مدينة البارة الأثرية لوحة فريدة تعكس غنى الحضارة السورية

14 أيار 2011

تضم أكبر مجموعة من الخرائب الأثرية

تضم مدينة البارة الأثرية في محافظة إدلب أكبر مجموعة من الخرائب الأثرية التي تعود إلى العهود الرومانية والبيزنطية والعربية وتشكل مدينة كاملة بكل مؤسساتها الدينية والاقتصادية والاجتماعية والعسكرية حيث يجد فيها السائح لوحة تراثية ومعمارية جميلة وخاصة انها محاطة بأشجار الزيتون الباسقة بين الأطلال كما أنها ترتفع عن سطح البحر مسافة 850 متراً وتبلغ مساحتها 6 كيلومترات مربعة.

وتقع مدينة البارة على السفح الغربي لجبل الأربعين وعلى بعد 34 كيلو متراً عن مدينة إدلب و 93 كيلو متراً عن مدينة حلب و110 كيلو مترات عن مدينة اللاذقية حيث تتوضع وسط هضبة كلسية ما أكسبها موقعا سياحياً جميلاً.

وقال الدكتور أنس حج زيدان رئيس شعبة التنقيب الأثري والترميم في دائرة أثار إدلب ان أثار البارة عبارة عن بقايا أبنية أثرية قديمة متناثرة لافتاً إلى أنها لعبت دوراً في القرن الثاني قبل الميلاد حيث وجد اسمها منقوشا على حجر عثر عليه ضمن بناء يسمى الدير حيث عرفت المدينة باسم كفر أدبرتا.

وأضاف أنه في العصر الروماني أطلق عليها اسم كاروبيرا ثم عرفت باسم كفر البارة ثم الكفر بعد ذلك عرفها مؤرخو العرب باسم البارة مشيراً إلى أن وجود المقابر الإسلامية القديمة والمساجد الصغيرة المهجورة والنقوش العربية المتنوعة يدل على استمرار الحياة الثقافية والزراعية فيها لقرون عديدة قبل الغزوات الصليبية وبعدها كما تدل الدراسات الأثرية على أن أقدم بناء فيها يعود إلى العهد الروماني من القرن الثاني بعد الميلاد.

وأوضح حج زيدان أن البارة في العهد البيزنطي كانت تتبع إداريا إلى أفاميا مع أن علاقاتها مع مدينة انطاكية كانت أقوى وأكبر ونتيجة موقعها الهام والازدهار الاقتصادي الكبير الذي عاشته في ظل البيزنطيين طمح الصليبيون في السيطرة عليها واحتلوها في أواخر القرن الحادي عشر الميلادي عام 1098 ثم هزموا وطردوا بعد 25 عاما.

وبين رئيس شعبة التنقيب الأثري والترميم أن البيوت السكنية القديمة من أهم الأثار الباقية في المدينة حتى الان حيث مازالت تحتفظ في أغلب الأحيان بطابقين ما يدل على حالة الرخاء التي كان يعيشها سكان المدينة وتزين واجهاتها النوافذ والمحاريب والتيجان والأعمدة والنقوش والزخارف المنفذة بدقة وإتقان والسقوف الواقية البارزة في واجهة البيت والمؤلفة من بلاط حجري ضخم ناتئ إلى الأمام يعد بمثابة شرفة للمنزل ومعظم البيوت لها أروقة ودهاليز كبيرة إضافة إلى أقبية مقسمة إلى ردهات صغيرة تستعمل لتخزين المؤن.

ولفت حج زيدان إلى وجود معاصر للزيت والنبيذ ببعض الأقبية فيها حيث مازالت مكانها حتى وقتنا الحاضر موضحاً أن إحدى هذه المعاصر تحمل فوق الفتحة التي ينزل منها النبيذ إلى طابق تحت الأرض كتابات باللاتينية ترجع بناءها إلى العهد البيزنطي.

وأشار إلى أن أهم مايزين البيوت في المدينة الزخارف والنقوش ورسوم الأوراق ونباتات الكرمة واللبلاب منوها بوجود بيت أثري مازال محافظاً على بنيته في حالة جيدة حتى الان ويعرف هذا البيت بدير سوباط ويسميه بعض الباحثين ب مقر سوباط ويقع في بقعة بشكل شبه منحرف طول قاعدتها الجنوبية 100 متر تقريباً وارتفاعها أقل من ذلك.

