إثنان وخمسون عاماً على رحيل كاتب «حماة الديار»

20 تموز 2011

الشاعر خليل مردم بك

لا يمكن أن يوجد نص شعري راسخ في ذاكرة الأجيال في سورية كما هو نص الشاعر الراحل خليل مردم بك /حماة الديار/ هذا النشيد الذي ما إن يطلق حتى يرفع علم الوطن عالياً فحضور هذه القصيدة العظيمة يوازي بين وقع الموسيقا الرصينة والكلمات الصلبة مع ألوان العلم فالنشيد الذي خطه مردم بك كان ابن هذه الأرض بجدارة فاستحق الشاعر الخلود بنصه.

كان خليل مردم بك حالة شعرية فريدة في الأدب العربي خاصة من جانب التصاقه بالهم الوطني والعمل السياسي بشكل مشابه لاندماجه بالأدب والشعر كما أن ميزته كقيادي في وسطه جعلت منه صاحب رأي مسموع وكلمة ذات وقع مختلف على آذان الناس.

منذ طفولة مردم بك تهيأ له وسط فكري مناسب وأساتذة كبار في مجال الفكر والأدب حيث درس الحديث على يد الشيخ بدر الدين الحسني والفقه مع الشيخ عطا الكسم مفتي الشام والصرف والنحو عند الشيخ عبد القادر الإسكندراني ليبدأ الكتابة في سن مبكرة فكان أول إنتاج له /جمهرة المغنين/.‏


النشيد الوطني

اتجه مردم بك في بداية حياته للعمل في مجال التدريس إلا أن اتجاهه الشعري كان طاغياً على مهنته ما دفعه لإنشاء الرابطة الأدبية مع مجموعة من زملائه بعد أن تم تعيينه معاوناً لمدير ديوان مجلس الوزراء مع بداية حكم فيصل وضمت الرابطة حينها نخبة من رجال الفكر والأدب منهم سليم الجندي/أحمد شاكر الكرامي/عز الدين التنوخي/شفيق جبري/محمد الشريقي/ماري عجمي/فخري البارودي/عبد الله النجار/حليم دموس وجميعهم انتخبوا مردم بك رئيساً للرابطة وصدر العدد الأول من مجلة الرابطة الأدبية في أيلول 1921 إلا أنها توقفت بعد صدور تسعة أعداد.‏

عانى الشاعر كثيراً جراء مواقفه تجاه الاحتلال الفرنسي لبلده ومع اندلاع الثورة السورية بدأ ينشر قصائده الوطنية لرفع الظلم والطغيان فهاجمته السلطات الفرنسية ليغادر إثر ذلك دمشق إلى لبنان ويسكن في قرية /المروج/ ثلاث سنوات وبعد عودته إلى دمشق لم يستطع أن يطيل المكوث فتجددت المشكلات وانكشف سر وجوده في دمشق فسافر إلى الإسكندرية ثم إلى لندن لدراسة اللغة الإنكليزية وآدابها وأمضى فيها ثلاث سنوات ليعود بعدها إلى دمشق حيث عين مساعداً لرئيس الأدب العربي في الكلية العلمية الوطنية التي أمضى فيها تسع سنوات ألف أثناءها سلسلة /أئمة الأدب العربي/ ونشر منها خمسة أجزاء هي/الجاحظ/ ابن المقفع/ ابن العميد/ الصاحب بن عباد/ الفرزدق/ ووضع النشيد الوطني لسورية عام 1936.

وكانت العودة إلى دمشق بمثابة عودة الروح والنشاط إلى نفس الشاعر فذاكرته المرتبطة بالرابطة الأدبية جعلته يؤسس مع رفاقه مجلة الثقافة التي ضمت د.جميل صليبا وكامل عياد ود.كاظم الداغستاني وتوقفت المجلة في حزيران 1934 بعد أن صدر منها عشرة أعداد.‏

كان اهتمامه بالشأن الوطني والسياسي واضحاً للعيان فعين في عدة مناصب سياسية ودبلوماسية وفي عام 1953 عين وزيراً للخارجية السورية وفي نفس العام تم انتخابه رئيساً للمجمع العلمي العربي وبذلك انصرف الشاعر نحو الاهتمام بشؤون المجمع وتشجيع المؤلفين وبقي رئيساً له حتى وفاته عام 1959.

ولم يقتصر حضور مردم بك الأدبي والإداري على دمشق حيث كان عضواً في مجمع اللغة بمصر وعضواً في المجمع العلمي العراقي وعضواً في المجمع العلمي السوفييتي وعضواً في مدرسة الدراسات الشرقية بلندن.

لم ينفصل مردم بك خلال عمله في مجال الأدب والسياسة والإدارة عن كتابة الشعر حيث كتب أكثر من 150 قصيدة كان أغلبها قصائد في حب الوطن والفكر القومي وأشهرها /حماة الديار عليكم سلام/ وبعضها في نواح اجتماعية ومراث وعاطفة.

كان أكثر ما اشتهر عن مردم بك هو منزله الذي كان عبارة عن منتدى أدبي وسياسي يجمع فيه كبار المفكرين والأدباء والشعراء رغم الظروف التي كانت تضيق عليه دائماً وقد زار منزله كل من أحمد شوقي /جميل صدقي الزهاوي /معروف الرصافي /خليل مطران /بشارة الخوري /إيليا أبو ماضي /أحمد حسن الزيات /إبراهيم عبد القادر المازني /محمود تيمور /زكي مبارك وغيرهم في 21 تموز 1959 رحل الشاعر تاركاً خلفه مجموعة كبيرة من المؤلفات وبيتاً اعتبر من أهم المراكز الثقافية في دمشق وسمعة طيبة في مختلف المجمعات العلمية والأدبية في الوطن العربي وتلامذة يرددون أشعاره ويقتفون القصيدة ومن أهمهم نزار قباني ونشيداً وطنياً تردده الأجيال وتعرف أنه من تأليف العلامة خليل مردم بك.


الوكالة السورية للأنباء - سانا

Share/Bookmark

اسمك

الدولة

التعليق