المدرك والواعي ليس عبر وعيٍ متراكم وإنما عبر وعي جمعي أساسه التجربة المباشرة مع الآخر والمبادئ النبيلة.

يقود جحجاح عبر جدلياته التي خبرناها في ألف نون وعبر دعمه لأقرانه من الفنانين هذا الوعي السوري، فاراً كما الطيور التي تهاجر بحثاً عن الحرية لكنه متمسك بهذا الوطن ويعمل باجتهاد المؤمن العارف واجتهاد المبدع التواق ليأخذنا إلى ضفاف أكثر جدية وأكثر أملاً، ويدهشنا عبر ضفافه المرتقبة قائلاً جمله المعتادة «في مناخ البهجة يصبح النمو ممكناً»، و«الحقيقة تكمن في قلب التجربة» وأي تجربة اليوم؟، فعندما ندخل ذلك المكان أو ذلك الفراغ وكأن تلك الحملات المتراكمة تصبح غباراً إنه «حبق» هذا الجسر الجديد فما بين حب وحق ينمو جسر من «حبق» وتختصر مفردات الجمال، وكما يقول جحجاح «أعطني جملةً تؤثر في وعي السوريين أو تؤثر في وعيك كونك أصبحت جميلاً فأعطيك حبقة».

يجتمع 43 فناناً تشكيلياً من جميع أنحاء سورية بمعرض «حالة حبق1» عند الساعة السادسة من مساء يوم السبت المقبل وذلك في صالة «ألف نون» للفنون والروحانيات بدمشق.

هذا المزيج ما بين 43 مصوراً وتشكيلياً ونحاتاً من عمر السبعين عاماً و25 عاماً يشكل طيفاً جميلاً من الفنانين السوريين ما بين الخبير والمتدرب والباحث عن التجارب عبر التقنيات المختلفة، ويمتاز المعرض بتنوع الأعمال الحرة المقدمة من لوحات تشكيلية ونحت وخط كلاسيكي وفن «ديجتل ارت» الحديث، ونجد أن الطبيعة شريك أساسي عبر بتلات الحبق الخضراء التي تخبرنا بأن هذا الأخضر سيعم الوطن ونحصده قمحاً.

حالة حبق في رحم «ألف نون»
وبين الفنان التشكيلي بديع جحجاح مدير صالة ألف نون للفنون والروحانيات في تصريح لـ«الوطن» أنه: «وكما اعتدنا في ألف نون كصالة عرض أو كرحم حقيقي ولد في هذه الأزمة، على مشاريع نوعية تخلق نوعاً من الجسور والتآلف بين كل أطياف المجتمع السوري وأحد أهم أدوات الجسور التي نعمل عليها هو جسر الفنون «جسر الرسم وجسر الأدب وجسر الشعر والنحت» وغيرها، لنثبت بشكل من الأشكال ونبين دور الفن أمام هذه الانتصارات المهمة التي يحققها جيشنا فالفن هو الضمير الشاهد على الأنسنة».

وأضاف جحجاح: «إنني كتشكيلي أو إنسان له فلسفة خاصة يعمل ضمنها اكتشفت أن الدرويش الخاص بي يأخذ في يده اليمين طاقة وبذوراً أحياناً يأخذها بيده اليسار ويبذرها في الأرض هذه المرحلة هي التي تنبت الحبق، والحبق موجود بحالة التأمل التي أمارسها دائماً في حياتي الطبيعية ودفعني للملاحظة بأنه جزء من كلمتين في غاية الأهمية هما «حب وحق»، والحبق هو عكس القبح ونرى اليوم عبر التأمل وإذا ما اعتبرنا أن نقطة الباء هي البذرة فالناتج التي تولده يكون حتماً الحب واللطف والتسامح وكل شيء إنساني، والحق هو القيم الأخلاقية التي ربينا عليها».

وأفاد جحجاح أنه: قمنا في «ألف نون» على استقطاب مجموعة من الفنانين في البداية وبسبب طاقة الحب ازداد عددهم جداً ولم نستطع أن نقول لا كما حالة العشق فالمكان الصغير يتسع دائماً للمزيد من الحب، مبيناً أن الأمل والبوصلة التي نسعى لها دائماً هي النصر القادم والقريب ونحن غالباً ما نبشر بذلك فعند ما عملنا معرض حلب تحررت حلب بعد شهر، لذلك أقول إن هذه النبضات الموجبة لها تأثير في المدار السوري العام».

وأوضح جحجاح أن «حالة حبق» التي تشكلت في رحم ألف نون للفنون والروحانيات من قلب دمشق توجد فيها طاقات لـ43 فناناً تشكيلياً من جميع أنحاء سورية يجتمعون في معرض واحد ويشاركوننا رؤاهم وأحلامهم وآمالهم ونحن عبر استضافتهم نقدم لهم أرواحاً من حبق من أمّنا الطبيعة لنقول معاً جملتنا السورية المؤنسنة بكيمياء جوهرها ترابط مفردة حبق التي تبوح بمكنونها السري فتهمس لنا ما بين «حب وحق» وتختصر بذلك مفردات الجمال التي تربى عليها الشعب السوري وتحضرني بعض الأبيات للشاعر الجميل إيليا أبو ماضي التي أعتبرها ترياقاً على جسر الحياة:

كن بلسماً إن صار دهرك أرقما
وحلاوة إن صار غيرك علقما
إن الحياة حبتك كلَّ كنوزها
لا تبخلنَّ على الحياة ببعض ما..
أحسنْ وإن لم تجزَ حتى بالثنا
أي الجزاء الغيثُ يبغي إن همى؟
مَنْ ذا يكافئُ زهرةً فواحةً؟
أو من يثيبُ البلبل المترنما؟
ياصاحِ خُذ علم المحبة عنهما
إني وجدتُ الحبَّ علما قيّما
أحبب فيغدو الكوخ قصرا نيّرا
وابغض فيمسي الكون سجنا مظلما

لأجل سورية والسلام
وكانت صالة «ألف نون» للفنون والروحانيات أطلقت مع بداية العام الحالي مشروعاً بعنوان «لوحة وجملة» بهدف دعم المجتمع الأهلي المحلي من خلال إصدار تقويم شاركت فيه مجموعة من الفنانين التشكيليين السوريين عبر لوحاتهم مدونة عليها عبارات تدور حول «المحبة والرحمة والخير لأجل سورية» حيث وزع التقويم مجاناً لبعض الجمعيات الأهلية في المحافظات ليعود ريع المبيع لها.

كما أطلقت بالتعاون مع وزارة التربية مشروعاً ثقافياً بعنوان «ألوان وأفكار من أجل السلام لسورية» بهدف نشر الطاقة الإيجابية للطلاب في جميع المدارس من خلال رسم لوحات تعبر في مضمونها عن «التسامح» الذي يمثل شعار المشروع.


سارة سلامة

جريدة الوطن السورية

Share/Bookmark

اسمك

الدولة

التعليق