التراث والموقف النقدي التساؤلي: حوارات فكرية في كتاب جديد

31 آذار 2012

يضم كتاب «التراث والموقف النقدي التساؤلي» الصادر حديثاً عن دار بدايات مجموعة من الحوارات الفكرية تمت بين عددٍ من المثقفين والمفكرين العرب نشرت لأول مرة في مجلة مواقف. ويتطرق هذا الكتاب إلى مفهوم التراث في الثقافة العربية وسبل الإفادة من معينه الفكري في سبيل رفد الثقافة الإنسانية المعاصرة عبر التعرف على هذا التراث علمياً باعتماد المناهج التاريخية.

ويقول المفكر الجزائري الراحل محمد أركون في حوار جمعه مع كل من أدونيس وعباس طربيه وهاشم صالح بباريس عام 1980 «أن التراث من حيث الفكر والتقييم هو عبارة عن اتجاهات لابد أن تثير مع المشكلات التاريخية مشكلات فلسفية لتقييم الآراء بتقييم التراث نفسه وتقدير مدى أهميته ولهذا السبب أقف موقفاً نقدياً تساؤلياً من التراث فمعظم العرب والمسلمين بشكل عام إذ يطالبون بالرجوع إلى التراث فإنهم يفعلون ذلك غالباً من أجل استخدامه أيديولوجياً لا معرفياً أو تاريخياً».

بدوره يوضح المفكر العراقي هادي العلوي «أن التراث العربي الإسلامي يتمتع بسلطان رسمي شعبي بوأه مكانة خاصة بين تراثات الحضارات القديمة مما رتب على ذلك خضوعه لعواطف الجمهور لكن هناك من اتخذ من هذا التراث وسيلة لممارسة كل فنون الدجل وكأداة للتسلية تستحيل معها موضوعات علم التاريخ إلى لعبة تشيع ولعاً بالمأثورات وهواية لصيد الطرائف والحكم والأمثال لكن ذلك تراجع مع ظهور تيارات الفكر التقدمي الذي أدى إلى انعطاف جديد في النظر إلى قضايا التراث».

من جهته يشرح المفكر السوري الراحل أنطون مقدسي موقفين متعارضين للعرب من التراث «الأول هو الإشادة إلى حد التقديس أما الثاني فالإعراض حتى الرفض المطلق والنتيجة واحدة تشير إلى أن موقفنا المتناقض يدل على أننا لا نعرف تراثنا وعلى أن هذا التراث أصبح بالنسبة للكثيرين منا أصم وأبكم أو لغزاً نعجز عن حله فنشتمه أو نقدسه تبعاً لنزواتنا وأهوائنا أو تبعاً لمواقفنا الفكرية والسياسية المتقلبة حيث تصور الأساطير القديمة لنا أن التراث هو كأبي الهول الذي يقف على عرض الطريق يلقي أحاجيه على المارة فإن لم يفكوا رموزها افترسهم».

ويعرف مقدسي التراث بأنه كل «ما هو من الماضي وما خلفه الأجداد للأحفاد إرثاً جعلهم على ما هم عليه خلقاً وتكويناً وتطلعات فهو عادات وتقاليد، قيم وأحداث، وهو أخيراً المكتوب والمنقول ويشمل بمعنى أدق كل ما سجل من الأدب والفكر على أنه ذا أهمية خاصة كونه يؤلف النواة الصلبة لمعرفة الماضي والتفاعل معه».

المفكر اللبناني الراحل حسين مروة ينادي بإحياء التراث العربي عبر تقييمه بمقدار ما فعل زمانه خلال المسار التاريخي لاسيما الجانب التقدمي من التراث ويقول: «لا أوافق على خطة الذين يحاولون العودة إلى القديم لمجرد كونه قديماً ليس غير بل أعتقد أن عمل هؤلاء بصرف النظر عن نياتهم يؤدي موضوعياً إلى تكريس وتبرير ما هو رجعي حالياً في الفكر العربي السائد ويقضي على استمراريته مستقبلاً».

ويعارض مروة أولئك الذين يستندون إلى ما هو رجعي في التراث لتبرير رفض التراث بكليته تاركين المجتمع العربي المعاصر يعتقد أنه ليس من سبيل سوى تقليد واقتباس انتقائي من الحضارة البرجوازية الغربية المعاصرة، فالارتباط بالتراث حسب مروة لا يعني الأخذ بنتائجه والاعتماد عليها في الوقت الحاضر بل يعني تقييم دوره التاريخي.

من جهته يقول العراقي نجيب المانع «أن تراثنا هو تراث العالم وهو الآمال العريضة،الأسئلة الخطرة، الإجابات الجاهزة، وردود الفعل المتشنجة بدل الفعل، ويتساءل كيف سنضيف كعرب إلى كل من الماركسية، الفيزياء، علم الحرب، الثورة الخضراء، الإخراج السينمائي، الفضاء، الدبلوماسية، الموسيقى، العلم، علم النفس، بحوث السرطان، وغيرها».

يذكر أن كتاب «التراث والموقف النقدي التساؤلي» يقع في 190 صفحة من القطع المتوسط وهو خلاصة حوارات ومحاضرات ورؤى تم نشرها في مجلة مواقف.


الوكالة العربية السورية للأنباء - سانا

Share/Bookmark

اسمك

الدولة

التعليق