فرقة الرها السريانية للرقص الشعبي

27 07

قرياقوس: الإعلام لا يصل إلينا ومهرجان إدلب أطلقنا!!

هل تتخيلين شعباً بلا ذاكرة؟ بهذه الكلمات اختصر جورج قرياقوس مؤسس فرقة «الرها»، أهمية الرقص الشعبي بالنسبة للشعوب وخاصة في بلدٍ قامت على أرضه أقدم حضارةٍ في تاريخ البشرية، وكـ«سريان» أصليين يعيشون في الرها شمال القامشلي، لم يحافظوا فقط على اللغة السريانية ولكن مازالوا كشعبٍ يمارسون الطقوس التي تعود جذورها إلى آلاف السنين.
يحاول قرياقوس العمل على إظهارها كموروثٍ أصلي عبر الرقص الذي عرفوا حقيقته من حركات الراقصين في الجداريات ومن التماثيل، أما الموسيقى التي مازالت روحها ممتدةً في السريان إلى اليوم، فتخبرنا الاكتشافات كما تُخبر العالم بأن أقدم نوطةٍ موسيقية ظهرت على هذه الأرض، وأقدم مقطوعةٍ هي «نينوى» في ارض الجزيرة شمال العراق والتي عزفتها فرقةٌ نمساوية وأعادت عزفها بعد أن اكتشفوا الـ«ربع صوت»، افتتح بها قرياقوس وفرقة الرها لوحتهم الراقصة الأولى «أورنينا» -أول مغنيةٍ في التاريخ- في دورة مهرجان إدلب للرقص الشعبي الثانية بعد أن فازت الفرقة بالمرتبة الأولى في الدورة الماضية، وافتتحت هذه السنة مهرجان جبلة الثقافي، وتنال أينما حلت كل الاحترام لما تُقدمه من ثقافةٍ عالية في طريقة تعاملها مع أهمية الرقص الشعبي وطريقة تعاملها مع الفرقة كمدرسة علمية أصبح لديها مئة راقص تمتد أعمارهم من السادسة إلى الثامنة والثلاثين، لنكتشف أبعاداً أخرى للرقص الشعبي عندما يكون مشروعاً ثقافياً يشتغل على تقديم الإرث الحضاري للمنطقة.
من أين أتى اهتمامك بالرقص الشعبي؟
بالجزيرة كلنا نرقص من الصغير إلى الكبير وهذا تابعٌ لطبيعة بلدنا حتى بالأحزان لدينا رقصٌ خاص. إذا ما قاربنا ولامسنا تعريف الرقص الذي هو تعبيرٌ عن مكونات داخل الإنسان، ونبع هذا الاهتمام من الحياة اليومية التي نعيشها كلنا.
بدأت من الماضي المدون لأول مقطوعة وأول راقصة وأقدم معبد «عشتار» لتنتهي بالحاضر الشائع؛ كيف تنظر إلى الرقص الشعبي؟
نحن أصحاب حضارة عريقة وغنيّة يجب أن نراها في الرقص الشعبي الذي يختلف عن الفلكلور الذي سنطوره دون المساس بروح التراث الموجود، ومن خلال اللوحات الست التي قدمناها رأينا أورنينا أقدم راقصةٍ ومغنية في التاريخ، ترقص في معبد عشتار أو معبد «نينيفاد» المكتشف في ماري 1300 ق.م.
وآخر لوحةٍ احتوت على أكثر من اثنتي عشرة دبكةً شعبية قدمت في لوحات ولكن في فن الرقص الشعبي يجب أن نضيف التشكيل المسرحي، والذي اشتغلنا وحافظنا عليه وأعطيناه من إبداعنا لأننا نسعى إلى تطوير مدينتنا، فاستخدمنا القيثارة، والطبول، والصنجات، ثم استخدمنا «كنز الألحان السريانية» بالإضافة إلى الموسيقى الشعبية التي تعود إلى أبو الموسيقى الشعبية «بارطي سان» أول من عمل الجوقات والكورالات في العالم و«مار أفرام السرياني أو السوري» قديس لكن لديه 13 ألف قصيدة ملحنة عام 300 ميلادي. هذا التنوع الجميل الموجود يجب أن نشتغل عليه في الرقص الشعبي لأنه تراث البلد. إنه البلد.
