الحرية الأولى والأخيرة كتاب المفكر الهندي كريشنا مورتي بنسخته العربية الأولى

15 تشرين الثاني 2011

عن دار بدايات للطباعة والنشر والتوزيع

يتضمن كتاب "الحرية الأولى والأخيرة" للمفكر الهندي جودو كريشنا مورتي مختارات من كتابات وأحاديث يجد القارئ فيها شهادة معاصرة عن المشكلة البشرية الجوهرية ودعوة إلى حلها عبر حلول جماعية من خلال النبش في الداخل الإنساني والوضوح في التفكير الصائب المعزز بالوعي الذاتي المكثف والتفكير الصحيح.

ويطور مورتي في نصوص كتابه الذي نقله إلى العربية المترجم السوري أسامة إسبر وجهات نظر مخالفة لمنظومة المجتمعات والأديان والعقائد القطعية حيث يعتبر أنها لا تقدم إلا حلاً مزيفاً للمشكلة الرئيسية لاستقصاء الحقيقة التي تختلف عبر الإيمان برموز شخص آخر ذلك أن الإيمان بالصحة الكاملة والقيمة المفرطة لأي أنظمة اجتماعية رمزية مفترضة لا يقود إلى التحرر وإنما إلى التاريخ وإلى المزيد من الكوارث القديمة التي مرت بها البشرية عبر عصورها السالفة.

ويدخل الانضباط الذاتي في قائمة الأشياء التي لا يقدمها كريشنا مورتي بالتعويل على هدوء الذهن الواعي واستقصاء مكامن اللاوعي البشري شارحاً في ذلك وجهة نظره حول رياضة اليوغا التي يعتبرها نوعاً من التركيز الذي يقود إلى إقصاء يبني جداراً من المقاومة مع الذهن يحول دون فهم الآخر وإمكانية بناء حوار معه.

ويتساءل المعلم كريشنا عما ينشده معظم البشر ولاسيما في عالم قلق يحاول الجميع فيه العثور على نوع من السعادة والطمأنينة وعن ملاذ يبحث عنه الإنسان في كوكب مليء بالفوضى والحروب والتنافس والنزاع فيقول.. هل نحن ننشد السعادة أم إشباعاً من نوع ما نأمل أن نستمد منه السعادة.. هناك فرق بين السعادة والإشباع فإذ كان المرء ينشد الطمأنينة فهو يستطيع العثور عليها بسهولة كبيرة إذا استطاع تكريس نفسه على نحو أعمى لقضية ما أو لفكرة يأوي إليها.

ويتعرض مورتي في كتابه لمفاهيم اجتماعية وثقافية عدة منها الرغبة.. الوعي.. البساطة.. الخوف.. الذات.. التناقض.. الجهد.. الإيمان.. فيقول.. إن الذهن الذي لا يعرف إلا سيرورة الزمن لا يستطيع التعرف على الحب كون الحب هو الشيء الوحيد الجديد دائماً وبما أن معظمنا صقلوا الذهن كنتيجة للزمن فإننا نتحدث عن الحب على النحو الآتي.. نحب أطفالنا.. زوجتنا.. جارنا.. نحب الطبيعة.. لكن في اللحظة التي نعي فيها أننا نحب يتولد النشاط الذاتي وبالتالي يتوقف عن كونه حباً.

ويجيب المعلم الهندي عن مجموعة من الأسئلة الفلسفية والفكرية المهمة ومنها كيف نستطيع أن ننهي الفوضى العالمية وهل بإمكان الفرد أن يفعل شيئاً إزاء الحرب الكونية الوشيكة مشيراً إلى أن الحرب هي الإسقاط الهائل لحياتنا اليومية فهي مجرد تعبير خارجي عن حالتنا الداخلية وتضخيم لفعلنا اليومي إذ إنها أكثر هولاً وتدميراً لكنها في النهاية نتيجة جمعية لأنشطتنا الفردية فالحرب الوشيكة دوماً لا يمكن إيقافها لأنها في حالة حدوث مسبق تنشب حالياً على المستوى النفسي.

ويشرح مورتي مفهوم الذاكرة معرفاً إياها بالزمن حيث أنها تخلق الأمس واليوم والغد فذاكرة الأمس تكيف اليوم ومن ثم تصوغ الغد ما يعني أن الماضي يخلق المستقبل عبر الحاضر مبتعداً في شرحه ذلك كما في كتبه عن أي فكرة مسبقة تصادر على الوعي والذهن الإنساني فالذاكرة لديه تأتي عبر الفعل في الحاضر لكن حين لا نمنح الحياة للذاكرة تتلاشى لأنها تشبه راسباً نفسياً تعرقل فهم الحياة وتعيق المشاركة الاجتماعية.

يذكر أن جودو كريشنا مورتي ولد في الهند عام 1895 لتتبناه بعد ذلك الجمعية الثيوصوفية معتبرةً إياه المعلم العالمي القادم الذي كانت تبشر به حيث بزغ كمعلم قوي لا يساوم وغير قابل للتصنيف ولم ترتبط أحاديثه وكتاباته بأي دين ليرفض فيما تبقى من حياته صورة المعلم التي حاول الآخرون أن يضفوها عليه مواصلاً جذب جمهور كبير من كل أنحاء العالم دون أن يصبو إلى سلطة أو مرجعية أو مريدين بل تحدث دوماً كفرد إلى فرد آخر.

وكتاب "الحرية الأولى والأخيرة" الصادر عن دار بدايات للطباعة والنشر والتوزيع يقع في 277 صفحة من القطع المتوسط وصمم لوحة الغلاف الفنان السوري أحمد معلا.


الوكالة السورية للأنباء - سانا

Share/Bookmark

اسمك

الدولة

التعليق