وتوجد في هذا البيت حديقة فيها أجران حجرية تشبه البرميل وفي زاويتها الشرقية مدفن ومربع مرتفع أقيم فوق 12 عموداً يعلوه سقف مثلث المقطع بطراز يوناني يحيطه إفريز مزخرف بضفيرة وبأوراق الدلب مبيناً أن بيوت البارة تعكس حياة الأفراد الخاصة في القرون الخامس والسادس والسابع ويلاحظ بأن طرق المدينة ضيقة ومرصوفة بالأحجار.

بدوره أوضح عبد السلام حمو رئيس شعبة المباني أن أثار البارة تضم 5 كنائس منها الكنيسة الكبيرة التي تقع إلى الشرق من المدينة ويلاحظ فيها وجود الكثير من الأعمدة والتيجان والحجارة المتناثرة وهو ما يدل على فخامتها مشيراً إلى أن طول الكنيسة يبلغ 25 متراً وعرضها 17 متراً ومن المحتمل أنها تعود إلى القرن الرابع أو الخامس الميلادي.

وأضاف أن الكنيسة الثانية تقع إلى جانب الأولى لكنها أصغر منها حجما لافتاً إلى أن هاتين الكنيستين ذكرهما الرحالة الكونت دو فوغويه أثناء زيارته للبارة وعلى بعد 160 متراً شمال الكنيسة الأولى يمكن مشاهدة كنيسة مسورة وهي أكبر من الأولى يبلغ طولها 30 متراً وعرضها 16 متراً ويعتقد أنها أقيمت على أنقاض معبد وثني وتسمى محليا بالحصن.

ولفت حمو إلى وجود كنيستين في المنطقة المجاورة للكنيسة الكبرى حيث تعتبر الكنائس الثلاث الأولى من أهم الكنائس في البارة وهي موزعة بشكل إيواني بازيليكي بمثابة أجنحة ويصعب على الباحث دراستها نظرا لانهيار السقف وكثرة الأنقاض فيها وتتميز زخارفها بالبساطة.

وقال رئيس شعبة المباني أن المدافن تتميز بكبر حجمها وهندستها المميزة حيث تتألف من قاعدة مربعة الشكل مبنية من الأحجار الكلسية المنحوتة يبلغ طول بعضها متراً وبعرض نصف المتر وبسماكة مشابهة للقياسات السابقة وفي جزئها العلوي يوجد الهرم كما تزين الجدران الخارجية لأكبر مدفن موجود في البارة ثلاثة مستويات من النتؤات الزخرفية والأصناف التي تزين أجزاءه بما فيها الباب وزخارفه على شكل نبات اللبلاب.

وأضاف أن المدفن الكبير يضم 5 نواويس حجرية وهي عبارة عن صندوق حجري بإرتفاع مترين وطول مترين ونصف المتر كان يوضع فيها الجثمان ثم يعلو هذا الصندوق غطاء حجري موشوري ذو زوايا ناتئة.

وأشار حمو إلى وجود مدفن آخر أصغر حجما تتميز حجارة هرمه بنقوش بارزة تشبه المقرنصات موضحاً أن أثار البارة تضم أيضاً قلعة أبو سفيان التي تعد من أقدم القلاع في سورية وتدل على أن العرب سبقوا الصليبيين في تشييد القلاع حيث تقع في الجهة الشمالية الشرقية من المدينة ويطلق عليها أهل البارة اليوم اسم البرج.

وتحدث حمو عن أن بعض الباحثين يعتقدون أن هذه القلعة بنيت في العهد الأموي بهدف التحكم في الطريق الواصل بين إنطاكية وافاميا وشيزر كما لعبت دوراً كبيراً في حماية مدينة البارة وهي تتألف من سور مزدوج عليه مجموعة من الأبراج لا تزال ثلاثة منها ماثلة حتى الآن ومن أهمها برج يصل إرتفاعه اليوم إلى نحو 15 متراً.


الوكالة السورية للأنباء - سانا

Share/Bookmark

اسمك

الدولة

التعليق

بارة:

ما اروع ان اعلم انا لاسمى معنى وتاريخ عريق شكرن
لكن سال اين هم سكان المنطقة

الجزائر