شرفات موسكو تعانق نوافذ دمشق المعشقة

03 تشرين الأول 2011

معرض الفنانة الروسية فاندا لشينيوفا في الثقافي الروسي بدمشق

خمس وثلاثون لوحة زيتيتة على الزجاج نقلت إلى الزائر أحاسيس امرأة موسكوفية عاشت أكثر من عشرين عاماً في بر الشام لتندمج هواجس فاندا لشينيوفا بضوء الزجاج الدمشقي المعشق وفي أكثر من تنويع بصري على مقادير الضوء واللون تحاول الفنانة الروسية مزاوجة قيم عديدة على سطح اللوحة ناثرةً رؤاها وفق خطوط لونية مشبعة بطاقة الضوء وقدرته على جذب سحر تشكيلي خاص لدى المتلقي.

ويضم المعرض الذي افتتح أمس في صالة المركز الثقافي الروسي بدمشق ما يشبه موزاييكاً دمشقياً استطاعت من خلاله الفنانة لشينيوفا توحيد أحاسيسها اتجاه مدينتي موسكو ودمشق عبر مقاربة فنية امتزجت فيها عدة مكونات العمل التشكيلي إذ وفق هارموني متوازن لتجاورات ناعمة من الألوان الحارة تمكنت التشكيلية الروسية من ملء فراغات اللوحة وتوزيع مفرداتها ومشاعرها كامرأة في موضوعات متعددة كان أبرزها رغبة هذه المرأة في التعبير عن حياتها قبل وبعد الزواج وما يتركه هذا الأخير على أيامها من تكرارية تصل حد الملل والاختناق.

وقالت الفنانة لشينيوفا إن شغلها اليوم على الزجاج يأتي تكملة لمشروعها الفني الذي بدأته منذ أكثر من سبعة أعوام كون البلور مادة لديها قدرة على عكس شفافية استثنائية في مخاطبة المتلقي وفي تظهير خبرات جديدة لدى الفنان التشكيلي تجعله يكتشف نفسه ولاسيما في اعتمادها على الألوان الأكثر سخونة وإشعاعا حيث أستطيع دائماً أن أجد ما يعنيني كامرأة وكإنسان في شغلي اليومي على مقاطع جديدة من الغرافيك الزجاجي المتموج بقدرة اللون على محاكاة منابع الطاقة والضوء في هذا العالم.

وأوضحت الفنانة الروسية المقيمة بدمشق أن تحضيرها لمعرضها الجديد استمر أكثر من ثلاث سنوات من الشغل المتواصل على مادة الزجاج تمكنت من خلاله عكس طبيعة خاصة بالمرأة الروسية وخصائصها الأنثوية في رؤية المدن الجديدة التي عايشتها فكل لوحة تعتبر موضوعاً قائماً بحد ذاته لجأت عبره لخلق كائنات أقرب إلى الحلم منها إلى الحقيقة معولةً على رومانسية المدينة الشرقية التي كان لها وقفة أمامها من خلال تفاصيل معمارية خاصة في كل من دمشق وموسكو.

وأضافت لشينيوفا في حديث خاص لسانا أنها حاولت تعريف الجمهور على تقنيات غير مستخدمة على سطح الزجاج معتمدةً على روح المرأة الروسية العابقة بالطفولة والحنين متناولةً ذلك التشابه الحضاري اللافت بين موسكو ودمشق القديمة خصوصاً بما يتعلق بهندسة الدمشقيين لبيوتهم وشرفاتهم بطريقة قريبة لشغل الشعب الروسي على زجاج المنازل وتلوينها بحساسية مشرقية تقارب ولع السوريين بفن الزجاج المعشق وقدرتهم على التحكم بمنافذ الشمس ومساربها داخل البيوت الشامية العتيقة.

وخصصت الفنانة الروسية لوحة في معرضها اللافت كبورتريه شخصي لها قالت إنه يمثل قدرة المرآة على التقاط الحميمي والداخلي والجواني للمرأة من خلال علاقتها بهذه المرآة ونزوعها المستمر إلى محاولة التطابق معها لذلك جاء هذا البورتريه كوجه مواز لوجه أي امرأة تحلم بالنفاذ إلى عالم ما وراء المرايا في سعي يومي لاكتشاف العالم الداخلي للأنثى ومشاعرها اليومية تجاه الطبيعة والعالم والرجل في نظرة تستنطق عبرها الزجاج كمرآة باهرة في نقل شغفها وحبها المستمرين لحركية اللون المشبع بإنارة قوية ومتدفقة في آن معاً.

وتستغرق لشينيوفا في مزج أكبر كمية من الألوان الحارة معتمدة على الأحمر والأزرق والبرتقالي والأصفر في إنجاز موضوعات لوحاتها متكأة على غرائبية خاصة تقترب من سريالية بيكاسو وخطوط سلفادور دالي وتجريدية كاندينسكي لتقديم ما يشبه عالم لانهائي من مرايا متقابلة ذات سطوة بصرية على المتلقي غارفةً من مفردات الطبيعة الروسية واحتفالها بالضوء كقيمة عالية الدلالة والحميمية وعبر احتفاء خاص بتكونات تجريبية لحيوانات ووجوه بشرية ومقاطع لنهر الفولغا والصحراء الثلجية في سيبيريا معتمدةً على غنى شخصيات الأدب الروسي ولاسيما في رواية تولستوي الشهيرة /آنا كارنينا/ التي استقت منها فاندا شفافية النساء في بلادها واحتفالهن بالحب حتى النهاية.

يذكر أن المعرض مستمر حتى الحادي عشر من تشرين أول الجاري في صالة المركز الثقافي الروسي والفنانة لشينيوفا تحمل شهادة في الهندسة المدنية من جامعة موسكو عام 1987 وهي عضو نقابة الفنانين السوريين منذ عام 2005 ولها العديد من المعارض الفنية والتشكيلية.


الوكالة السورية للأنباء - سانا

Share/Bookmark

اسمك

الدولة

التعليق