فرقة «هامش» تنطلق من حمص إلى كل سورية
13 تشرين الأول 2016
.
يبقى الأمل هو المحرك الباعث لضرورة الاستمرار ومواصلة العيش ومحاولة تجاوز كل ما أمكن رغم ما مرّ على سورية عموماً ومدينة حمص خصوصاً من ظروف ومآس وأهوال، ولأنّ هذه هي قواعد الحياة كان لابد أن تنبض وتخرج فرقة «هامش» من عتمة الدمار ومن قسوة الركام ململمة بموسيقاها وأصوات كورالها كل من تشرد، محتضنة الآلام والجراح في عمق القلوب داعية إلى الفرح وحسن الإصغاء إلى ما هو أصيل وما هو سيبقى ولن يندثر مهما حصل، حاله كحال سورية بكليتها، انطلقت الفرقة جامعة بين عازفيها وأصوات كورالها من هم براعم للشباب، وربما أغض، ومنهم من تمتّع بسحر النضوج أو عاش مراحل متقدمة بالعمر واصلا لسن الحكمة، إنهم من أبناء سورية ومن كل فئات مجتمعها ومن كل الثقافات والمعتقدات، مؤكدة فرقة، «هامش» أنها حاضنة للجميع متمثلة بسورية الحاضنة للكل.
الاسم هامش
هناك الكثيرون ممن يرون أن الهامش هو الوقوف على جنب، وكون المرء مثلا هامشياً فهذا يعني أنه سطحي أو ربما دوره ليس بالقدر من الأهمية، فلهذا هناك من ينفعل ويرفض الوقوف ويصرخ بصوت عال «أنا لست على الهامش»، ولكن هنالك البعض ممن بإرادته اختار الوقوف على الهامش معتبرا نفسه المرجعية التي منها يتم تفسير المفردات وشرح العبارات وربما شرح التصرفات، وهكذا هي فرقة «هامش» اختارت هذا الاسم كي تكون خلاصة أو نتاجاً، سلام حجازي من مؤسسي الفرقة «لقد اخترنا اسم «هامش» للفرقة لأننا نريد أن نأخذ هامشا من الحياة رغم أننا سنقف على جنب إلا أن وقوفنا هذا ليس سلبيا لأننا سنعمل شيئاً نحبه ونؤمن به رغم كل ما يحيط بنا من ظروف وأحوال، والهامش في تفكيرنا له أهميته وقيمته فمثلاً الهامش في ضبط الشرطة وفي القضاء هو الخلاصة والخلاصة لكل شيء، وفي فرقتنا وما سنقدمه من عروض سنكون متفردين ومميزين».
ظرفٌ قاسٍ
البداية دائماً صعبة وهناك مطبات ومعوقات تمنع المواصلة فكيف إذا كان الظرف كالأزمة السورية وما حملته، ورغم ذلك كانت البداية من سنة وتسعة أشهر، وابتدأت الحكاية من مجرد جلسة على طاولة في قهوة وبين عزف لبعض الأغاني كان فيها التشاور والتباحث بإمكانية أن تكون الفرقة كبيرة وليست فقط من عازفين اثنين يجلسان في القهوة ويسامران بموسيقاهما روادها والمارة، وهكذا بدأ السعي والاتصال مع العازفين الذين غادروا حمص المدينة إلى أن تجمّع أبناؤها من جديد وأصبحت الفرقة حاضرا وكان أول حفل لها في تاريخ 4/11/2014، علي القش أحد مؤسسي الفرقة «كنا نعزف الموسيقا في قهوة في حمص وكان وقتها الوضع الموسيقي صعبا جداً وأخذنا نفكر لو أننا قمنا بتطوير الفرقة بضم عدد أكبر من الآلات والعازفين وتواصلنا مع ما أمكن منهم والذين وللأسف كان معظمهم قد سافر إلى الخارج ولكن بعد التواصل حضر بعضهم وقمنا بالبروفات وكان عنوان الأمسية «موسيقا الزمن الجميل»، كان الحضور قليلا بسبب الخوف من الأوضاع ولكن كل من حضر استمتع وكان سعيداً بما قدمناه»، كما تحدث سلام حجازي «كانت فرقة «هامش» أول فرقة موسيقية سورية تقيم أمسية في المركز الثقافي في حمص بعد تحريرها، تابعت الفرقة وازداد عدد الأعضاء فيها واستمرت بالسعي لإقامة حفل ثان وكان اسم الحفل «تحية إلى عمالقة الطرب» ولكن تمّ الغاؤه قبل ساعتين من مباشرته بسبب الأحداث القاسية التي حصلت في طرطوس، ولكن عدنا لإحيائه من جديد بتاريخ 8/9/2016، ونحمد اللـه كان الحضور كبيراً واستمتع جداً بأغاني الحفل الذي استمر لساعة ونصف الساعة وكانت الأغاني لوديع الصافي وفيروز ووردة وعمالقة الطرب، كما كان هناك سؤال عما هو جديد من الحفلات».
