الفنان علي شاهين: مسلسلات البيئة الشامية شوّهت المجتمع الدمشقي العريق

21 تموز 2014

.

يرى الفنان والمخرج علي شاهين أن من أوليات الدراما التعبير عن مجتمعها وهموم الناس الذين يشاهدونها وحمل قيم الخير وحب الوطن في مواجهة الشر والقيم الفاسدة وتكريس العادات الجيدة والنماذج الايجابية في الحياة. ويقول الفنان شاهين في حديث لمراسلنا إن الدراما السورية منذ انطلاقتها في ستينيات القرن الماضي قدمت حكايا الناس وكانت مرآة جميلة عن المجتمع السوري فتخطت حدود الوطن وصارت دراما عربية محبوبة مع الوقت من خلال الفكر الذي تطرحه والقالب الفني المتميز الحامل له بفضل موهبة الفنانين والمخرجين السوريين.

ويضيف شاهين: «إن تحول الدراما السورية في السنوات الاخيرة إلى صناعة ومجال استثمار اخذها إلى أماكن جديدة حققت من خلالها الكثير من النجاحات على مستوى النص والاخراج وحصلت على أرباح مادية عالية بفضل حضورها ولكن في ذات الوقت صارت تخضع لأعراف السوق التجارية ومتطلباتها».

ويرى مخرج أوبريت جاي الأمل إن الازمة التي تمر بها سورية منذ اكثر من ثلاثة سنوات أضرت جداً بالدراما السورية من خلال صعوبة التصوير ومن ناحية اخرى بسبب الحصار الذي فرضته الكثير من المحطات العربية على الانتاج الدرامي السوري ما تسبب بتوقف عدد من شركات الانتاج عن العمل وانخفاض سوية اغلب الاعمال المنتجة. ويتابع شاهين: «إن دخول رأس المال الخليجي على الدراما السورية اضر بها بشكل كبير فهو بات يتحكم في المواضيع التي تقدمها وبالشكل الذي يجب أن تخرج به إلى جانب تكريسه لوجوه محددة من الممثلين ما همش الكثير من الممثلين الاخرين وأبعد الدراما عن مجتمعها وناسها فصارت اغلب اعمالها تحمل صورة مشوهة عن المجتمع السوري وذلك قبل الازمة الحالية بسنوات».

ويعبر مخرج فيلم العريضة عن استيائه من انسياق عدد من القائمين على الصناعة الدرامية سواء بالانتاج او التاليف او الاخراج والتمثيل وراء رغبات وامزجة الممول الخليجي سعيا وراء الكسب المادي الفردي وعلى حساب الوطن والمجتمع السوري فصاروا يشوهون العلاقات الانسانية والاجتماعية لدينا ويظهرون كل قبيح وفاسد كالعلاقات المشبوهة والخيانة والتطرف والفساد وكأن هذه القيم السلبية هي الوحيدة الموجودة لدينا مع غياب شبه تام للقيم والاخلاق الحميدة.

ويؤكد شاهين أن هنالك اعمالا تكرست خلال الاعوام الماضية سميت بمسلسلات البيئة الشامية كان هدفها تقديم المجتمع الدمشقي القديم والعريق بشكل متخلف ومشوه لا يعرف سوى تسلط الرجل على المرأة مع غياب شبه تام للعلم والادب الذي اشتهر به المجتمع الدمشقي في كل مراحل التاريخ. وعن تناول الازمة التي تعيشها سورية في الدراما يرى صاحب العمل الدرامي قمر ايلول إن هذه الازمة تستنزف طاقة الشعب السوري وتقديمها اليوم في الدراما لا يحمل سوى المزيد من الاسى والحزن للمشاهد المكلوم بوطنه لذلك يجب الانتظار لحين انتهاء الأزمة ومن ثم يتم طرح مسبباتها واثارها من خلال الدراما.

ولفت الفنان السوري إلى أن غياب عدد من الممثلين ممن كانوا يتقاضون اجورا خيالية وسفرهم خارج البلد اتاح امام الممثلين الاخرين فرصا للعمل بشكل مؤقت معتبرا أن هوءلاء بمجرد عودتهم سيأخذون مكانهم الذي تركوه سعيا وراء مصالحهم الشخصية وذلك بسبب تكريسهم لنجوم من قبل محطات البث العربية ومطالبتها بهم باستمرار. ويعتبر شاهين أن الفنانين عليهم واجب كبير تجاه وطنهم شانهم في ذلك شان كل مواطن سوري يحب بلده وذلك لرد جزء بسيط من فضل الوطن عليهم فمن خلال موءسساته وتلفزيونه تعرف الناس عليهم واحبوهم وصاروا نجوما يتقاضون اعلى الاجور في الداخل والخارج وهذا يستدعي الوقوف مع الوطن في ازمته وتقديم الاعمال الفنية الوطنية التي تعبر عن هذا الشعب وهذه الارض.

ويسعى المخرج شاهين حاليا للاتفاق مع جهة انتاجية لإنجاز خماسية /هوا غربي/ التي اعدها مع الكاتب سامر سلمان والتي يقدم من خلالها موضوعا غاية في الاهمية على حد تعبيره حيث لم تعد هذه المواضيع تشاهد في الدراما السورية وهو تضحية الام في سبيل اولادها وما تحمله هذه الحالة من قيم واخلاقيات يجب أن تتكرس في المجتمع. ويشدد صاحب مسلسل بارود هربوا على اهمية التنبه للأعمال السورية التي تنتج في الخارج والتي تحاول مقاربة المسلسلات التركية من ناحية الطرح والشكل ولكنها في ذات الوقت غريبة عن مجتمعنا وهمومنا واحلامنا ولا تسعى سوى للربح المادي بالنسبة للقائمين عليها والعاملين فيها على حساب صورة المجتمع السوري امام العالم وامام انفسنا.

ويختم المخرج شاهين بالتأكيد على أن الوسط الدرامي اليوم يحتاج إلى اعادة هيكلة كاملة وعدم السماح للفوضى والمزاجية الفردية والمصلحة الانانية للأشخاص أن تأخذ هذه الدراما إلى الهاوية فعندها سيخسر الجميع وهذا يستدعي عملا جادا يعتمد التخطيط وتوجيه الطاقات الفنية لتقديم دراما وطنية شعبية تعبر عن الناس وهمومهم واحلامهم بعيدا عن حسابات الربح والخسارة المادية وبعيدا عن منافسة الدراما التجارية العربية على حساب هويتنا الثقافية والفنية والوطنية.


محمد سمير طحان

سانا

Share/Bookmark

اسمك

الدولة

التعليق