هل تقصد أن هناك إمكانية للإضافة على الفلكلور من خلال التراث؛ حيث يعتبر الكثيرون أن الفلكلور ارثٌ ريفي وغير فني؟
هناك خطأ كبيرٌ جداً نمارسه عندما نربط الفلكلور بالريف والفقر، لأن الفلكلور وجِد عندما وجدت المدينة والحضارة وعندما كتبت، لا يوجد شعبٌ همجي عنده فلكلور. نحن ندبك في الأعراس، المطلوب في الرقص الشعبي أن نضيف عليه التشكيل المسرحي، وكثيرون من الناس يقولون إن الفلكلور السوري ليس إيمائياً أو تعبيرياً وهذا غير صحيح لأننا أثبتنا اليوم أنه يوجد إيمائي وتعبيري، من أين أخذناها؟ من الجداريات «اللوحات الجدارية» والإنسان المرسوم وهو يقوم بحركات معينة لها دلالاتها الكثيرة، ولكن من ذاك الوقت إلى اليوم مازال الإنسان يحتفظ بنفس الحركة والتي استمرت من الوثنية إلى اليوم، أضيف عليها علاقة الإنسان بالأديان.
لكن الكثيرين يربطون الرقص الشعبي بالدبكة؟
الدبكات الشعبية هي فعلٌ يقوم به كل الناس ولكن دون أن يعرفوا القصة، كل دبكةٍ أو رقصة لها قصة، لأن هناك سبباً لتحرك الإنسان، أدواتها التعبيرية هي الأرجل والجسد والعيون التحكم بالعضلات ومن هنا يأتي الرقص الشعبي كفنٍّ لأنه يجب أن يوصل فكرة هذه الدبكة والرقصة من خلال التشكيل المسرحي والإيقاعات الحركية فيفهمني غيري، لأن الفن والرقص هما الرسالة الأسهل لتقديم المعلومة.
لذلك تدخل الأزياء في الرقص الشعبي كعنصر معرفي؟
الأزياء مهمةٌ جداً لأنها تعكس جزءاً من طبيعة المنطقة فالمنطقة الجبلية لها لباسها السميك الذي يجب أن يحمي من البرد أما لباس السهول فهو لباس خفيف بسبب الحرارة. أيضاً الرسومات والتطريزات التي لها دلالاتها فيما يخص المعتقدات والطبيعة عبّر عنها الإنسان برسم النباتات الخاصة والأزهار المستمدة من البيئة واشتهرت منطقتنا بالكثير منها كدوار الشمس الذي يرمز إلى إله الشمس، وزهرة «اللالا» أو «شقائق النعمان»، وشجرة الحياة عند السومريين، وهناك أشكالٌ رُسمت نظنها أشكالاً هندسية إلا أنها جزء من الميثولوجيا كالمثلث والدوائر وأنصافها التي ترمز إلى شروق الشمس والنهار وغروب الشمس، ومربع الخصب، والخطوط الطولية والعرضية والأرقام، فالشعوب القديمة التي عاشت في سورية كانت تُقدّس الأعداد الزوجية.
أعطيت أهمية كبرى لثقافة المشتغل على الرقص الشعبي؟
نحن شعبٌ لدينا حضارةٌ غنية جداً هي نتاج لشعوب عاشت على هذه الأرض، لكننا اليوم لا نعرفها ولا نهتم بها، مع أنها ذاكرتنا التي يجب أن نبحث عنها؛ تخيلي شعباً بلا ذاكرة؟ الغرب يأتون ويقيمون الأبحاث والدراسات ونحن أولاد المنطقة لا نعرف حضارتنا وتراثنا، هذا غلطٌ مهما كان الأجنبي متقدماً لن يفهم ما نملكه كما نفهمه نحن وكما نفسره. أنا ابن البيئة أفهم جمالها إن كان سلبياً أم ايجابياً.
