في ذكرى ميسلون- كم لنا من ميسلون نفضت...عن جناحيها غبار التعب!!

24 تموز 2013

.

رغم ما أظهره وزير الدفاع يوسف العظمة من بطولة وصمود ومن ورائه الجيش العربي السوري أثتاء معركة ميسلون، لكن كانت المعركة غير متكافئة بين الوطنيين السوريين وجيش الاحتلال الفرنسي، فكان من نتيجتها استشهاد يوسف العظمة، واحتلال دمشق، وإعدام جماعة من الوطنيين، هذا الحدث الجلل، أثار حفيظة الشعراء والأدباء ليس في سورية فحسب بل في الوطن العربي على امتداد مساحاته... وقد سجل أمير الشعراء أحمد شوقي نكبة دمشق هذه في إحدى قصائده التي تعد من عيون الشعر العربي الوطني في العصر الحديث ومنها نقتطف:‏

سلام من صبا بردى أرق‏

ودمع لا يكفكف يا دمشق‏

ومعذرة اليراعة والقوافي‏

جلال الزرء عن وصف يدق‏

وبي ممارقتك به الليالي‏

جراحات لها في القلب عمق‏

دم الثوار تعرفه فرنسا‏

وتعرف أنه نور وحق‏

ولقد صور الشاعر خير الدين الزركلي وحشية الفرنسيين في معركة ميسلون، ووصف تلك الساعات الحرجة من حياة الأمة التي تعرضت للخيانة والغدر من قبل الحلفاء، وما أشبه اليوم بالأمس، قال الشاعر عن المعركة غير المتكافئة:‏

الله للحدثان كيف تكيد‏

بردى يفيض وقاسيون يميد‏

لهفي على وطن يجوس خلاله‏

وطني ولا يتصدع الجلمود‏

شر البلية والبلايا جمة‏

أن تستبيح حمى الكرام عبيد..‏

لقد كان يوم 24 تموز يوماً حاسماً، هاجم فيه الفرنسيون القوات العربية بالدبابات والمشاة، وقد شاهد أحد رماة الدبابات الفرنسية يوسف العظمة وهو واقف خلف مدفعه، فأطلق عليه النار وأصابه برأسه وصدره وسقط شهيداً، ولايزال ضريحه على بعد أمتار من طريق دمشق - بيروت، وقد كتبت زوجته على ضريحه «هذا وزير حربية الحكومة الشريفة، مات جندياً بشجاعة» وقال الشاعر خليل مردم بك يشيد ببطولات ميسلون بعنوان:«هوى التاج» يقول:»‏

مازال يقدم والأبطال محجمة‏

حتى المنية منه أصبحت أمما‏

فما تردد في تفضيل موردها‏

عن أن يقال وزير الحرب قد هزما‏

في ذمة الله أشلاء مجندلة‏

تقحمت جماجم الهيجاء مضطرما‏

قد أبلغوا النفس عذراً في مصارعهم‏

ومبلغ نفسه عذراً كمن سلما‏

لقد كانت معركة ميسلون رداً على إنذار الجنرال الفرنسي غورو إلى حكومة الملك فيصل والذي تضمن من بين شروطه الخمسة، الطلب من الحكومة السورية الاعتراف بالانتداب الفرنسي رسمياً، دون قيد أو شرط، وقبل الملك فيصل ذلك، لكن وزير الدفاع يوسف العظمة رفضه من أساسه وخرج إلى ميسلون على رأس كتائب المجاهدين من الجيش والمدنيين لمواجهة الجيش الفرنسي المدجج بالسلاح وهو يقول:‏

لا يسلم الشرف الرفيع‏

من الأذى‏

حتى يراق على جوانبه الدم‏

وقاتل ومع معه بكل ما لديهم من قوة حتى سقط معظمهم شهداء الوطن والحرية، لترسخ هذه المعركة ثقافة المقاومة ضد المحتلين الذين لا يفهمون سوى لغة القوة والصمود والتضحية والمقاومة وهذا ما أثبته تاريخ سورية وتاريخ العرب المشرف وتاريخ الشعوب التحريري.‏

وتوقف الشاعر عمر أبو ريشة عند ميسلون وهو في نشوة فرح بالجلاء واعتبرها حجر أساس في نهوض أمتنا وثباتها رغم عاتيات الزمن. وهي بمثابة معارك أمة عبر تاريخه، وناضلت بشرف لنيل مبتغاها يقول:‏

كم لنا من ميسلون نفضت‏

عن جناحيها غبار التعب‏

كم نبت أسيافنا في ملعب‏

وكبدت أجيادنا في ملعب‏

شرف الوثبة أن ترضي العلا‏

غلب الواثب أم لم يغلب‏

إن معركة ميسلون وما جرى فيها ستظل مجالاً وأفقاً واسعاً للشعراء ينهلون منها، ويسكبون فيها مشاعرهم، وأفكارهم وستبقى ذكرى معارك الحرية، حافزاً ودافعاً للثقة بقدرة الشعوب على خلق المعجزات ونيل الحرية والاستقلال الوطني.‏

فتحية إلى الشهيد البطل يوسف العظمة، وتحية إلى جميع الشهداء الذين قضوا مدافعين عن حرية الوطن واستقلاله.‏


صحيفة الثورة السورية

Share/Bookmark

اسمك

الدولة

التعليق