فرقة متنوعة
التنوع جميل وخاصة إذا كان متناغما ومنسجما من حيث العمر أو الفئة الاجتماعية أو التعليمية أو الخبراتية، وعندما يُصب في قالب يخرجه إلى العالم بطريقة كما ذكرت منسجمة يكون العمل جيداً، سلام حجازي عازف غيتار في الفرقة «أعضاء الفرقة ليسوا من العمر نفسه فمن بينهم طفلة بعمر ثلاثة عشر عاماً ومن بينهم من هو بعمر الستين وهذا أمر جميل وخاصة أن معظمهم من الهواة والموهوبين ومن بينهم أيضاً الموسيقيون الأكاديميون ومنهم من يقوم في حياته بالأعمال الحرة كمهنة يمارسها ومنهم من هو مهندس مدني ومنهم من هو من طلاب الجامعة ويتابع دراسته، ولكن الكل اجتمع في هذه الفرقة كي يعيد إحياء الطرب والتراث السوري ويقدّمه إلى الناس بأسلوب يعبّر عن تفكير ومشاعر كل واحد منهم».
العدد حسب العرض
تأسست الفرقة من خمسة أعضاء ولكنها توسعت ووصلت إلى خمسة وعشرين عضواً بين كورال وعازف، ولكن هذا العدد غير مستقر فهو متقلّب مع تقلّب الظروف التي تحكم الأعضاء، الذين كما ذُكر سابقا، منهم من يتابع دراسته المدرسية أو الجامعية ومنهم من يمارس مهنا حرة سعيا لتأمين لقمة العيش هذا بالإضافة إلى ما ذكره سلام حجازي «عدد أعضاء الفرقة ليس ثابتا فهو خاضع لطبيعة العروض التي ستقدّم ولكن المؤسسين هم خمسة أشخاص وكامل العدد خمسة وعشرون، وبالنسبة إلى طبيعة العروض فهي متنوعة بين الشرقي والجاز، وما أريد ذكره هنا أن الفرقة تضم عدداً من العازفين الهواة وغير الأكاديميين ورغم ذلك أثبتوا جدارتهم وحبهم للموسيقا وإصرارهم على الاستمرار في النجاح بتقديم الطرب الأصيل الراقي».
كورال متفرد
تميزت فرقة «هامش» بأنها تضم كورالاً كبيراً وهو غير موجود بأي فرقة أخرى، سلام حجازي «يوجد كورال في الفرقة وهو مؤلف من أحد عشر شخصاً أعمارهم متفاوتة من 13 سنة حتى ستين سنة، وهذا أمر يميّزنا في سورية بشكل عام وحمص بشكل خاص بأن يكون لدينا كورال بعدد كهذا».
مشاكل ومعوقات
الظروف القاسية دفعت الكثير من الموسيقيين إلى السفر لهجر وطنهم ولكن رغم التحديات والمخاوف من الأوضاع التي تحلّقت حول المكان، كان التحدي أقوى بالمراهنة وكسبها بتحقيق الانطلاقة، لكن يبقى القلق مما هو أهم، وهو الاستمرارية التي تحتاج، مهما كان الإيمان كبيراً والسعي المبذول مع الجهد أكبر، إلى دعم ثقافي ومادي كبير وهذا ما يأمله أعضاء الفرقة بمشوارهم الفني، سلام حجازي «نحن تحدّينا كل الظروف والصعاب واستطعنا أن نوجد لأنفسنا هامشا يناسبنا ويناسب أحلامنا التي سنسعى بكل ما أوتينا إلى تحقيقها، ونحن اليوم نعول كثيراً على المجهود المبذول من المعنيين والمسؤولين بما يحاولون تحقيقه رغم كل ما نواجهه في الواقع من صعوبات كما نأمل من وزارة الثقافة ومديري الثقافة بالمحافظات أن يحققوا الاهتمام المطلوب وخاصة أن مساعيهم في هذا الأمر جادة، ونتمنى أن يتم حل معظم مشاكلنا وخاصة أننا بحاجة إلى أماكن للتدريب وللبروفات، وبحاجة كبيرة إلى دعم مادي وإعلامي، وضمن كل ذلك نحن نسعى بما هو متاح ومستطاع ونتواصل لإحياء حفلات من حمص إلى باقي المحافظات وأيضاً لإحياء حفلة في دمشق في دار الأسد للثقافة والفنون».
سوسن صيداوي
alwatan