من يشاهد العرض يعرف بأنه مكلف كثيراً، من يمول ويرعى الفرقة ويتكفل بمصاريف التنقلات؟
مطران الجزيرة والفرات «متا روهوم» -مطران الكنيسة السريانية-. لأول مرة بالتاريخ رجل دين يرعى فنّ رقصٍ وليس جوقة تراتيل، فالكثير من الناس يظنون أن الرقص حرام! رغم أن الدين لا يتعارض مع الرقص وكلنا نردد في الكنيسة قول مريم العذراء: «اهتز الجنين طرباً في أحشائي» أي رقص يكون حراماً عندما يستخدم للشر كالتي رقصت أمام «هيرودوس» وطلبت منه رأس يوحنا المعمدان. المشكلة أن مديريات الثقافة في المحافظات لا تساعد بشيء وكل المصاريف هي على حسابنا ومصاريف الفرقة كثيرة مثل التنقلات ومصاريف السفر والاستراحات، وشراء الآلات، فقد اشترينا هذه السنة طبلاً ومزماراً ولم نتمكن من شراء الجمبش الآلة التراثية المكلفة! وكلفنا تسجيل الموسيقى نحو خمسين ألفاً والرحلة بمجملها ما يقارب مئتي ألف! ويساعدنا أيضاً الدكتور سمير إبراهيم الأب الروحي للفرقة في الوقت الذي لا تجد فيه فرقٌ أخرى أي جهة تدعمها وهذه مشكلة.
ماذا أضاف مهرجان إدلب للفنون الشعبية لفرقة «الرها» السورية السريانية؟
السنة الماضية شاركنا في مهرجان أما اليوم فنشارك في عرسٍ!! فقبل المهرجان لم نكن نحصل على فرصة التقديم حتى في المراكز الثقافية ونحن مدينون لوزارة الثقافة التي فسحت لنا المجال وقدمتنا من إدلب إلى كل الشعب السوري، ولن ننسى ذلك اليوم الذي انصفتنا فيه جريدة الوطن والتي فقدت من الأسواق منذ الساعة الأولى لتوزيعها في القامشلي، لأن الإعلام بعيدٌ عنا، فأنتم لا تعرفون عدد المهرجانات التي يشارك فيها أناس من كل العالم وهذا غلط، لأننا نريد أن نخرج بالثقافة السريانية إلى الكنيسة الأكبر سورية.
ماذا تقترح على المهرجان لكي يكون مفيداً للرقص الشعبي؟
درجت العادة أن تأتي الفرق، تُقدم ما عندها ثم تذهب في اليوم التالي. هكذا لن يتسنى لنا أن نُشاهد أعمال بعضنا بعضاً ونستفيد. لذلك اقترحنا في السنة الماضية على إدارة المهرجان أن يبقى الفنيون والمدربون طوال فترة المهرجان لكي يستفيدوا من التجارب المقدَّمة، لكن ذلك لم يحصل. أيضاً يجب أن تُقام دورة إعداد فلكلورٍ لكي تمتلك الفرق مفردات الفلكلور والرقص الشعبي، حتى يُصبح هناك تنافسٌ فالفرق بين فرقة وأخرى شاسع جداً. الثقافة الفلكلورية أهمُّ شيء. الغريب أنه لا يوجد ثقافةٌ فلكلورية وهذه مشكلة.


الوطن

Share/Bookmark

مواضيع ذات صلة:

    صور الخبر

    بقية الصور..

    اسمك

    الدولة

    التعليق

    جوني شمعون :

    مشكورين كل من ساهم في نشر هذة الرؤية الشبه توضيحية عن فرقتنا العزيزة فرقة الرها

    سوريا القامشلي

    الياس سهدو:

    شكر خاص من الفرقة الفلكلورية في الجمعية الثقافية للسريان في سوريا الى فرقة الرها


    (نتمنا التعاون)

    سوريا

    soso:

    شكرا

    8amshlo